Al Jazirah NewsPaper Monday  15/09/2008 G Issue 13136
الأثنين 15 رمضان 1429   العدد  13136
السياسة الأمريكية ما بين أوباما وماكين «1-2»
د. وحيد بن حمزة عبدالله هاشم

قاربنا الوصول إلى نهائيات الانتخابات الرئاسية الأمريكية والنتيجة غير واضحة بعد، بل إنها بعيدة كل البعد عن قدرة أي محلل سياسي التكهن بمعرفة من سيصل إلى البيت الأبيض جون ماكين؟ أم باراك أوباما؟ وظن بعضهم أن مؤشرات الحسم قد تظهر مع وقائع مؤتمر الحزبين، ومع اختيارات كل مرشح لنائب الرئيس، أو حتى مع تطور لغة أي من المرشحين بما يليق بمتطلبات المرحلة السياسية الراهنة أو القادمة، وأخيرا في حال حدوث بعض المتغيرات أو المستحدثات التي قد تدفع بهذا أو ذاك إلى صدر القائمة. لكن لم يتفعل أو يتمحور أي مما سبق حتى الآن.

الأمور السياسية للانتخابات الأمريكية في وضع مرتبك حتى اللحظة، وقضية الحسم بين المرشحين بفارق كبير مازالت ضبابية حتى الآن في ظل تفاقم حالة التردد للناخبين بعد أن أصبحت نقاط قوة وضعف كل من المرشحين ماكين وأوباما معرضة للنقد والفحص والتمحيص ودخلت في قائمة النقاط التي لا تبعد ماكين عن أوباما إلا بنقطة مؤية واحدة.

الأسباب عديدة لا تبدأ بشخصية المرشح وخلفيته الاجتماعية والدينية والعرقية، ولا تنتهي بماضيه وأخلاقياته وقيمه ومبادئه، وإنما في القوى الحزبية والمؤسساتية والمادية التي تدعمه وتؤيده وتدفع به إلى الأمام أو إلى الخلف. بل والأهم من ذلك كله مواقف المرشح تجاه رجال المال والأعمال على مستوى الداخل الأمريكي، ومواقف المرشح تجاه إسرائيل على المستوى الخارجي.

في هذا المضمون قلما يمكن التمييز بين سياسات الحزبين الديمقراطي والجمهوري الخارجية تحديدا في منطقة الشرق الأوسط، فتنافس الحزبين على السلطة السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية، تحديدا السلطتين التنفيذية والتشريعية لا يقل عن تنافسهما في الإعلان عن حرصهما على أمن واستقرار إسرائيل، كما ولا يمكن لأي من مرشحي الحزبين أن يغفل ناهيك عن أن يقلل من التأكيد والحرص على قوة الدعم غيرالمحدود لدولة إسرائيل.

ربما قد تتغير القاعدة هذه فيما لو نجح باراك أوباما (مرشح الحزب الديمقراطي) في الوصول إلى البيت الأبيض ليس وحسب كظاهرة سياسية جديدة لا سابقة لها ولا مثيل في التاريخ السياسي الأمريكي، وإنما لما قد تلعبه شخصية أوباما السياسية من دور سياسي داخلي وخارجي مهم ومغاير لسياسات الماضي قد يتشابه تماما مع الشخصية السياسية الكاريزمية للرئيس الأمريكي الراحل جون إف كنيدي.

ترى هل يعيد التاريخ نفسه.. نعم لم لا..؟ طالما كانت الفرص السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية متاحة للجميع للوصول إلى السلطة، فقد سبق وأن وصل إليها العسكري (ايزنهاور) والكاثوليكي (كينيدي)، والجنوبي من جورجيا (كارتر)، والممثل من هوليوود (ريجان)، (جورج الأب من تكساس) ومن بعده (كلينتون - غير معروف والده) وأخيرا جورج الابن من تكساس، وليس من المستبعد أن يضاف للقائمة أوباما من العرق الإفريقي.

من الجهة المقارنة، فإن مرشح الحزب الجمهوري (جون ماكين) يمثل استمرارا للسياسة التقليدية الكلاسيكية الأمريكية وتواصلا مترابطا مع سياسات جورج بوش الابن، وربما للمحافظين الجدد. هذا ما يمكن استشفافه من تصريحات (ماكين) التي لم تخل من الاشارات السياسية إلى مواقفه السياسية المحافظة.

أوباما يريد سحب القوات الأمريكية من العراق خلال ستة عشر شهرا من توليه الرئاسة، ويميل إلى الحل الدبلوماسي مع إيران حتى إن تطلب الأمر التفاوض مباشرة مع القيادة الإيرانية. جون ماكين على النقيض من ذلك أعلن عن رغبته في سحب القوات الأمريكية من العراق لكنه لم يحدد وقتا محددا، كما وأشار إلى استمرار السياسة المتشددة مع إيران ووعد بمطاردة بن لادن والقبض عليه.

ماكين يردد ضعف أوباما في فنون السياسة الخارجية، وجاء رد أوباما عليه بجولة دولية خارجية جاءت في وقت مناسب من حيث عامل التوقيت لمواجهة مزاعم ضعف خبرته وعدم إلمامه بالشؤون الخارجية، وللتأكيد للناخب الأمريكي خصوصا اليهودي بأنه سيمضي على غرار الماضي ويسير في مسار من سبقه من الرؤساء الأمريكية بدعمه غيرالمحدود لإسرائيل. هنا لابد وأن نقف قليلا لما في هذا التصريح من تعارض مع رؤيتنا في احتمالات تغيير أوباما للسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط وتحديدا تجاه إسرائيل.

الذي يمكن أن نتوقعه أن أوباما قد يكون ظاهرة سياسية جديدة من كافة الجوانب شخصية والعملية خصوصا تلك التي تتطلب منه التعامل مع المعضلات والقضايا الدولية والإقليمية وفي مقدمتها المشكلة الفلسطينية بأدوات ووسائل عملية وبمنطق واقعي. فوصوله إلى السلطة على أمواج الناخبين اليهود وغيرهم قد يربط بين حقيقة أوباما ومستقبله السياسي وبين ماضي شخصية جون إف كينيدي وسياساته الخارجية. فالشخصية الكاريزمية لأوباما قد لا تختلف عن شخصية كيندي الأمر الذي يمكنه من السيطرة شبه التامة على العمل المؤسساتي السياسي الخارجي للحكومة الأمريكية ولربما لجماعات الضغط والمصالح الأمريكية... لكن ترى هل بمقدوره الوصول إلى هذه المرحلة؟ هذا ما سنتعرض له في الحلقة القادمة.



drwahid@email.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد