|
باختصار أنا متزوجة من سبع سنوات لدينا 3 أطفال وكلانا جامعيان ونعمل بوظائف جيدة ونسكن ببيت ملك لزوجي، وكما ترى كل شيء يبدو على ما يرام بل أيضا مظهرنا الاجتماعي عند معارفنا جيد جدا وأخاف أن نكون محسودين!!! والحقيقة ان الصورة الواقعية لنا داخل المنزل ليست جيدة. |
تزوجتُ وأنا طفلة ليس بالمعنى العمري ولكن بالمعنى العقلي أي لم أكن مستعدة لفكرة الزواج.. |
وهذا أول أمر أزعج زوجي مني، لكني مع الوقت تعلمتُ. ولكني منذ البداية أحببتُ والدتهُ وتقبلتها وخدمتها لأن هكذا نشأت على احترام أهل الزوج وتقديمهم على نفسي وهذا أمر لا ينكره زوجي. |
هو رجل مسؤول ولا يقصر علينا ماديا في الضروريات، وهو حريص وليس بخيلا ولكنه لا يقدر أهمية الهدية ولا يحاول التقرب مني بالمجاملة والهدية ويعتبرني تحصيل حاصل وليس انسانة يجب المحافظة عليها وكسب قلبها.. أبدا.. |
في العلاقة الخاصة أناني جداً.. ولكن بعد 3 أطفال وطنتُ نفسي على تجاهل هذا الموضوع وعدم جعله ذا أهمية وعندما أقرأ بعض الكتب اكتشف أني أنا لا يتحقق لي شيء من الرضا في هذه العلاقة ولكني اتحملها مجبرة. |
الكل يشهد لي بالجمال (ليس الجمال الباهر بل فوق المتوسط) وبينما زوجي وأهله ليسوا يوصفون بالجمال، وأنا لم أكن اهتم بالجمال والمظاهر والله.. لكن زوجي يهتم وأنا لستُ بالمواصفات التي يتمناها (مواصفاته هي مواصفات عارضة أزياء) وهذا عائد لتفكيره السطحي فهو يبهره الجمال الخارجي لأنه مادي جدا. |
النقطة الأهم في خلافنا أنه لم يحبني ولا يحبني ولا أدري هل سيحبني وهل في استطاعته فعل ذلك أصلا!! |
فهو لا يستطيع أن يحب أحدا (هكذا طبعه وأسلوب تربيته) فأمه ربته على الشك في الناس والحذر منهم والتعامل معهم بمبدأ إساءة الظن.. وقد كان لها ما أرادت بالضبط، فأنا أعرف أنه يطمئن لي ويثق بي ويطمئن على أولاده وتربيتهم ويسعد بذلك (فأنا أم جيدة والحمد لله) ولكنه لا يحبني ويحترمني فقط في أضيق الحدود أشعر بالأمان معه لكن ليس بالسعادة ولا بالرضا. |
يحترم أهلي في أضيق الحدود (لا يحب مخالطة الأقارب والمعارف بل يرتاح أكثر للأغراب!) أحيانا استيقظ من النوم وأنا أتساءل (لماذا أعيش في هذا البيت؟!) فأنا لا أشعر بالانتماء معه وهذا شعور يعتصر القلب يا أستاذي.. ثم أسرع إلى أبنائي أضمهم وأستشعر الانتماء للمنزل معهم. |
أنا لا أعرف معه معنى الغزل.. والحب.. والمجاملة الرقيقة الصادقة، أمور كثيرة أجدها عند أهلي وصديقاتي لا أجدها معه.. وهذا شيء يحزنني، الناس يروني (عاقلة مخلصة هادئة مرحة دمي خفيف وخدومة ويحبون رفقتي) وهو لا ينكر ذلك ولكن معه لا أضحك ولا أتحدث بانطلاق فهو يقاطعني في الكلام ولا يضحك عندما أضحك بل ينغص علي، وهو (عاقل هادئ غير اجتماعي عبقري أمين مسؤول انطوائي ويحب الخير للناس البعيدين.. لا أدري لماذا لا يحب الخير للقريبين!!!) وهل تصدق أن لديه صديقا واحدا فقط وأيضا يتعامل معه بحدود.. وله أخ واحد فقط ويتعامل معه بحذر رغم أنه يحبه ولا يرى عليه أي عيب (ولكن اسلوب تربيته المريض للأسف جعل منه إنسانا غريبا، و هو لا يجيد فن الترفيه ونادرا ما نتنزه معه وإذا حصل تنقلب نكدا. أبنائي يحبون والدهم ولكن يفضلون التنزه مع أخوالهم. |
وأكثر ما يضايقني فيه أنه وأثناء خروجنا سويا للسوق أو للتنزه يطالع في النساء (خاصة الجميلات) بطريقة مقززة وهذا يشعرني بالانزعاج. |
|
أعجبني في رسالتك قدرتك العالية على سرد الأحداث وتسلسل الأفكار وكذلك الإنصاف في بيان الجوانب المشرقة... إضافة إلى شجاعتك في الحديث عما يجول بخاطرك دونما خوف ولا وجل هو من باب الفضفضة المطلوبة لأن ما يرفضه العقل الواعي ويستنكره من أمور وتصرفات لا يذهب هباء إذا ما كبت وأخفي وأنكر ومورس عليها شيئا من الضغط بل يتكدس في (اللاشعور) ويبقى في فترة حضانة حتى يتفجر كالبركان الثائر عبر تصرفات وسلوكيات غير متوقعة! لذا فإن تلك المشاعر المبثوثة بعرضها نعطي فرصة لتحميصها وفهمها وتحليلها تحليلا منطقيا نهذبها ونزيل الأتربة من فوقها وننزع أشواكها. |
شدتني جملة (إن الصورة الواقعية لنا داخل المنزل ليست جيدة) واعذريني إن قلت لك: إن الصور الخارجية غالبا ما تكون انعكاس للصور الداخلية ويبدو لي أنك من أصحاب المقاييس العالية جدا ولربما استُدرجت للعبة (المقارنة الظالمة) بين زوجك وغيره ومعها رسمت صورة ذهنية بالغة القبح عن زوجك وبيتك للأسف... في دراستي الجامعية في قسم المحاسبة كنا ندرس ما يسمى ب(قائمة الدخل) وهي قائمة تحوي على المكاسب والخسائر وبعدها تظهر النتيجة النهائية حال كون المشروع مربحا أو لا وسأوظف تلك القائمة في موضوعك أختي الكريمة حتى نخرج بنتيجة منطقية نحكم من خلالها على شخصية زوجك ونخرج بإجابة على سؤال هل أوضاعك تحفز على الاستمرار أو لا؟ |
وبعد تأمل في رسالتك إليك صفات زوجك الحسنة (المكاسب): |
1 - سعة باله وعظم تحمله لك وصبره عليك بدايات الزوج وأنا أعرف الكثير من الأزواج شعاره (لم أتزوج حتى اربي) فتراه سريع الغضب دقيق الملاحظة لايغفر خطأ ولا يتجاوز عن زلة وهذا يدل على حسن خلق وطيب معدن. |
2 - يسر أموره المادية وامتلاكه بيتا وهذا ولاشك من نعم الله عليكما وأمر يستحق الشكر. |
3 - كونه رجلا يتحمل المسؤولية ويتصدى لمهامه برجولة ولا يقصر عليكم وللأسف أن الكثير من الأزواج لايتحمل مسؤولية فهو يستصحب معيشة العزوبية بعد الزواج فتجده يرمي بأعباء المنزل والأولاد كلها على الزوجة للأسف. |
4 - ثقته فيك وتلك والله نعمة لايثمنها إلا من فقدها.. أتريدين أن أحدثك عن جحيم الزوجات اللواتي يعشن مع أزواج نخر الشك عقولهم حيث الألم الدائم والهم المستمر والسعير الملتهب. |
5 - شعورك بالأمان معه وهذا مكسب عظيم فكم من زوجة تصحو وتنام على تهديدات بالزواج عليها أو على علاقات آثمة تصل لحد الكبائر العظيمة ولا حول ولاقوة إلا بالله. |
6 - احترامه لأهلك وكونه زوجا عاقلا هادئا عبقريا أمينا مسؤولا ويحب الخير للناس البعيدين. |
تلك الأمور الايجابية التي ذكرتيها عن زوجك مع ملاحظة انك حين كتبتِ تلك الرسالة في حالة شعورية منزعجة ناقمة لربما أضعفت تركيزك في إحضار كل مزاياه. |
وفي الجانب الآخر (الخسائر) هناك نقاط الضعف في شخصية زوجك بحسب رسالتك: |
1 - عدم اقتناعه بأهمية الهدية والهدية لاشك ترياق القلوب ومفتاح رئيس للأرواح ومفهوم الهدية عند بعض الأزواج مغيب وقد ذهلوا عنه ولست اشك في أن هذا يعود إلى عدم استيعابه التام لأهمية الهدية ولا يعتبر هذا عيباً قادحاً في الشخصية أبدا فهي وجهة نظر جانبت الصواب ولا تسلب منه حسن النية! |
2 - أنانيته في (العلاقة الحميمية) كما وصفت وهذا الأمر يحتاج إلى تفصيل, فهل هو امتناع دائم أم حضور خجول؟ وعلى كل حال فجفوته في هذا الأمر وعدم اهتمامه أمر يحتاج إلى حوار وشفافية، فهل تحدثتِ معه بشفافية وبقلب محب ولسان هادئ عما تحبين ويحقق لك الرضا التام؟ فمشكلة أكثر الأزواج للأسف اعتقادهم الجازم بان الشريك يقرأ أفكارهم ويدرك ما يحبون وما يكرهون وهذا ظلم بين وجور مؤلم.. فأغلب الظن أن زوجك يعتقد أن الأمور الآن على ما يرام وان الأوضاع مرضية بالنسبة لك وبالمناسبة أنصحك بعدم تصديق كل ما يقال ويكتب في هذا الشأن فهو أقرب ما يكون للتنظير ولا يمت للواقع بالصلة! |
تقولين: إنه يهتم بالجمال الظاهري وهل هناك بشر لا يهتم بالجمال الظاهري؟ وهل يلام الإنسان إذا انساق مع جبلته البشرية. |
إذا محاسني اللاتي أدل بها عدت. |
ذنوبا فقل لي كيف أعتذر؟ |
فجمال الروح والباطن مهم لكنه أبدا لا يكفي ولا أتصور أن زوجة تعتذر عن قلة اهتمامها بنفسها وأناقتها وجسمها بصفاء روحها! فصفاء الروح وفقك الله لا يبني بيوتا ولا يأسر قلبا وليس إنصافا أن يتهم أنسانا بالسطحية لكونه يهتم بالجمال الظاهري وهذا افتئات على الفطرة واتهام للحس السليم والذوق العام.. وأنا أسأل ما الذي يمنعك من الاعتناء بنفسك وتلمس ما يحبه زوجك في المظهر؟ واربأ بك أن تمارسي حيلة تلفيق التهم وإهداء الأخطاء على الآخرين لبناء غطاء هلامي على تقصيرك وإهمالك! |
3 - قلت إنك لا تعرفين معه معنى الغزل والحب وأقول لك أختي الكريمة شيئا عن الرجل الشرقي فهو لديه ضعف واضح في مسألة العطاء بالكلمات والهمسات ولعل هذا يعود إلى طبيعة التربية وافتقاد النماذج التي يقتدي بها إضافة إلى أن طبيعة الرجل عموماً هي ترجمة الحب بالعطاء المادي والسلوكيات وزوجك ليست بدعا من باقي الرجال. |
4 - إطلاقه العنان لبصره وللأسف أن الكثير من بني جنسي من ذوي العيون (الزايغة) وأصبح شيئا أقرب ما يكون للعادة للأسف وليس بالضرورة أن تصرفه هذا احتقار لك أو طعنا في شخصك بل هو اتباع للهوى لا أكثر ولا تتوقعي انك برفع الصوت أو الشجار أو بالملاحقة والمطاردة ستردعينه عن تلك التصرفات إنما أنصحك بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة والدعاء له. |
5 - وبعد هذا أختي وبعد أن فصلنا في قائمة صفات زوجك أرى أن الكفة قد رجحت بالحسنات وبفارق كبير وتذكري أن هناك قدرا من المشكلات لا مفر لنا من التكيف معه حيث بعض العادات المتجذرة والتي يصعب تغيرها عند بعض البشر وهنا ليس ثمة طريق سوى التكيف معها والصبر عليها وعدم التركيز عليها.. وأنا لست أطالبك بقبول مالا يتحمل أو أمارس نوعا من الضغط عليك لتقبل ما ترفضين أبدا إنما هي دعوة لإدراك شيء من حقائق الحياة وطباع البشر وكل ما أدعوك إليه أختي هو إبداء قليل من المرونة في أحكامك ونظرتك وتصرفاتك مع زوجك. |
6 - وتقول الكاتبة الانجليزية الشهيرة جين اوستين صاحبة قصة (ايما) التي غزت بها عالم الأدب (إن الإنسان الذي يظن أنه يستطيع أن يكون سعيدا طوال حياته هو إنسان مجنون فالدليل الوحيد على تمتعنا بكامل قوانا العقلية هو قدرتنا على الإحساس بشيء من الألم في الحياة). |
7 - ... كما ادعوك لتحمل مسؤوليتك تجاه تلك الأمور بفعل ما تستطيعين لعلك تحركين المياه الساكنة وتردمين شيئا من الفجوة الموجودة وللزعيم الهندي الراحل حكمة عظيمة يقول فيها: (كن أنت التغيير الذي تريده في الناس) فابدئي أنت واسقيه من مفردات الحب وحلقي به في سماءات العشق ودعيه يتعلم منك جمال الكلمة وعذوبة الإحساس. |
يقول د جون ماكسويل في كتابه المانع لليوم أهميته إذا أردت لشخص مقرب أن يتغير بشكل من الأشكال فكن أنت مثالا للتغير الذي تنشده فيه ويعطينا د. ماكسويل فوائد لتلك الفلسفة منها: |
* اكتساب الخبرة والثقة بالنفس. |
* الرضا عن النفس وتقوية الداخل حيث يجب أن يكون لديك شيء تقدمه للآخرين قبل أن تطالب بالا خذ منهم. |
وما أجمل قول العالم النفساني الشهير د فييل ماكجرو: (أنت في حاجة لأن تساعد نفسك أولا) وأخيراً أختي الكريمة اعلمي أن المنصفين والعقلاء لا يحكمون على الأشياء من خلال التركيز على الجوانب المظلمة فقط. |
ومن يتتبع جاهدا كل عثرة |
يجدها ولا يسلم له الدهر صاحبه |
ولو استنطقنا زوجك لربما أورد قائمة طويلة من الملاحظات عليك |
رُب كئيب ليس تندى جفونه |
ورُب كثير الدمع ليس كئيب |
لذا فالحكم على خيرية الأشياء من عدمها إنما تكون بغلبة الحسنات أو السيئات وما أراه أن زوجك استوفى ما هو أعظم من الأساسيات فحافظي عليه وعلى بيتك ولا تقعي فريسة لتلك الخيالات ولا صيداً سهلاً للرؤى الحالمة الشاطحة.. وفقك الله ويسر أمرك. |
|