Al Jazirah NewsPaper Tuesday  23/09/2008 G Issue 13144
الثلاثاء 23 رمضان 1429   العدد  13144
نوافذ
عاشقات الوطن
أميمة الخميس

في مقالات سابقة لي، وعندما كنت أكتب محتفية باليوم الوطني كيوم رسمي شعبي يجب أن يتم فيه تأصيل علاقتنا مع الوطن ورموزه ابتداء من شعارنا وانتهاء بأهمية الوقوف احتراماً للسلام الملكي، كانت تصلني من البعض ردود فعل متشنجة وغاضبة حول الموضوع، وأدعية نارية منفعلة محملة بالسخط والنقمة.

بالطبع كنت أتلمس العمى الأيديولوجي الذي يعاني منه أصحابها، وكنت أعرف أنهم نتاج مرحلة سابقة كان البث الأيديولوجي فيه عنيفاً إلى درجة غيب به الهوية الوطنية وشوهها، على حساب أجندات سياسية أخرى تبنتها الجماعات الظلامية, وظهرت بعد ذلك على شكل العمل العسكري العنيف والتفجيرات الإرهابية.

لكن على الضفة الأخرى، وعلى النقيض كانت تصادفني واحات وطنية خضراء تجعلني أعرف أن الإيمان بالغد والتفاؤل والالتفاف حول شجرة الوطن الوارفة، هو حتماً الضوء الذي يومض في نهاية النفق.

آخر واحة انبلجت أمام ناظري كانت الأسبوع الماضي، فأثناء إشرافي على الترتيبات الخاصة بعدد من الأنشطة والفعاليات الثقافية التي أقامتها وكالة الشؤون الثقافية في وزارة الثقافة والإعلام بمناسبة اليوم الوطني، تقدم لي مجموعة من السيدات والفتيات، يرغبن في المشاركة... وكن عبارة عن فرقة اسمها (عاشقات الوطن), جميع عضوات الفرقة من السيدات العاملات، فمنهن أخصائيات اجتماعيات، ومنهن معلمات نشطات، وسيدات مسنات من صاحبات الحرف اليدوية، وأطفالهن جميعاً.

كن جميعاً مبتهجات ومتوقدات كبيت عائلة كبيرة يستعد لزفاف هائل، جميعهن متشرنقات باللون الأخضر، يحملن الأعلام ويرشقن الرموز الوطنية على أرديتهن، ينظمن القصائد الوطنية عن أرجاء الوطن، تماماً كما يحكن الأوعية من الخوص، يوزعن بها التمور الشعبية والأعلام الوطنية، تتفاوت أرديتهن كاللوحة الفسيفسائية الملونة بين ليونة وبهجة المنتعش بأطياف الخليج الشرقي، أو المزدان بالقصب الملتمع بوقار للثوب النجدي, أو الملتف بالأبيض المترف بدانتيلا للثوب الحجازي, أو المحتشد بألوان قوس قزح يومض فوق المرتفعات الجنوبية، أردية يرتدينها باحترام وتبجيل كأنها زمن يخشين أن يتلاشى أو ينقرض.

معهن وبينهن وفي حضرة جيشانهن الأخضر المطعم الأغاني والأهازيج والرموز الوطنية، عرفت أن تلك المرحلة الغامقة التي مرت على الوطن كانت طارئة ومؤقتة، وأن الوطن هو حالة... مناخ... ومصير، وأن الجميع قد انضم إلى القوافل التي اختارت الغد والمستقبل... وكل عام والوطن أخضر ومورق بأبنائه.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6287 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد