Al Jazirah NewsPaper Tuesday  23/09/2008 G Issue 13144
الثلاثاء 23 رمضان 1429   العدد  13144
ملحمة التوحيد ومسيرة التنمية
د. أحمد بن محمد السيف

ذكرى اليوم الوطني لتوحيد المملكة العربية السعودية في الثالث والعشرين من شهر سبتمبر من عام 1932م، ذكرى يعتز بها كل مواطن سعودي يفخر بتكوين هذا الكيان العظيم المملكة العربية السعودية بلد الإسلام والسلام والتنمية والخير والعطاء، ليس فقط لشعب المملكة العربية السعودية بل لجميع الشعوب المحبة للسلام والنماء والتطور.

إن هذا اليوم الأول من الميزان لم يكن في التاريخ الحديث يوماً كسائر الأيام، بل شهد التاريخ فيه بناء دولة عظيمة حديثة محبة للسلام وقائمة على الدين، كما شهد هذا اليوم توحيد وصناعة أمة قادت ملحمة البناء والتنمية بعد سنوات من الجهل والظلام وخلال فترة قصيرة من الزمن.

إن توحيد المملكة العربية السعودية على يد قائدها ومؤسسها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته - يمثل مرحلة جديدة نحو الاستقرار والنماء والقضاء على ظواهر الفوضى والجهل والغزو والنهب والتخلف والمرض التي سادت قبل توحيد المملكة، ففي الثالث والعشرين من شهر سبتمبر من عام 1932م أعلن الملك عبد العزيز - رحمه الله - قيام المملكة العربية السعودية دولة موحدة بعد أن تمكن من توحيد أجزائها المتفككة ولم شمل قبائلها على راية الإسلام والتوحيد.

واستطاع الملك عبد العزيز - رحمه الله - بعد جهاد وكفاح أن يبني هذه الدولة الفتية على أساس متين من الدين وعلى أسس عصرية حديثة ويرسى دعائم الأمن والعدل والاستقرار في ربوعها الشاسعة ويضع اللبنات الأولى لتنمية اجتماعية واقتصادية عمرانية لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً، وخلال الملحمة التاريخية من تأسيس المملكة العربية السعودية قام الملك عبد العزيز - رحمه الله - ببناء مؤسسات الدولة على أسس إسلامية وديمقراطية حديثة حيث قام بإنشاء المجالس البلدية ثم مجلس الشورى في عام 1345م ومؤسسات الدولة المدنية التي كونت دولة عصرية حديثة تهتم ببناء الفرد السعودي وتنمية الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية والأمنية التي تكفل حياة كريمة لشعب سعودي قادر على المنافسة العالمية بين شعوب العالم، كما قدم - رحمه الله - دولة تتعايش بسلام مع الشعوب الأخرى وتدعم القضايا العربية والإسلامية.

وبهذا شهد التاريخ العربي والإسلامي الحدث ولادة دولة حديثة ترتكز على الدين الإسلامي منهجاً وعملاً وتدعو للسلام وتنبذ الظلم والعدوان وتدعو للتوحيد والبناء وترفض التفكك والهدم وتشجيع العلم وبناء الإنسان، إنها المملكة العربية السعودية التي استطاعت في ظل هذه الأسس الواضحة أن تستفيد من ثرواتها الطبيعية ومواردها البشرية في بناء اقتصاد قوي شهد نمواً وازدهاراً منذ تأسيسها.

فتكشف للعالم ملامح وجه الدولة السعودية الحديثة التي ترتكز على الإسلام منهجاً وعملاً، وتدعو إلى السلام، وتنبذ الظلم والعدوان, تعمل على التوحد والبناء وترفض الفرقة والشحناء، وتشجع العلم وتهتم ببناء الإنسان، إنها المملكة العربية السعودية التي قامت على يد المؤسس الملك عبد العزيز رحمه الله.

لكننا نتذكر أيضاً أن مسيرة التنمية عمل متجدد، فلم تقف عجلة البناء عند رحيل المؤسس بل تعهد أبناؤه البررة مواصلة المسيرة، فكان الملك سعود ثم الملك فيصل ثم الملك خالد ثم الملك فهد رحمهم الله قادوا - يرحمهم الله - مسيرة التنمية لهذه الدولة العظيمة واستمروا على النهج الذي وضعه المؤسس الملك عبد العزيز - رحمه الله -.

هذا العام في ذكرى اليوم الوطني ونحن نسير في هذا العهد الميمون بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز - يحفظهم الله - نجد أنفسنا في عهد من التحديث ومواكبة مستجدات العصر، فرأيناه - حفظه الله - يعيد هيكلة الاقتصاد السعودي ويقوم على إصلاح مؤسسات الدولة وقطاعاتها وفقاً لمتطلبات العولمة والنمو الاقتصادي العالمي الحديث ومتمشياً مع نمو المجتمع السعودي وقيمه الدينية والاجتماعية، هي بلا شك جهود حثيثة ومباركة لمس المواطن السعودي آثارها الإيجابية في تحسن مستوى المعيشة والقضاء على البطالة ورفع مستوى الإنتاج للمجتمع السعودي، وتعزيز دور المملكة الاقتصادي والسياسي في المنظومتين الدولية والإقليمية.

وإن كان وجود الحرمين الشريفين في مكة والمدينة يزيد هذه البلاد شرفاً ورفعة ومكانة في العالم العربي والإسلامي بل وعلى الصعيد العالمي، فإن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وضع على كاهلها مسؤولية أممية كانت المملكة أهلاً لها فقد حرص - حفظه الله - على إبراز هذا الدور من خلال رعاية المؤتمر العالمي للحوار بين الأديان الذي عقد مؤخراً في العاصمة الإسبانية مدريد، وكذلك التوسعة التي تشهدها الآن منطقة الحرم المكي الشريف وتوسعة المسعى وهي مشروعات عمرانية عظيمة تقوم على رعاية الحاج والمعتمر بهذه البقعة الطاهرة.

وفي مجال أمن وسلامة المواطن ومكتسبات التنمية، لمس المواطن السعودي والعالم الجهود المبذولة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز في محاربة الإرهاب بشتى صوره ونبذ التطرف والدعوة إلى الاعتدال والوسطية، واتخذت المملكة خطوات جبارة حققت أمن وسلامة المواطن، والمملكة تعتبر - ولله الحمد - من أوائل الدول التي تصدت للإرهاب وحاربته بجميع صوره وأشكاله وقد دعا خادم الحرمين الشريفين إلى مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب عقد في مدينة الرياض وكان أن تقدم خادم الحرمين الشريفين في هذا المؤتمر باقتراح لإقامة مركز دولي لمكافحة الإرهاب.

كما شهد التعليم العالي قفزات متوالية في هذا العهد الميمون ليقفز عدد الجامعات في المملكة إلى (20) جامعة في تطور كمي ونوعي لم يسبق له مثيل وليتحقق الهدف بإنشاء جامعات قوية تسهم في بناء الإنسان وتعزيز المعرفة لديه فقد قرن هذا التوسع الكمي في هذه الجامعات بتوسع نوعي يراعي الاهتمام بالجودة والاعتماد الأكاديمي. كما فتح مجال البعثات الخارجية بجميع التخصصات التي يحتاج إليها سوق العمل في المملكة، كما تم دعم الجامعات في مجال البحث العلمي واستقطاب أعضاء هيئة التدريس المميزين مما يزيد من قدرة هذه الجامعات على تحقيق التنافسية العالمية والريادة في مجال البحث العلمي.

وكغيرها من الجامعات السعودية تسير جامعة حائل في هذا العهد الميمون بخطى مدروسة بدعم كريم من ولاة الأمر - حفظهم الله - حيث أبرمت الجامعة عددا من الاتفاقيات التعاونية مع جامعات عالمية نجم عنها تدعيم وتشغيل الجامعة لعدد من الكليات والأقسام التي تتوافق مع متطلبات سوق العمل، حيث أطلقت الجامعة مؤخراً كلية الطب إدراكا منها لأهمية هذه الكلية لمنطقة حائل خاصة في ظل النقص الشديد في عدد الأطباء السعوديين المتخصصين في المملكة. حتى تكون هذه الكلية إضافة مميزة للتعليم الطبي في المملكة قادرة على إكساب طلابها المهارات والعلوم الأساسية وتعزيز المعرفة العلمية لديهم.. تكون مخرجاتها أطباء مؤهلين تأهيلاً علمياً لديهم المقدرة على المنافسة وبجدارة في سوق العمل.

وستشهد هذه الكليات - بإذن الله - نقلة نوعية في التطوير الأكاديمي وهو أحد الأهداف الرئيسية التي يحرص عليها المسؤولون في التعليم العالي بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - تشمل المناهج والأقسام والدورات والمؤتمرات داخلياً خارجياً، إضافة إلى حث أعضاء هيئة التدريس بالحرص على المشاركة في كل ما من شأنه تطوير قدراتهم العلمية.

وكغيرها من المدن الجامعية المنتشرة في هذا العهد الميمون يجري العمل على قدم وساق في أعمال البنية التحتية وكليات الجامعة المختلفة، إضافة إلى سكن أعضاء هيئة التدريس والمنشآت الرياضية في المدينة الجامعية بجامعة حائل, كما تم طرح مشروع كلية الطب والمستشفى الجامعي الذي وصل لمراحله الأخيرة في التصميم بسعة (400) سرير لتضاف إلى مشروعات المدينة الجامعية التي تقدر تكاليف إنشائها بأكثر من خمسة مليارات ريال على مساحة تقدر بأكثر من (9) كم مربع. وسوف تكون هذه المدينة الجامعية بمنشآتها الحديثة - بمشيئة الله - منارة إشعاع علمي تتعدى حدود المكان وتصبح الجامعة بتكامل منشآتها نموذجاً مميزاً للجامعة تشق طريقها كما يريد ولاة الأمر نحو العالمية وتسهم - بمشيئة الله - في تعزيز المعرفة في المنطقة وبناء المحور الأهم في الكون وهو (الإنسان).

هذه الجهود المخلصة لحكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين في بناء الاقتصاد السعودي والحرص على رفاهية وأمن المواطن السعودي والدور الكبير الذي تقوم به المملكة في السياسة الخارجية والاقتصاد العالمي هي جهود تستحق التقدير والثناء من أبناء الوطن وشعوب العالم.

إن الاحتفال باليوم الوطني مناسبة عزيزة نتذكر فيها الملك المؤسس عبد العزيز - رحمه الله - وندعو له الله أن يسكنه فسيح جنته فما توحيد هذا الوطن العزيز إلا بفضل الله ثم ما قام به - رحمه الله - من جهود يدين بها كل مواطن سعودي.

كما أن الاحتفال باليوم الوطني هو احتفال يجسد المحبة والولاء والوفاء لهذا الوطن الكبير بقيادته الرشيدة وهو استمرار لمواصلة مسيرة العطاء والتنمية التي يعيشها وينعم بها كل مواطن، أدعو الله سبحانه وتعالى أن يحفظ لهذا الوطن دينه وأمنه ورخاءه وأن يحفظ قيادته الرشيدة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز، وان نحتفل بهذا اليوم عاماً بعد عام ونحن ننعم بنعمة الدين والأمن والتنمية.

مدير جامعة حائل



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد