Al Jazirah NewsPaper Tuesday  23/09/2008 G Issue 13144
الثلاثاء 23 رمضان 1429   العدد  13144
من أجل الوطن
بدر بن أحمد كريّم

الوطن ليس البيئة التي يعيش فيها الإنسان فحسب، إنه كل متكامل، لا يمكن فصل أي جانب منه عن الآخر، وإذا وقع أي تأثير على أحد الجوانب فلا مفر من تأثر الجوانب الأخرى.

لقد باتت هذه الحقيقة معروفة؛ ولذلك درج الباحثون على أن شخصية المواطن تتألف من عدد من الجوانب، لكل منها أبعاد خاصة، وهو مؤثر بدوره في نوعية وطنه، وكينونته، وحدوده الداخلية والخارجية.

والوطن مشروع نهضوي له محدداته واتجاهاته. من أسباب رقيه وتقدمه، صونه، والحفاظ على وحدته، وحوار حوله وعنه لا يتراجع، أو يتهمّش دور المواطن فيه من أجل فهم الوطن، ومن خلال فهمه تكون طريقة تعبير المواطن عنه، والمشاركة في النهوض به، ولا يمكن للوطن أن يغدو خيمة يستظل في ظلها كل مواطن، من دون الفهم السليم والتفسير الموضوعي للوطن (وألا يبقى كل شيء عبارة عن أحلام عصافير، أو حلم غاف في قيلولة يوم حار).

هناك بعض نقاط أجد أنه من الواجب الإشارة إليها باقتضاب. الأولى: الوقوف ضد كل من يحاول اغتيال الوطن. الثانية: عدم المساس بنظرية العدل الاجتماعي بين المواطنين في مختلف أشكالها وصورها وتطوراتها. الثالثة: ألا ينحسر دور الدولة مع لحظة العولمة الجديدة. الرابعة: أن تسود حقوق الإنسان على المدى الطويل. الخامسة: ألا تتعرض أنظمة المجتمع للإخفاق، وهي التي صهرت المؤسسة القبلية في الوحدة الوطنية. السادسة: وأد أي فتنة يترتب عليها العودة إلى أوضاع ما قبل الوحدة.

إن الاعتداء على هذه الأنظمة هو إقصاء لها، وانسلاخ عن المجتمع المراد بناؤه وتطويره، وقمع له، وجعله غير موجود على أرض الواقع، والعلة - بل كل العلل - تكمن في عدم الاستقراء العلمي للواقع الاجتماعي، والسياسي، والثقافي للوطن، في زمن العولمة وبيئتها السياسية والثقافية، وهو ما يشدد الباحثون على إيلائه موقع الصدارة في الاهتمامات الوطنية، وليس التمني دون التناول العلمي.

ومما يدعو إلى التأمل أكثر في هذا السياق، التوصل إلى ميزان تعليمي، واقتصادي أفضل للوطن، وقدرة على المديين: القريب والبعيد على معالجة كل القضايا التي تعوق المواطن، فمنذ أن بزغ فجر هذا الوطن، واشتد وعي المواطن به، وبكرامته الوطنية ومسؤوليته الجماعية، وأحس بما يجري في وطنه من: تقدم، وتطور سريعين؛ كي يتبوأ مكانه في الإطار العالمي، إلا أنه ما زال في حاجة ماسة لتربية وطنية، وتأهيل نفسه عليها، فهي التي توسع آفاق المواطن، وهي التي تعزز في نفسه روح الانتماء والعطاء. إنها التربية التي يدرك من خلالها المواطن أنه جزء لا يتجزأ من وطنه، وغير منفصل عنه، يشاركه الماضي والحاضر والمستقبل، لتكتسب حياته معنى، ويشعر بأنه يحيا لخدمة وطنه، لا لمجرد السعي وراء مصالحه الخاصة، وعندها يصبح واعياً في مجتمعه، عارفا بمهام حكومته، قادرا على مواجهة المشكلات التي تواجهه، مدركاً لوضعه الاجتماعي، ومترجماً هذه القيم لعمل إيجابي هادف بنّاء.

الوطن هو: محلك، وبيتك الذي تقيم فيه، ومكانك الذي تنتسب إليه، وفيه تحفظ حقوقك، وتتعلم ما عليك من حقوق، وفيه تأمن على نفسك وأهلك ومالك. والوطن هو: أرضك التي نشأت فيها، واتخذتها مقراً لك، وعليها نشأت الجماعة التي تتآلف معها.

في ذكرى اليوم الوطني هذا العام بل وفي كل عام، لا بد من أن يُعلي المواطن مكانة وطنه، وأن يتيقن بأن الوطنية هي: ارتباط وانتساب الفرد والجماعة إلى قطعة من الأرض، والتعلق بها، وحب أهلها وأصحابها، والحنين إليها عند التغرب عنها، والاستعداد للدفاع عن كيانها ضد الأخطار التي تهددها.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد