Al Jazirah NewsPaper Wednesday  24/09/2008 G Issue 13145
الاربعاء 24 رمضان 1429   العدد  13145

ظاعنات وظاعنون
عبدالرحمن بن سعود الهواوي

 

ورد في لسان العرب لابن منظور: ظَعَنَ يظعنُ: ذهب وسار. والظعن: سير البادية لنجعة أو حضور ماء أو طلب مربع أو تحول من ماء إلى ماء أو من بلد إلى بلد.. والظعينة: الجمل يظعن عليه. والظعينة: الهودج فيه المرأة..

والظعينة: المرأة في الهودج سميت به على حد تسمية الشيء باسم الشيء لقربه منه، وقيل: سميت المرأة ظعينة لأنها تظعن مع زوجها وتقيم بإقامته كالجليسة، ولا تسمى ظعينة إلا وهي في الهودج.

لقد مدح أبو الطيب المتنبي سيف الدولة سنة 342هـ بعد معركة انتصر فيها على الروم في قصيدة مطلعها:

ليالي بعد الظاعنين شكولُ

طوالٌ وليل العاشقين طويل

يُبنَّ لي البدر الذي لا أريده

ويخفين بدرًا ما إليه سبيلُ

يقرأ أبو الطيب في بيتيه هذين بأن لياليه بعد الظاعنين الراحلين من أحبته متشاكلة متشابهة عليه، مثلها مثل ليل العاشقين، طويل مصحوب بسهر وهم وقلق، ولياليه المتشابهة هذه يبن له بدر السماء الذي لا يريده، ولا يظهرن له البدر الذي لا يجد إليه سبيلاً يوصله إليه.

إن من يقرأ هذين البيتين لوحدهما دون أن يقرأ بقية القصيدة يظن أن المتنبي غائص من أخمص قدميه حتى شعر رأسه في الحب والغرام، والحقيقة غير ذلك، لأن هذين البيتين يرمزان إلى شيء آخر.. فعندما تكون آمال وأحلام وطموحات إنسان تظعن وتسير وتذهب مع فكره وعقله طوال حياته وتضل تؤلمه وتأرقه وهو على يقين من عجزه على تحقيق مآربه فلياليه تصير مثل ليال المتنبي أو ليال العاشق أو أن طموحاته كأنها امرأة ظعينة في هودجها على ظهر بعيرها يسير بها في صحراء مقفرة لا نهاية لها حتى زوجها تركها لوحدها هائمة على وجهها، وهذه المرأة الظعينة في حالها هذه كأنها تبحث عن الظاعنين من العرب الأوائل ولكنهم كالبدر الذي ما إليه سبيل..؟

الرياض: 11642 ص.ب: 87416

Dr.A.Hawawi@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5834 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد