التأليف في مجال السلوكيات السيئة ورصدها، والبحث عنها من هنا وهناك في الكتب والمراجع وأفواه العلماء، هو بحث مُضنٍ وممتع في نفس الوقت؛ لأن الكثير من الناس لا يعرف حدود الخطأ من الصواب والحرام من الحلال؛ إذ بينها كثير من المشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس.
ولذا قام الباحث الأستاذ سلمان بن محمد العُمري بجهد مشكور وعمل فريد في كتابه المعنون ب(سلوكيات يرفضها الإسلام) الذي صدر عن دار طويق بالرياض ورصد فيه ما يقرب من 46 سلوكاً خاطئاً يقع فيه بعض الناس الذين استزلهم الشيطان وأغواهم عن طريق الحق والهدى.
(والدين الإسلامي العظيم أرشد للعلاج الشافي والناجع لكل ما يمكن أن يصيب المرء من علل النفس والبدن وما قد يسقط فيه من سلوكيات تتنافى مع تعليم الإسلام، بل إن شريعتنا العظيمة علمتنا كيف نقي أنفسنا من السقوط في دائرة السلوكيات أو حتى المشاعر المحرمة التي يرتكبها غيرنا في حقنا أو نرتكبها نحن في حق أنفسنا أو غيرنا من المسلمين أو غير المسلمين).
ونهانا الإسلام عن مثل هذه السلوكيات وغيرها الكثير والكثير التي يقع بها المسلم في دائرة الحرام انسياقاً وراء شهوة لحظة أو منفعة دنيوية أو جهلاً بعواقبها الوخيمة التي تجعلها مرفوضة بل ومحرمة في الإسلام.
وجاء الإسلام ليخلص البشرية من أدران الجاهلية وأوضارها وأمراضها، فقوّم السلوك الإنساني واستوعب كل ما يقدم عليه الإنسان من أفعال وأقوال في كل العصور الماضية والآتية ووقف على أسبابها سواء ما كان سائداً في الماضي أو ما استجد في وقتنا الحاضر وما أفرزتها تقنية العصر ونزعتها المادية، التي شوهت الكثير من إنسانية الإنسان وفطرته الأولى.
فذكرت بذلك الأحكام والتشريعات المفصلة والمبينة لهذه السلوكيات بأدلة قاطعة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
وبذا فإن المسلم مطالب بتغيير المنكر في حدود استطاعته وصلاحيته، وهذا الكتاب يرصد مثل هذه السلوكيات المرفوضة ويبين موقف الشرع منها والوقاية منها بطرح الأسباب والعلاج وتقديم الآراء على لسان أصحاب الفضيلة العلماء والقضاة والدعاة وأهل الرأي والفكر من المختصين كل في مجاله، وهي قد نشرت قبل ذلك في جريدة الجزيرة الغراء على مدار سنتين، وأمام إلحاح كثير من المحبين من أصحاب الرأي والمشورة في المطالبة بتوثيق هذه الرؤى الجميلة لعلمائنا ومفكرينا وقضاتنا ودعاتنا وطلبة العلم، ليخرج هذا الكتاب الفريد في رصد السلوكيات والظواهر السيئة في المجتمع المسلم ليكون على بصيرة من أمره وهدى ورشاداً في حياته.
ومن هذه السلوكيات الخطيرة: الافتراء، وهو مصدر افترى الشيء أي اختلقه ووضعه، وأصل الكلمة كما يقول الأستاذ الدكتور عبدالعزيز مبروك الأحمدي عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية من فري الشيء إذا قطعه وشقه وأفراه، أي اختلقه..
وهو حرام في الشريعة الإسلامية بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة، بل هو من كبائر الذنوب ومن الموبقات المهلكات.
وعن الفرق بين الافتراء والكذب وجزاء المفتري يقول الدكتور الأحمدي: يعبر عن الافتراء فيقال: افترى كذباً، والافتراء كذب وزيادة؛ لأن الكذب هو الإخبار بخلاف الواقع، وقد يغتفر في بعض المواقع كموضع الإصلاح ونحوه، أما الافتراء فهو اختلاق ما لم يكن أساساً، فضلاً أن يكون له حال من الصحة، ولا يكون إلا مذموماً أبداً. أما جزاء المفتري في الآخرة فيختلف باختلاف مواطنه ومراتبه: ومنه الفرية على الله أو على رسوله صلى الله عليه وسلم أو على الأئمة والعلماء أو على ولاة الأمر أو على عموم المسلمين.
وأيضاً من ضمن السلوكيات التي رصدها هذا السفر المبارك نقض العهود، واليأس والقنوط وإفشاء السر، والشماتة، والتجهم، والعبوس، والغرور، وسوء الظن، والتشاؤم، والطمع والانتهازية، والظلم، والغش، والإسراف، واللواط، واللعن، والرشوة، والحسد، والبخل والواسطة، والحقد، والشائعات، والكبر، والكذب، والنفاق، والغيبة، والمعاكسات، وغيرها من السلوكيات المحرمة والضارة والمفسدة للفرد والمجتمع.