لقد قرأت في عزيزتي الجزيرة ليوم الثلاثاء 9 من رمضان رداً تحت عنوان (تقدم الأمة لا يكون بالتحسر على حالنا ومدح الشرق والغرب) للأخ فهد التويجري، وهو يرد على مقال بعنوان (التغريب) للأخ محمد آل الشيخ، الذي ذكر فيه تقدم الغرب في جميع المجالات بلا استثناء، وأننا أمة مستهلكة لما يصنعه الغرب، وأن الغرب بلغ الذروة في العظمة. ولكن الأخ فهد قال عن هذا المقال بما معناه أن المديح للغرب لن ينشط الكسالى، بمعنى أنه لن ينهض بالأمة، بل على العكس سيؤدي إلى زرع الشك في قدرة الأمة على النهوض، ويؤدي إلى الإحباط واليأس وإلى القعود والقنوط.
ثم قال الأخ فهد إن الغرب وصلوا إلى ما وصولوا إليه بالصبر وتكرار المحاولة والحلم والأناة، ثم أتى بكلام الصحابي عمرو بن العاص -رضي الله عنه- وهو نظرته عن الغرب، أو كما قال الروم. وقول عمرو في هذا الاتجاه على خصال أربع: أنهم أحلم الناس عند فتنة، وأوشكهم كرة بعد فرة، وأنهم أسرع الناس إفاقة بعد مصيبة، وأنهم خير الناس لمسكين وفقير وضعيف وأمنعهم من ظلم الملوك. والغريب أنني حينما نظرت في الأقوال الثلاثة وجدتها كلها مديح وإشادة، فقول عمرو بن العاص رضي الله عنه مديح، وقول الأخ فهد مديح ولكنه بنظرة معظمها مستوحاة من مديح عمرو بن العاص، والأخ محمد آل الشيخ جاء أيضاً بمديح ولكنه مديح لما عليه الغرب من نهضة حقيقة مستجدة. وهذه المستجدات لم توجد في عصر عمرو بن العاص ولو كانت موجودة يوم ذاك لأضافها عمرو بن العاص لكلامه ذاك، لذلك فإن نظرة الأخ محمد آل الشيخ جاءت فيه للغرب اليوم من الزاوية نفسها، والأخ محمد لم يأتِ بمصيبة حتى يلام مثل هذا اللوم، إنه رأى حقيقة وقالها، إلا أنني أرى نقمة الأقلام على حقيقته التي أبداها هو أنه لم يختمها بخاتم التراث، وما ذنبه في هذا إذا كانت هذه المستجدات لم توجد في الماضي، إلا أنني سمعت من حولي من يقول أن على الأخ محمد أن يختم حقائقه المستجدة عن حال الغرب اليوم بخاتم أحد العلماء، وهو غير معذور في ذلك.
أحمد موسى حسين العبيدي - جدة