إعداد - خالد الحقيل
لأن رحلات سفير الخير وملك الإنسانية تحمل التفاؤل والخير لأي بقعة يزورها من العالم، فإن زيارات وجولات خادم الحرمين الشريفين للدول العربية أصبحت تبهج قلوب شعوب تلك الدول، لسابق معرفتهم بما عهد عن المليك من التفاني والسعي الدائم لإصلاح ذات البين العربي، وتوطيد مشاعر الأخوة وتمتين العلاقات العربية والحرص على تنميتها.
عمل متواصل متشبع ومتنوع، هذا هو ما يميز عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي يحرص على متابعة أدق التفاصيل في العلاقات السعودية-العربية، ومستنفذا من وقته الكثير لخدمة الإسلام والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
المواقف السعودية تجاه القضايا العربية واضحة ومعروفة في المحافل الدولية المختلفة ومحاولة معالجة ملفاتها الساخنة في الشرق الأوسط خير شاهد على ذلك.
ولقاءات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مع أشقائه قادة العالم العربي تعكس الموقف الثابت للمملكة تجاه قضايا الأمة الإسلامية والعربية والتنسيق المستمر حولها من أجل جمع الشمل العربي ومعالجة قضاياه.
وقد شهدت دبلوماسية المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز انطلاقة كبرى في شتى الميادين السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية, فقد تميزت بسجل حافل من الحكمة والاعتدال في جميع اتصالاتها بدول العالم وفي علاقاتها الخارجية وروابطها مع العالمين العربي والإسلامي.
وما يعكس قوة العلاقة السعودية وثقلها مع دول العالم عموماً والعالم العربي خصوصاً تلك الجولات التي قام ويقوم بها المليك إلى الدول العربية، مما كان له الأثر البليغ في إثراء العلاقات السعودية-العربية المشتركة.
وسنوجز بشكل سريع بعضا من زياراته تلك وما تم فيها من تطورات، وكذلك بعضا من العلاقات السعودية-العربية.
استمرار القمم السعودية - المصرية.. والعلاقات من حسن إلى أحسن
تعد العلاقات السعودية -المصرية أنموذجا مثاليا بين دولتين عربيتين لهما مكانتهما المتميزة إقليمياً ودولياً. وتبلغ هذه العلاقات أوجها حاليا في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -أمد الله في عمره- والرئيس المصري محمد حسني مبارك. فزيارات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى مصر عديدة ومتتالية وما يميزها أنها تكتسب طابعا فريدا وذا نكهة خاصة.
فهي دوما تأتي في ظروف بالغة الدقة والحساسية تمر معها الأمة العربية، وترسم استراتيجيتها المستقبلية لسنوات طوال، ويتم بها مجابهة كال ما يحاك للأمة الإسلامية والعربية من مخاطر، أهمها تحديات السلام، ومحاولات إسرائيل التملص من اتفاقياتها مع الفلسطينيين ثم مستقبل العلاقات العربية في ظل ظروف دولية.
وعلى سبيل المثال فالزيارة الأحدث إلى مصر والتي عقدت مساء الجمعة الموافق الرابع عشر من شهر شعبان الماضي للعام 1429 كانت عبارة عن قمة سعودية -مصرية بالإسكندرية حيث استعرض خادم الحرمين والرئيس مبارك مجمل التطورات على الساحات العربية والإسلامية والدولية وفي مقدمتها تطورات القضية الفلسطينية والأوضاع في العراق والسودان إضافة إلى آفاق التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها في جميع المجالات بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين.
وفي السياق ذاته رحبت صحيفتان مصريتان قبيل زيارة خادم الحرمين الشريفين هذه إلى جمهورية مصر العربية.
وقالت صحيفة (الأخبار) إن خادم الحرمين الشريفين بشير الخير وملك الإنسانية وهو وأخوه فخامة الرئيس محمد حسني مبارك قائدان عربيان يواصلان العمل بجهد من أجل ترسيخ التضامن العربي.
وأضافت تقول إن لقاء خادم الحرمين الشريفين مع أخيه الرئيس مبارك من حين لآخر لقاء يحيي التفاؤل ويشق من جديد المزيد من دروب الخير وصالح العمل وهي لقاءات لن تنقطع لأنها لقاءات الحب والود والإخاء.
كما أعربت صحيفة (الجمهورية) عن ترحيبها بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على أرض مصر.. موضحة أن خادم الحرمين الشريفين يمثل الحكمة وبعد النظر، وتحدثت عما قدمه أيده الله لقضايا الوطن العربي وأهمها القضية الفلسطينية.
مواقف المملكة من لبنان
لعبت المملكة دوراً مميزا في إيقاف نزف الدم العربي في هذا البلد، ووأد مخاطر الحرب الأهلية التي دامت نحو 30 عاما. وتمكنت المملكة بدبلوماسيتها المشهودة ووقفتها الثابتة العادلة من كل الأطراف، فكان اتفاق الطائف، الذي أعلن عن مولد لبنان الجديد والخالي من الحروب ليعود منارة من منارات العلم والثقافة العربية.
وفي 26 آذار 2002م قام الملك عبدالله بزيارة لبنان للمشاركة في مؤتمر القمة العربية الـ(14) حيث كانت المبادرة السعودية الموضوع الرئيس للقمة والتي عرفت باسم (قمة المبادرة التاريخية) حيث تنص على إقامة علاقات عادية مع (إسرائيل) مقابل انسحابها من كل الأراضي التي احتلتها عام 1967م، وقبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.
وزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لبيروت تلك عكست اهتمام المملكة بلبنان وعودة الأمن والاستقرار إليه.
كما أكدت تلك الزيارة على عمق العلاقات السعودية -اللبنانية, وأكدت بما لا يدع مجالا للشك وقوف المملكة العربية السعودية مع لبنان في السراء والضراء.
العلاقات
السعودية - الأردنية
تتمتع الشقيقتان المملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية بعلاقات ودية أخوية صهرتها الاهتمامات المشتركة والمصالح المتبادلة وروابط دين وجوار وأخوة وأمن واستقرار لا يتجزأ وموروث تاريخي ووحدة جغرافية وفكرية واجتماعية متميزة حافظت المملكتان عليها بالتواصل والتعاون والتنسيق المستمر ومن خلال تبادل الخبرات والمنافع والاحترام المتبادل وقرار قطعي بأن تكون كل منهما عمقا استراتيجياً للأخرى، وتماثل في المواقف إزاء قضايا المنطقة وتنسيق مستمر ثنائي وإقليمي ودولي، كان للقيادة الحكيمة وبعد نظر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدور الكبير في إقامة أنهار من المحبة والمودة بين البلدين الشقيقين.
أما بالنسبة للجانب الاقتصادي فسننقل إليكم وصف وزير التجارة والصناعة الأردني عامر الحديدي، والذي صرح في إحدى لقاءاته الصحفية أن العلاقات السعودية الأردنية تشهد تطورا على كافة الأصعدة خاصة الاقتصادية وأصبحت معها الشريك التجاري الأول خلال العامين الماضيين. أما على المستوى الشعبي ووسائل الإعلام الأردنية فحدث ولا حرج، وعلى سبيل المثال لا الحصر اهتمت وسائل الإعلام الأردنية من صحافة وتلفزيون ومحطات إذاعية بأنباء الزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للأردن العام الماضي.
حيث بث تلفزيون الأردن والعديد من محطات الإذاعة المحلية برامج وتقارير أخبارية حول منجزات المملكة الحضارية التي تحققت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
كما أثنت على دور الملك المفدى في خدمة القضايا العربية والإسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ومسيرة التضامن والعمل العربي المشترك.
وأثنت الصحف الأردنية على الجهود الكبيرة التي يقوم بها الملك عبدالله بن عبدالعزيز في نصرة قضايا العرب والمسلمين.
فخادم الحرمين الشريفين بالنسبة للأردنيين قائد عروبي أصيل طالما انشغل بالهم السياسي العربي وخصوصا قضية العرب الأولى فلسطين، كما أنه طالما مد يد العون والمساعدة للشعب الأردني في مختلف القضايا.
وتجمع شخصيات سياسية واقتصادية أردنية رسمية وأهلية على أهمية زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للأردن، وترى في الزيارة إضافة جديدة للعلاقات الحميمة التي تربط المملكتين العربية السعودية والأردنية. ويعود رئيس الديوان الملكي الهاشمي السابق د. عدنان أبو عودة إلى عقود سابقة من العلاقات الإيجابية بين المملكتين السعودية والأردنية، ويستذكر (المواقف التي اتخذها ملوك آل سعود حيال الأردن في الأزمات التي عصفت بالمنطقة)، مشيرا إلى أنها (لم تخذل الأردن عند الخطوب).
ويلفت د. أبو عودة إلى (التزام المملكة العربية السعودية بما حمله مؤتمر بغداد عام 1979من مساعدات إلى الأردن، وعدم وقف تلك المساعدات رغم كل الظروف السياسية التي عصفت بالمنطقة)، مؤكداً أن (المملكة العربية السعودية لم تكن يوما إلا سندا للأردن).
ويصف د. أبو عودة (السعودية الشقيق الأكبر للأردن)، مشيراً إلى (الثقل والمصداقية السياسية للدبلوماسية السعودية، والمكانة العليا التي صنعها الملوك السعوديون لمملكتهم، والتي انعكست عبر التاريخ باعتبار المملكة راعية لأطراف الأزمات في المنطقة لإيجاد المخرج لها في كنف خادم الحرمين الشريفين).
العلاقات
السعودية -التونسية
تسير العلاقات السعودية التونسية في تطور مستمر يدعمه ويؤكده حرص قيادة البلدين الشقيقين على تقوية عرى التواصل وتوثيق روابط الأخوة بما يحقق رفاه ورفعة الشعبين الشقيقين السعودي والتونسي، وتكثف المملكة العربية السعودية وشقيقتها الجمهورية التونسية كل الجهود التي تدعم قضايا الأمة العربية وتعزز وحدة الصف العربي.
وسنستشهد بحديث الرئيس زين العابدين بن علي لصحيفة (الجزيرة) عام 1988 والذي يلخص هذه العلاقة المتينة التي تزداد رسوخا مع الزمن حيث قال: يعتبر التعاون الثنائي التونسي السعودي ممتازا ويحتل مكانة مهمة في تعاوننا مع البلدان الصديقة عموماً والشقيقة خصوصاً، فكانت المملكة في بداية السبعينيات من البلدان السباقة لدعم المسيرة الإنمائية في بلادنا، حيث تميز هذا التعاون بشموله لميادين مختلفة منها: المالية والتجارية والاقتصادية والفنية والإعلامية والثقافية.
وبالرغم من شموله يبقى هذا التعاون قابلا للتطوير والتحسين نظرا لما يربط البلدين من علاقات حضارية عريقة وما لدينا من إمكانات بشرية واقتصادية.
المملكة وسوريا
واكتمال التنسيق
أما العلاقات السعودية السورية فهي قديمة ومترسخة منذ عشرات السنين، فسوريا تحظى بزيارات مستمرة للتنسيق والتشاور ومواجهة المستجدات.
حيث إن زيارات المليك إلى دمشق ولقائه بالرئيس بشار الأسد والمسؤولين السوريين تأتي تزامنا مع دعوات الملك عبدالله للتوحد العربي واكتمال التنسيق فيما بين الدول العربية ولا سيما في الوقت الذي تصعد فيه إسرائيل عمليات الاستيطان وتوجيه الضربات للشعب الفلسطيني الأعزل.
وزيارات خادم الحرمين الشريفين إلى سوريا تأخذ الطابع الأخوي الرسمي، وتعنى بتأكيد الثوابت القومية وأسس السلام العادل وكانت لها تأثيراتها وإيجابياتها الطيبة باتجاه دعم الموقف العربي وضمان وحدته على أسس المطالب العربية العادلة.
العلاقات
السعودية - المغربية
العلاقات السعودية المغربية علاقات وصفها المتابعون بأنها من أكثر العلاقات العربية حميمية، ولذلك تعتبر نموذجاً متميزاً في خصوصياتها ومتانتها وتفاعلها الإيجابي مع قضايا الأمة.
وقد عُرف عن خادم الحرمين الشريفين قدرته الفذة على توثيق العلاقات السياسية من خلال الزيارات الرسمية التي يقوم بها للدول الشقيقة والصديقة وعقده للقاءات القمة مع قادتها. فالملك عبدالله بن عبدالعزيز يمتلك من الصفات الحميدة ما يجعل الآخرين يثقون به وبسياساته، ويحترمون كلمته، ويصدقون مشاعر الإخاء التي يكنها لأشقائه العرب والمسلمين، وأصدقائه من قادة باقي الدول وخصوصاً الدول الكبرى.
كما أن عاهل المغرب الملك محمد السادس عرف عنه حبه وتقديره لقادة المملكة منذ أن كان ولياً للعهد، كما عرفت عنه مصداقيته العالية ونفاذ بصيرته، مما أسهم في تعزيز علاقات المغرب الشقيق بمختلف دول العالم.
وقد كانت الزيارة الأولى لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لهذا البلد في 24 جمادى الأول 1405هـ للمشاركة في مؤتمر القمة العربي الطارئ, كما قام المليك بزيارة رسمية للمغرب حيث ترأس وفد المملكة إلى مؤتمر القمة الإسلامي السابع في الدار البيضاء في 13 رجب 1415هـ، وهي تندرج في سبيل دعوة المملكة المستمرة في توحيد الصف الإسلامي.
وفي مبادرة كريمة من خادم الحرم ين الشريفين ثم إنشاء مؤسسة الملك عبدالعزيز آل سعود للدراسات والعلوم الإنسانية في المغرب، كصرح من صروح العلم والفكر.
وفي الثلاثين من ربيع الثاني للعام 1428 قام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بزيارة رسميه إلى المملكة المغربية الشقيقة تخللها لقاءات مهمة رافقتها احتفالات رسمية وشعبية وأهازيج مرحبة بالزيارة الكريمة.
فقد عقد خادم الحرمين الشريفين مع أخيه الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية اجتماعاً ثنائياً في مدينة فاس تصدرته تطورات القضية الفلسطينية والأوضاع في العراق ولبنان.
وأكد الجانبان رفضهما التدخل الخارجي في الشؤون العربية، وضرورة أن تتحمل الدول العربية مسؤولياتها تجاه قضاياها المصيرية بالاعتماد على الله ثم على أبنائها.
كما أكد الزعيمان على أهمية ترسيخ الهوية والثقافة الوطنية التي تنبع من الإسلام ومنهجه القويم.
وشهد خادم الحرمين وملك المغرب مراسم توقيع خمس اتفاقيات بين المملكة والمغرب في مجالات مختلفة تشمل التنسيق بين وزارات الخارجية والشؤون الإسلامية في البلدين والتعاون في مجال السياحة ومنح المملكة المغرب قرضاً لتمويل مشروع سد في تاسكورت في المغرب.
وقام خادم الحرمين بزيارات متعددة غير ما تم ذكره للمغرب التقى خلالها الملك محمد السادس وبحث معه قضايا الشرق الأوسط والعالمين العربي والإسلامي والعلاقات الثنائية التي تهم البلدين.
ومما جعل ويجعل العلاقة السعودية مع دولة المغرب أو غيرها من الدول العربية قوية وراسخة دوما, ذلك الاهتمام الذي يكنه الملك عبدالله بن عبدالعزيز للشعوب العربية عامة، ومحاولته الدائمة لجمع العرب والمسلمين على طاولة واحدة من الوفاق والتفاهم، وطرح ومواجهة جميع الأزمات العربية بكل جرأة ومهارة، مستعينا بعد الاعتماد على الله -سبحانه وتعالى- على تلك القدرة الفائقة التي يتميز بها -حفظه الله- على نقد الذات العربي لمعالجة المشاكل من جذورها وحل الخلافات بكل شفافية واقتدار.
العلاقات
السعودية- الجزائرية
يربط المملكة العربية السعودية بالجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية علاقات أزلية وهناك قواسم مشتركة في هذه العلاقات تتمثل في وحدة الدين واللغة والمواقف المشتركة تجاه أغلب القضايا الإقليمية والإسلامية والدولية، كما أنهما عضوان في محافل عربية وإسلامية ودولية مهمة منها جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وهيئة الأمم المتحدة.
والمملكة من أوائل الدول التي وقفت إلى جانب الشعب الجزائري وناصرته في الحصول على استقلاله.
وبعد الاستقلال لا تزال هذه العلاقات تشهد نمواً وتطوراً في المجال السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي وغيرها من المجالات نتيجة الرعاية الكريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وأخيه فخامة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة.