تأليف الأستاذ: أحمد بن علي عسيري
قراءة: حنان بنت عبدالعزيز آل السيف
فن المقالة فن جميل وظريف، ولا يختلف اثنان على هذا الأمر، وفن المقال يعتبر من أهم مصادر الأدب السعودي، لا بل يُعد وثيقة رسمية شاهدة على عصرها الذي قيلت فيه، وقد شغلت وسمت على فنون الأدب الأخرى - إن صح التعبير - واحتلت هذه المكانة الرفيعة لشفافيها وعفويتها، وسهولتها وانسيابيتها، ولذلك احتلت المقام العالي بين فنون الأدب الأخرى من رسالة وخطبة ومقامة وقصة ومسرحية، وغيرها من أمور، وهي في متناول الجميع من قاصٍ ودانٍ، من عالم أو متعالم، وهيكل المقالة يعتمد على ماهية الفكرة النابعة والمتوارية في فكر الكاتب ووجدانه وخلجاته وشعوره وقريحته، وحينما تدق عقل الفكر من جميع جوانبه دقاً قوياً فهو يُخرج من خاطره ووجدانه كلمات أدبيات يفرح بها الأدب ليزداد كنزه، والمقالة لها فرسان يعرفهم الأدباء والعلماء وكل مثقف فصيح يستطيع من خلالها معرفة وزنها وقدرها وجيدها من رديئها، وأمامي الآن فارس ماهر مغوار، وظهر لي من قراءة الكتاب مدى ثقافة الكاتب الواسعة وعنوان الكتاب (الإطلالة - لمحات في كلمات)، أما فارس الصول والجول فيه فهو الأستاذ أحمد بن علي عسيري والكتاب مهدى إلى صاحب السمو الملكي الأمير حسام بن بدر بن سعود بن عبد العزيز، وقدّم له رجل ألمعي، خبير بعسير بالأقوال ومن قالها، وبالأمثال ومن قدح زنادها، سعادة الأستاذ الدكتور أحمد بن عمر الزيلعي وهو قادح زناد الفكرة عندما طرحها المؤلف بين يديه الكريمتين، فضمت هذه المقالات في خزينة حفيظة، شهد الزمان بذلك .. ويقع الكتاب في أكثر من مئة ورقة، وهو يطرب سمعك، ويفرح قلبك وتكون لنفسك متعة، لا تسل يا قارئ عن جمال قلمه وملاحة موضوعاته، فهو - أعني مؤلِّفنا - جعل من سماتها - أيْ هذه المقالات المطروحة - أن تبرز حوادثها وأحداثها، هذا ومن خلال مقالاتها تصف وتصور معالم المكان والبيئة التي كُتبت فيها هذه المقالات، وقد نشأت واكتملت وتمايزت في حضن صحافتنا المحلية السعودية وارتبطت بها ارتباط الرضيع بأمه، فغنت له المقالات الأدبية، والمقالات السياسية، والمقالات الواردة في الكتاب تجسِّد مفهوم المقالة الفنية والأدبية والسياسية والعلمية والرياضية بعينها وحذافيرها وطرحت أفكارها ومراميها بسمو ورقي واعتلاء، وقد جالت هذه المقالات في موضوعات متفرقة، وتتعانق الألفاظ مع المعاني ثم يأتي نسج ورسم حدودها وحروفها، ثم تظهر لنا في حلة قشيبه مزخرفة بالعبارات القوية على السمع، لأنّ مؤلِّفنا حرص كل الحرص على توصيل رسالاته من خلال الحرف والكلمة التي تنسج المقالة على إثرها، بل هي الأثافي التي تقوم عليها هندسة الكلمة وسط خارطة الأدب والعلم والدين، والسياسة والاقتصاد والتاريخ، وهذه المقالات تعلم العقل قبل العلم والأدب، يقول الأستاذ الدكتور الزيلعي ما نصه: (إنّ هذا العمل في مجمله هو محاولات جيدة تبشر بظهور كاتب ناشئ مطلع مثقف واعد يتمتع بقدر كبير من العلاقات الشخصية، والتواصل الاجتماعي والتطلع إلى مستقبل باسم مليء بالأمل والتفاؤل). وهذه المقالات تجلو الصدى عن عقول كاتبيها ومنشئيها ومبدعيها، بل إنها توقظ الضمير وتحرك القريحة، وتبث الأمل والطموح والشفافية في نفوس متلقيها، وهي تستوعب كثيراً من المعلومات والمعارف، وخلاصات الفكر الإنساني بماضيها وحاضرها ومستقبلها، وهذه المقالات تبث الطمأنينة والسكون والأمان في قرائح من يقرأها ويتأمل شكلها ومضمونها مفردها ومعناها، بل هي دافعة بالأدب والعلم والتاريخ والثقافة إلى مرامٍ واسعة، ودقة في التركيز متناهية، لذا فإني أراها تتقدم بالمجتمع إلى الأمام .. فلله درّ كاتبها.
عنوان المراسلة:
ص. ب 54753 الرياض 11524
فاكس 2177739
bent-alaasha@hotmail.com