Al Jazirah NewsPaper Saturday  11/10/2008 G Issue 13162
السبت 12 شوال 1429   العدد  13162
الإعلام السعودي المفقود!!
بدر بن أحمد كريّم

يكاد ينعدم وجود إعلام ساخر في وسائل الإعلام السعودية، باستثناء الرسوم الكاريكاتورية في الصحف أحياناً، مع أنه وسيلة من وسائل النقد، والإصلاح، وأداة من أدوات التعبير، وله وظائف كثيرة..

وبالتالي فلا بسمة ترتسم على شفاه الجمهور السعودي، ولا ضحكة تُرَوِّح عن قلوبهم (رَوِّحُوا القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب إذا كلّت عميت)، ولا مقالة ساخرة تجعلهم يبتسمون، ولا برنامج إذاعياً أو تلفازياً يوظف السُّخرية في إصلاح عيوب المجتمع، ويعالج أخطاء المؤسسات والأجهزة الحكومية، والقطاع الخاص، ويهدئ القلق الذي ينتاب الناس جراء ارتفاع الأسعار، وانقطاع الماء والكهرباء، وتكدس الطلاب في المدارس، ويواجه القتامة، والدعاية الفجة، فقد قيل: (إن السُّخرية اللاذعة هي العُكّاز الذي يتكئ عليه الكاتب، ليُقَوِّم اعوجاجاً في أعماق النفس)، وهي عند علماء النفس (سلاح ذاتي يستخدمه الفرد للدفاع عن جبهته الداخلية، ضد الخُواء والجنون المُطْبِق، إذ إن السخرية رغم امتلائها بالضحك والمرح والبشاشة، إلا أنها تخفي خلفها أنهاراً من الدموع.. إنها مانعة صواعق ضد الانهيار النفسي).

الإعلام الساخر في وسائل الإعلام السعودية عنوان غير موجود، وابن مفقود، بل تصر هي على استبعاده، وتحرم الجمهور منه، وتصادر حقه في الاستمتاع به، في خضم مواد إخبارية تبعث على: القلق، والخوف، وتزيد من حجم معاناة الناس، وتهددهم جسدياً ومهنياً. وللكاتب الإنجليزي برنارد شو مقولة (لقد عُرِفْتُ بسخريتي، ولكن حتى أنا ما كنتُ لأقع على فكرة إقامة تمثال حرية، في ميناء نيويورك)، مما يعني أن للإعلام الساخر ثقافة خاصة، مدعومة بفكرة الجماهير المتمرسة وراء أجهزة المذاييع، وأعمدة الصحف، وشاشات التلفاز، التي ينقل بعضها الفضائح، والضَعف الأخلاقي (الغارق في هوس تدمير الأخلاق وإلغائها).

قيل: (النكتة الساخرة سلاح لا تحتاج إلى ترخيص)، وأقول: إن الإعلام الساخر يمكن أن يتصدي للأخبار الزائفة ضد المجتمع السعودي، ويسهم في مقاومة الإرهاب، والفكر الإرهابي، والمخدِّرات، والفساد، والرِّشْوة، وسوء استغلال السُّلْطة، ويرفع من مستوى العملية التعليمية والصحية، ويكرس ثقافة اسمها: ثقافة سخرية لا تستخدم أسلحة، أو صواريخ، أو طائرات، أو دبابات، ولكن تستخدم الكلمة، والصورة، والصوت.

أنقل عن الكاتب العراقي الساخر خالد القشطيني (أن أناساً رأوا شخصاً يلعب مع حمار، فقالوا له: مالك تقضي وقتك في اللعب مع حمار؟ أجابهم بجزع: غلبني عشر مرات! أريد أن أغلبه ولو مرة واحدة)، والمعنى في بطن القائل!! المهم أن يتخذ الإعلام الساخر مكانه في وسائل الإعلام السعودية، معبراً عن حيوية المجتمع، وينتشر كي يفهم الناس أبعاده.

الإعلام المستهزئ بالناس مرفوض، لأنه انتقاص منهم، واعتداء عليهم. والإعلام الساخر مقبول، لأن السخرية (من أنماط السلوك المثيرة للإحباط عند الطرف المُستهزَأ منه).

فاكس: الرياض 4543856



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد