Al Jazirah NewsPaper Saturday  11/10/2008 G Issue 13162
السبت 12 شوال 1429   العدد  13162
هناكم العقلان
نادر بن سالم الكلباني

الإداريون هم أكثر الناس فهماً لأهمية تفويض المهام والصلاحيات، والتأكيد على من يكلفونه قبل تمتعهم بإجازاتهم أو تغيبهم لسبب ما بالحرص والإبداع في تنفيذها، هذا المبدأ الإداري الصحيح فهمه إبليس قبل كل الناس فهماً عميقاً، واستفز كثيراً من خلق الله بكل وسائله المتاحة لتولي مهمات لا يريدها أن تتوقف وقد فرض عليه أن يقيد بإجازته السنوية في شهر رمضان أقول هذا مجازاً.

المفوضون تلقوا مهام إبليس بحماس منقطع النظير لا يحدث حتى من إبليس نفسه، واجتهدوا كل يريد إثبات تمكنه واحترافيته، وتفننوا وقد ردت الأمور إليهم في إظهار إبداعاتهم المغوية والملهية عما كتب في شهر رمضان من خير وبركة، واستفزوا كل طاقاتهم ففاقت صوت إبليس ورجله وخيله، فأصبحنا نصوم في رمضان ولا نصوم، نصوم عن الأكل بينما نفطر بأعيننا وأسماعنا وكلماتنا، ونقضي ليلنا دون ذكر لله، بل في متابعة مسلسلات أقل ما فيها تسويق جمال ومفاتن بعض نسائنا اللاتي يقلن إنهن يقمن بتوصيل رسالتهن السامية، والمستفيد إبليس فقد وجد من سيتولى مهامه وبتميز ودون عناء منه، وأُلهي الناس عن رمضان وقدسيته حتى أصبح رمضان شهر المسلسلات والفن والغناء وكل ما هو مغر ومثير للغرائز والتسكع في الأسواق والنوم عن كل صلوات النهار.

أما وقد انتهت إجازة إبليس وعاد لممارسة نشاطاته المعهودة، فقد انزاح عنا حمل ثقيل، فالضرر الذي يحدثه إبليس ضرر مكشوف يمكن تجنبه؛ فكيد الشيطان وإن عظم واجتهد فيه يبقى ضعيفاً، وهو أقل بكثير من ضرر يحدثه شياطين الإنس الذين لا يصفدون في رمضان، والذين تسلّموا زمام الأمور وأبدعوا في ضلالاتهم في أفضل الشهور، وتناقلوا بتعاون فريد ما يحدثونه فينا كأمر عادي لا بأس فيه، بل من العيب والتخلف عن ركب الحضارة أن نزهد فيه، وشخصياً أرى أن مواجهة إبليس أهون بكثير من مواجهة أباليس الإنس وما يحدثونه من فوضى وضلال في عالم يكيفه وجود إبليس واحد، (هناكم العقلان).. والله المستعان.

ص.ب 102291 الرمز البريدي 11675


naderalkalbani@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد