Al Jazirah NewsPaper Tuesday  14/10/2008 G Issue 13165
الثلاثاء 15 شوال 1429   العدد  13165
الأزمة المالية وفك الارتباط بالدولار
لولو النهدي

يعيش العالم اليوم أزمة اقتصادية، مصدرها النظام الرأسمالي. وفي ظل العولمة فإن العالم أصبح كقرية واحدة، فالأسواق العالمية مترابطة، وما يحدث في منطقة من العالم يؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على دوله.

ومن خصائص هذا النظام أن الاقتصاد يمر بمراحل مختلفة تعرف بالدورات الاقتصادية، من انتعاش ورواج ثم ركود ثم كساد، ويتسم الكساد بانتشار البطالة، وانخفاض الإنتاج والدخل، وارتفاع أسعار الفائدة، وانخفاض التسهيلات المصرفية، وارتفاع نسبة الاحتياطي النقدي، وانخفاض أسعار السندات مع انخفاض العائد منها، وضعف الإيداعات, وكساد التجارة والنشاط الاقتصادي في عمومه.

وفي هذه الأيام يصارع النظام المالي من وقوعه في مشاكل الكساد، وفي ظل العولمة، فإن اقتصادنا المحلي سيتأثر لا محالة، خصوصا في ظل ربط العملة المحلية بالدولار، الذي عانى ويعاني من تدهور قيمته.

هذا الارتباط له تبعاته الاقتصادية على أمور عدة مثل سعر الصرف وسعر النفط, فإتباع سياسة سعر الصرف الثابت تؤدي إلى انخفاض قيمة الريال مقابل العملات الأخرى، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع الأوروبية واليابانية بالنسبة لنا, بمعنى ارتفاع قيمة الواردات السعودية، وفي ظل اقتصاد صغير ومفتوح كالاقتصاد السعودي، فان ذلك يؤدي إلى ظهور التضخم المستورد.

وفيما يخص سعر النفط، ورغم أننا في الآونة الأخيرة شهدنا ارتفاعا متلاحقا في أسعاره، إلا انه مقوم بالدولار، الذي يعاني من انخفاض قيمته.

فإذا أخذنا في الاعتبار أثر التضخم (ارتفاع الأسعار) والتغير في أسعار الصرف، فإن الأسعار الحقيقية للنفط انخفضت في 2007 مقارنة2006 حسب تقرير منظمة أوبك, مما يعني أن الارتباط حال دون تحقيق مكاسب صافية من ارتفاع أسعار النفط. هذا بالإضافة إلى أن ربط الريال بالدولار يستوجب علينا اتباع نفس السياسة النقدية المتبعة في أمريكا للمحافظة على سعر الصرف الثابت، فعندما تقوم أمريكا بخفض سعر الفائدة لمعالجة التباطؤ والركود, فإننا في السعودية نقوم بخفض سعر الفائدة على الرغم من أن الاقتصاد المحلي يمر بمرحلة نمو، ومن المعروف اقتصاديا أن خفض سعر الفائدة يؤدي إلى ارتفاع عرض النقود مما يزيد من معدلات التضخم. كما أن التمسك بهذا الارتباط أدى إلى تآكل احتياطياتنا النقدية الموجودة في البنوك العالمية، وهو ما يعني خسارة المليارات من قيمتها.

مما سبق يتضح لنا ضرورة فك الارتباط، واتباع سياسة سلة من العملات لتحديد سعر الصرف، وذلك حتى تأخذ العملة قيمتها الحقيقية، وتكون في منأى عن التأثر المطلق بتقلبات أسعار صرف الدولار، وتعزز من قيمتها مقابل عدد كبير من العملات الدولية، ومن ثم خفض تكلفة الاستيراد من هذه الدول لاسيما دول الاتحاد الأوروبي، فضلا عن تعديل قيم الصادرات النفطية المباعة بالدولار, وإيرادات الاستثمار الأجنبي لاسيما الأصول الخليجية الموظفة بالعملة الأمريكية، وتخفيض تكلفة السياحة، لاسيما أمام الدول الأوروبية المتعاملة باليورو.

أضف إلى ما سبق أن فك الارتباط يسهم في السيطرة على التضخم، والأهم من كل ذلك هو تجنب ويلات الأزمة العالمية ما أمكن.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد