Al Jazirah NewsPaper Monday  20/10/2008 G Issue 13171
الأثنين 21 شوال 1429   العدد  13171
أفعى الشمال العتيقة!
رمضان جريدي العنزي

هذه المرة قلت سأكتب إليك يا معالي وزير المواصلات أنت يا صاحب القلب الأبيض والحس المرهف والشعور العالي والإدراك الجميل؛ لأخبرك عن أفعى الشمال السوداء العتيقة ذائعة الصيت الشهير والرابضة هناك منذ القدم التي يعرفها المواطن والمقيم والمسافر وعابر السبيل، هذه الأفعى الممتدة من حفر الباطن مرورا برفحاء وعرعر وطريف والقريات وحتى منفذ الحديثة، هذه الأفعى المخيفة السامة يا معالي الوزير قتلت ومازالت تقتل العشرات من الناس الأبرياء، يتمت أطفالا ورملت نساء وروعت رجالا من مختلف الجنسيات والملل والنحل والمذاهب والديانات والمراتب والطبقات الاجتماعية والشرائح البشرية وأعاقت الكثير شبابا وفتيات شيبا ونساء وأطفالا بعمر الزهور وعرائس جميلات كن يحلمن بلبس فساتين الفرح البيضاء والزهو بقبضة الوردة الحمراء وكسرت فرحة السفر ولذة الحياة وحطمت آمالا وخيبة أمنيات وأشاعت الرعب والخوف والجنون والأسى والحزن في نفوس العابرين والمتهيئين للسفر حتى أصبحت نفوسهم مشحونة بالهواجس والافتراضات المجهولة والمجنونة لاعتقادهم بأن هذه الأفعى قد تلتهمهم في أي وقت وحين، إن هذه الأفعى الشمالية العتيقة بخسائرها البشرية والمادية التي لحقت برواد هذا الطريق يا معالي الوزير منذ سنين عديدة ومديدة مضت مازالت تشكل صدمة كبيرة وتحديا صعبا ومريرا يصعب التعبير والإنشاء عنه، إن الأسف والمرارة ليستا كافيتين عن قساوة هذه الأفعى التي تستبيح دم العابرين وتلعق جراحهم، إن صرخات المتضررين والثكالى واليتامى من أجل حفظ الدماء والأرواح القادمة يجب أن يستجاب لها وعليكم يا معالي الوزير وعلى العاملين معكم تحمل عبء المسؤولية لأنكم أنتم المسؤولون حقا عن وجوب قتل هذه الأفعى وسلخ جلدها ورميها في أودية الشمال السحيقة ووأدها إلى الأبد وتقديم كل مقاول أو غير مقاول أو مشارك متخلف ومتهاون ومتورط في تكبير هذه الأفعى إلى قانون العدل ليعرف هؤلاء المقاولون السيئون أو غيرهم أن الأرواح التي قتلت لن تسامحهم أبدا وأن المعاقين الذين خف وهج الحياة لديهم نتيجة الإعاقة جراء لدغة هذه الأفعى اللعينة لن يتساهلوا في الدعاء على كل من تسبب في تسمين هذه الأفعى أطعاما وسقيا سنين عدة وأزمنة طوال ولن يغضوا الطرف برهة واحدة أو ينسوا أو يتناسوا كل من له اليد الطولى في الفوضى والتشرذم والولوغ في الدم البريء الذي استباحته هذه الأفعى الصماء دون خوف أو وجل، إن عليكم يا معالي الوزير الموقر أن تدركوا السيئ من هؤلاء المقاولين الخفافيش الذين جعلوا طريق الشمال ينزف دما ويتساقط منه الأبرياء قتلى وجرحى وحولوه إلى طريق خراب لا وجود فيه إلا للضباع والغربان وطيور البوم المشؤومة وعليكم أن تقوموا باجتثاث السيئ المتهاون منهم بقوه وألا تتركوه ينموا ويترعرع ويستمر في حصاد الأرواح وإعاقة الأجساد وأن تفعلوا روح المساءلة والمحاسبة فيهم وأنت خير من يفقه في كيفية محاسبة ومساءلة واجتثاث هؤلاء وغيرهم وفي كيفية قتل الأفعى، إننا يا معالي الوزير في انتظار خطوة إيجابية فاعلة وسريعة منكم في ضرورة تنفيذ مشروع إصلاح هذا الطريق الأفعى العتيق المتهالك سيما وأن أموالا كبيرة ومبالغ هائلة خصصتها الحكومة الموقرة بتوجيهات من ولاة الأمر أعزهم الله وأعانهم لإنجاز هذا الطريق، إننا نطالبكم بشفافية ونتمنى أن تصغوا لنا وألا تخيبوا آمالنا في القضاء على هذه الأفعى بسرعة فائقة وعجلة غير محدودة بوقف هذا الدمار اليومي المخيف المستعر وأن لا تبقوا الأمور على حالها في عدم الإنجاز بما يليق بوطن يخط أعظم تجربة إنسانية في النمو والازدهار والتحضر وإنشاء المرافق العملاقة وشبكة الطرق الدولية التي ليس لها منافس، إننا يا معالي الوزير بحاجة إلى إجابات صريحة عن عدم إصلاح هذا الطريق الدولي الذي يصلنا ودول الخليج واليمن بألمانيا مرورا ببلاد الشام وتركيا حتى وقتنا الحاضر (؟؟) ونريد تدخلا فوريا وحاسما منكم عبر قرارات وتوجيهات تحرك من واقع هذا الطريق الأفعى وتخفف من معاناة عابريه وأن لا تجعلنا نيأس وننفض يد الأحلام الوريدية، إننا يا معالي الوزير نرفع وتيرة صوتنا لترفع عن كاهل رواد هذا الطريق الدولي حرب الحوادث وأن تخلصهم من ويلات الموت وفقدان الأحبة وأن توقف نهر الدماء النازف منذ القدم، عندها سوف يقومون بالابتهال والدعاء لك ومن معك عندما تقتلون الأفعى وتمهدون الطريق وتزينوه للعابرين، وعندما يبلغ البنيان تمامه سوف يزيدون من الابتهال والدعاء.



ranazi@umc.com.sa

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد