Al Jazirah NewsPaper Wednesday  29/10/2008 G Issue 13180
الاربعاء 01 ذو القعدة 1429   العدد  13180
أعداء النجاح
محمد بن عيسى الكنعان

هناك نادرة عربية لا أدري مدى صحتها ولكن العبرة في المعنى، تقول: إن عميد الأدب العربي طه حسين سُئل ذات يوم: لماذا تهجمت على عباس العقاد؟ فأجاب: كنت طالباً يبحث عن الشهرة. والمعنى هنا أن (الشهرة) هاجس لدى النفس الإنسانية (المغمورة)، التي تتطلع لها لدى من يتمتع بها على أرض الواقع بإجادته فن الحياة وإتقان العمل الذي تخصص به، خاصةً في مجالي (الثقافة والإعلام)، فالمجال الأول هو وجدان الأمة والآخر لغتها تجاه العالم. ولأن صحيفة (الجزيرة) العريقة في الصحافة السعودية وإحدى منارات الإعلام العربي، تعمل في إطار (الإعلام) لتُسهم في (الثقافة)، فلم ولن أستغرب أن تتعرض لحملات (تشويه سمعة) وفق أساليب (الصحافة الصفراء) السوقية، فالنجاحات التي حققتها ولازالت في معدلات التوزيع والاشتراكات بشهادة الأرقام الرسمية الموثقة، وعضويتها أول صحيفة سعودية في منظمة (BPA) العالمية للتحقق من الانتشار والتوزيع، فضلاً عن الجوائز العربية والإقليمية التي أحرزتها، كل ذلك قد يكون دافعاً عبيطاً لدى (أعداء النجاح) ممن يستذكرون ماضيها المجيد ويخافون من حاضرها الجديد.

غير أن وجه الاستغراب أن يعمد موقع إلكتروني يُعرّف نفسه ب(صحيفة إلكترونية) شعارها: (متابعة سريعة للخبر.. نقل سريع للخبر)، إلى الإساءة لصحيفة سعودية معتبرة ك(الجزيرة)، من خلال (مادة تحريرية) متهالكة، كونها تفتقر لأبسط أبجديات العمل الصحافي، فضلاً عن (المعايير الإعلامية) من حيث دقة المعلومة وقراءة الواقع ومعايشة الحدث. فالمادة المنشورة على الموقع الإلكتروني المدعومة ب(الصور) تتحدث عن ارتداء فتيات عربيات لفانلات (تي شيرت) تحمل شعار صحيفة (الجزيرة)، والتجوال في أروقة معرض (جايتكس) بدبي لاستقطاب المشتركين من زوار المعرض وبالذات السعوديين. مادة لا يمكن أن تكون (خبراً) لأنها تفوح برأي المحرر الشخصي، خاصةً أنه يكتب عن حدث في معرض (جايتكس) بدبي بينما هو خلف لوحة مفاتيح الحاسب الآلي في الرياض، فقرر أن زوار المعرض فوجئوا بفتيات عارضات بملابس ضيقة يرتدين فانلات بشعار (الجزيرة) كدعاية للاشتراك بها، وهذا برأيه خلاف العرف الصحافي الذي التزمته صحف عربية داخل المعرض، ثم ربط هيئة الفتيات ولباسهن المتبرج بموجة استغراب الزوار السعوديين من جهة ومن جهةٍ أخرى بدعوى أن (الجزيرة) تمثل إعلام التيار المحافظ في المملكة. ولأن محرر المادة (الصفراء) لا يفرق بين كتابة الخبر الصحافي (الاحترافي) والخبر الإلكتروني (الملفق)، فقد أكد بطريقة غير مباشرة أن تلك الفتيات يمثلن الصورة الإعلانية للجزيرة في المعرض وهو ما يتعارض مع كونها إعلام التيار السعودي المحافظ. والمضحك - وشر البلية ما يُضحك - أنه (حدّد) جنسية الفتيات، وللإثارة جعلها في العنوان.. ترى كيف استطاع تحديد الجنسية؟ هذه أتركها للقراء الكرام، كما لا يمكن أن تكون تلك المادة (مقالاً تحليلياً) لأن التحليل يرتكز على معطيات واقعية ومعلومات صحيحة. فإن كانت الصور ُتظهر ارتداء فتيات عربيات لفانلات بشعار صحيفة الجزيرة وهذا (واقع)، فأين المعلومة الحقيقية التي تثبت أنهن يعملن ضمن فريق (الجزيرة) المشارك في المعرض، هل تم سؤالهن؟ هل تم تحري الدقة بسؤال الإخوة المشاركين في جناح (الجزيرة) عن تلك العارضات؟ خاصة ً أن المحرر يقول: (تقوم العارضات باختيار الزوار السعوديين وإقناعهم بالاشتراك بالجريدة، والاستفادة من العرض المقدم الخاص بالمعرض)، بل يزعم أن الفتيات العربيات المقيمات في دبي وبالذات من الجنسية التي حددها يتجهن للعمل في المعارض (عارضات)، لا سيما أن عقود العمل قصيرة. هنا أتساءل: لماذا لم ُيكلف المحرر نفسه سؤال إدارة المعرض أو الهيئة المنظمة عن حقيقة ارتباط الفتيات العارضات بجناح (الجزيرة) في حال لم يحصل على معلومة صحيحة من الإخوة الموجودين في الجناح؟.. عفواً نسيت أن المحرر كتب مادته في الرياض والمعرض مقام في دبي.

إذاً يمكن الافتراض أن (المحرر الإلكتروني) قد التقط صور فتيات زائرات للمعرض من أحد المواقع الإلكترونية، وهن يرتدين فانلات تحمل شعار (الجزيرة) كزائرات لجناحها الذي يقدم الهدايا التذكارية والمطبوعات الدعائية كما تفعل بقية الشركات والمؤسسات الاتصالية والتقنية والإعلامية، فتوهم حدثاً معيناً نسج حوله ما يعتقده خبراً، ربما ليجسد شعار الصحيفة الإلكترونية التي ينتمي لها، وفات عليه أنه قدم (دعاية مجانية) لصحيفة هي في غنى عنها، فالشهرة يبحث عنها من يقذف الشجرة المثمرة.



Kanaan999@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد