Al Jazirah NewsPaper Saturday  01/11/2008 G Issue 13183
السبت 03 ذو القعدة 1429   العدد  13183
ما الجديد في الانتخابات الأمريكية؟
د. وحيد بن حمزة عبدالله هاشم

السؤال ما الجديد في السياسة الأمريكية القادمة سؤال مطروح منذ زمن طويل لم نحظ له بإجابة واحدة حقيقية صادقة ومقنعة. الذي نعهده في سياسات الدول العظمى عامة، والسياسة الأمريكية خاصة إبان الأزمات أو الحملات الانتخابية الرئاسية حدوث التواءات سياسية مفاجئة وأحياناً تناقضات سياسية داخلية غير متوقعة عادة ما تقوم بمناورات سياسية مخطط لها بذكاء بغرض تحقيق أهداف ومصالح ذاتية بحتة تتصدر قائمتها سياسية مخطط لها بذكاء بغرض تحقيق أهداف ومصالح ذاتية بحتة تتصدر قائمتها غريزة حب البقاء وتحقيق مكاسب سياسية كمية أو نوعية تصب في مصلحة تلك الدول أو قياداتها السياسية.

من هنا فإن حملات التسويق السياسية التي تشتد قواها على المستوى الداخلي الانتخابي الأمريكي لا تختلف إطلاقاً في أهدافها عن حملات التسويق المماثلة على المستوى الدولي، حتى وإن اختلفت في التكتيك والأساليب. فجميع المناظرات بين المرشحين الديمقراطي والجمهوري فيما يتعلق بمستقبل السياسة الأمريكية الخارجية لم يتمخض عنها مفردات مقنعة، بل إن جميعها صبت في موقع الغموض والضبابية المتعمدة.

ولا شك أن إطلاق التصريحات السياسية الأمريكية التي حملتها تصريحات المرشحين الجمهوري جون ماكين، والديمقراطي باراك أوباما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية وإن حملت في طياتها رسائل مختلفة إلى الدول والشعوب، إلا أنها تشير بحقائقها إلى معنى واحد لا يمكن أن يختلف في شكله أو مضمونه شخصان.. الاستمرارية السياسية والبقاء السياسي والحفاظ على الأوضاع الراهنة على ما هي عليه. فتخطي العمل المؤسساتي لا يمكن أن يتعدى العشرة في المائة لأي رئيس أمريكي يصل إلى البيت الأبيض أيا كانت شخصيته وقوته وفعاليته.

إن لغة السياسة الأمريكية في مضامينها الداخلية قد تختلف من مرشح لآخر بينما تبقى لغة السياسة الخارجية واحدة وموحدة متعارف عليها في جميع الأوساط السياسية الدولية بعد أن استأصلت من قاموسها منطق العدالة وعكفت في مجملها على تبني لغة الكيل بمكيالين ولربما بأكثر من القضايا المهمة والحساسة.

لهذا فإن تغير الخطاب السياسي الأمريكي من العمل على تحقيق الأهداف والمصالح الأمريكية الرامية إلى (دمقرطة العالم العربي) من خلال حركة سياسة أمريكية مباشرة مع الشعوب، إلى خطاب سياسي مختلف تماماً عن السابق يركز على الحرب على الإرهاب والعمل على إحداث تغيرات سياسية واجتماعية في دول العالم الثالث، لا يمكن أن يمر هكذا دون وقفة تحليلية جادة للتعامل معه. كما ويصعب أن يؤخذ به هكذا على علاته دون فحص وتمحيص دقيقين وبدون الخوض في أعماقه لمعرفة الخلفية والأسباب التي حدت بحدوث ذلك التغير المفاجئ بل إن لم يكن التغير الجذري.

الذي يمكن استشفافه وقراءاته أن سياسات الرئيس بوش الخارجية تلك لم تعد بصالحة ولا فعالة بعد أحداث العراق وأفغانستان ليس وحسب لأنها فشلت في قراءة الحقائق الثقافية والحضارية للمنطقة، وإنما لأنها تعاملت مع تلك الحقائق بمنظور أحادي ذاتي غريب وبعيد كل البعد عن مفردات المنطقة وقيمها وأخلاقياتها ونواميسها.

محصلة القول إن السياسة الأمريكية الخارجية كالحرباء سريعة ومرنة في ذات الوقت وبمقدورها التفاعل والتأقلم وإعادة التأقلم بشكل متواصل بل وتغيير لون جلدها كلما اقتضت الضرورات لذلك التغير، أو كلما حرصت الإدارة الأمريكية على مجاراة مستجدات مستحدثة أو حقائق الواقع الذي تعيشه أو الذي من المتوقع أن تعيش فيه.

بيد أن الحقيقة الأكثر التصاقاً بآلية التغير في السياسة الأمريكية تؤكد أنها من السياسات (الموسمية الحركية المنظمة) التي تعتمد على قوى المد والجزر الداخلي الأمريكي فتتحرك كيفما تريد وتهاجم وقتما تريد، وستبقى حقيقة تعامل لكل من يصل إلى البيت الأبيض في الأشهر القليلة القادمة.

الهم الأوحد لكل من المرشحين الديمقراطي والجمهوري هو كسب أصوات الناخبين للفوز بمقعد البيت الأبيض، هذا بالتحديد ما يمكن أن يفسر سياسات المرشحين وتصريحاتهما، أما حدوث تغير جذري أو وقوع تغير ملموس أو ملحوظ قد يطرأ على سياسات هذا المرشح أو ذاك فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط، فإنه من القضايا المرحلية التي تتطلب وقتاً طويلاً وجهداً قليلاً. لننظر ما تحمله الرياح السياسية الأمريكية القادمة إلى البيت الأبيض ومن ثم من البيت الأبيض التي دائماً ما تحركها مرتفعات أو منخفضات حركة السياسة الداخلية وقواها المختلفة خصوصاً جماعات الضغط والمصالح.



drwahid@email.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد