Al Jazirah NewsPaper Saturday  01/11/2008 G Issue 13183
السبت 03 ذو القعدة 1429   العدد  13183
لما هو آت
الإتقان في مرمى الذات..!
د. خيرية إبراهيم السقاف

لهاث ساخن في أروقة الجامعات والمؤسسات المختلفة محوره خصائص، ومستويات, وآليات: (الاعتماد)..، و(الجودة)، و(المعايير).., وكل يركض للإدلاء برأي لكن هذا الرأي لا يخلص من الاعتماد على مرجعيات ما قال سميث أو نطق جيمس أو صنف شالرز أو سار عليه جون أو رفضه ماك أو أيدته جولي أو صفقت له جاكي..,

حتى أننا بتنا في سباق حميم بين مكاتبنا وصالات المطارات وبين فنادقنا وردهات القاعات.. وكثير من الصغار لا يرون آباءهم بالأيام وكثيرات من الزوجات يكدن لا يتمكن من مهاتفة أزواجهن ولو عند طارئ.., المقاعد الأولى لذوي الشوارب الملونة والعيون الزرقاء, من ذوي العقول المصغية في نهم للغوص في هذه التركيبة النفسية التي يجدون عليها هؤلاء اللاهثين من ورائهم..

ولا إنكار بأن الأخذ من الآخر وتحديدا المتفوق علميا ومعرفيا وإنجازا جزء من مقومات التطوير ودافع له..لكن يبدو أننا بعاطفتنا الانسيابية نهمل أسسا كبيرة وذات أهمية بعيدة في أن ما أخذ بسرعة سيذهب بسرعة .. وما تعرض للغلي في فضاء الكشف يتبخر مع تدفق التطاير.., لذلك فحكيمات الجدات كن يسبِّكن الطبخة على مهل ويقدمنها بعد الاستواء الجيد.., والذين يميلون دوما للأكل نصف المستوي غالبا ما يصابون بالتلبك المعوي أو تصيبهم حمى الفيروسات في الأجساد الداخلة لأمعائهم دون تخلص منها..

وهناك وجبات رئيسة غالبا ما تكون معدة بإتقان وتلك التي ينبغي تذاكر وجودها وإلا فإن القصور لاحق بلا محالة فيما يتناوله المتحلقون حول الوجبة..

هي حال ليست طارئة وإنما يبدو ستكون مستديمة..

أذكر بأنني قبل أكثر من عقدين ونصف طلبت من طالبات الجامعة في مقرر الشعر في العصر الأموي أن تعد كل مجموعة منهن معاني مفردات قصيدة معجميا وكان الهدف أن يتقن آلية البحث والاستخراج والفهم والمقارنة ومن ثم إثراء قاموسهن اللغوي وتآلفهن بالمفردة اللغوية.., كنت على يقين بأن مفهوم (الإتقان) لم ينشَّأن عليه مدرسيا..

وأن إجادة تدوين المفردة واستنباط علاقتها بالنص لم تكن في مسيرة تدريبهن في مراحل الدراسة السابقة بل وليس في مراحل تنشئتهن .. في الوقت الذي كنت أؤمن يقينا بأنه المعيار الأول لتنمية الحس الذاتي بمعنى الإخلاص في العمل والعزم على الإتقان والأداء الجيد لما هو مطلوب من الإنسان عندما يربى وينشَّأ.. فعملية تزويد المرء بأخلاقيات الأداء سلوكا في عمله وقوله إنما تبدأ منذ تنشئته ومع تدريسه وتعليمه.., لذلك يغيب عن الأذهان أن جميع آليات (الجودة) ومفاهيم (المعايير), وأولويات (الاعتماد) هي في الأصل جزء من جزء من تربية الأخلاق.

وليست الأخلاق التي يجتهد نحوها الإنسان بل تلك التي ترتبط بخلق سيد المرسلين الذي هدى وعلَّم بأن الله تعالى يحب إذا عمل أحد من خلقه عملا أن يتقنه, أي يجيده، أي يخلص فيه أي يدرك أن الله تعالى يراه وإن لم يكن هو يرى ربه, ضوابط لا أستسيغ البتة أن أتلقاها في منأى عن هذا المعين.., قلت ذلك في واحد من لقاءات (الجودة) الطارئة في غيابنا، وتم توثيقه بحثيا.., وأقوله هنا.. عابرا ليصل لمن يقرأني..



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5852 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد