Al Jazirah NewsPaper Saturday  01/11/2008 G Issue 13183
السبت 03 ذو القعدة 1429   العدد  13183
الداعم الكبير للجمعيات الخيرية بحائل إلى رحمة الله
الشيخ حمود المعجل أقام الأوقاف الخيرية ودعّم كل جمعيات حائل

حائل - عبدالعزيز العيادة

فَقَدَ الوطن ومنطقة حائل الشيخ حمود بن معجل الفرج يوم الخميس الماضي، وأعلن رحيله عن هذه الدنيا، وأُقيمت الصلاة عليه بعد صلاة أمس الجمعة في جامع الملك خالد بأم الحمام بالرياض الذي شهد الوداع الأخير له من أحبابه في كل الوطن بعد أن قدّم أنموذجاً عملياً لرجل الخير والعطاء؛ فقد كان عنواناً سخياً لدعم الجمعيات الخيرية، وبوفاته فقدت هذه الجمعيات والداً حنوناً وأباً رحوماً وإنساناً فوق العادة. ولهذا الشهم بعد رحيله ذكريات ومواقف لا تُنسى، تتوقف عندها اليوم الجزيرة كما كانت معه عندما كانت تبادله الوفاء في حياته، وكان يقرؤها ويتفاعل مع كل ما كتب عنه وعن المنطقة، ليس لأمر يخصه، ولكن لأنه كان بالفعل يعشق حائل والوطن عشقاً نادراً لا يتكرر.. وإليكم هذه المحطات المضيئة مما كان ينفقه في فعل الخير:

مساعدات في كل اتجاه

مَن يشبهك بكل تفاصيلك.. مَن يشبهك أيها الفارس.. الذي ترجل عن جواده، وقال بحزن ولوعة الفراق: اذكروني أني أحبكم، ودليلي ما أنفقته من مشاعري وروحي من أجلكم!!

مَن يشبهك أيها الصديق الصدوق الذي أبكتني من جديد ابنتي (أصالة) بعد تماسكي قليلاً بسؤالها البريء كيف يكون صديقك وبينكما كل سنوات العمر الطويلة هذه؛ لتجعلني أحكي لها لا إرادياً وفورياً مدى حبك أيها الشهم لهذا الوطن ولحائل وكيف كنت مشجعاً ومسانداً لكل مجتهد من أجل حائل وبمشاعر أبوية لا توصف!

مَن يشبهك أيها الصديق البياض كسحاب لا يمطر إلا خيراً ولا يغرق فيه إلا كل من يعرفك، ليس غرقاً مميتاً وإنما غرقاً بحبك وطيبتك وإنسانيتك.. مَن يشبهك وأنت تدعم بكل اتجاه، فمن يحتاج ليس أمامه بعد الله إلا عطاؤك المتدفق سواء كان جمعية خيرية أو مستشفيات صحية أو أندية رياضية أو مراكز اجتماعية أو مراكز صيفية أو مراكز ثقافية أو حتى مريضاً أو مرافقاً لمريض انقطعت به السبل في مستشفيات الرياض بعد مجيئه من منطقته ليجدك المعين بعد الله والسخي بعونك ومالك وكلماتك الطيبة التي لا تخرج إلا من رجل كريم لا يشبهه فيها أحد!!

باختصار إنه الرجل الذي اجتمعت عليه حائل، كل حائل، وأعلنت بكل أطيافها أنه كان رمزاً في كل شيء، في تدينه، في بذله على وجوه الخير، في فاعليته كمواطن غيور، في مبادراته التي يفكر بها بنفسه ويعمل على تنفيذها دون أن يعلم بها الآخرون، وكلها كانت لخير الناس والمجتمع وحائل.. والأجمل أنه كان لا يكتفي بما بادر به - وإن كان ما بادر به كثير - إلا أنه كان سريع الاستجابة والعطاء مع كل نداء خيري واجتماعي ووطني.

جمعية خيرية متنقلة

فمَن يُرِدْ أن يعرف من هو الشيخ الراحل حمود المعجل فليذهب إلى كل جمعياتنا الخيرية في حائل وغيرها من المناطق وجمعية تحفيظ القرآن الكريم؛ فقد أسّس مباني الجمعيات من ماله الخاص، ودعّم كل برامج المساعدات في الجمعيات، وقام ببناء المساجد وتبني الصرف المباشر على العديد من الأسر المحتاجة.

واتسعت شمولية العطاء عند الشيخ حمود المعجل - رحمه الله - إلى مجالات مهمة في حياة الحائليين، ومنح الصحة جُلّ اهتمامه، وأسهم بماله ومتابعته في تطوير وتحسين جوانب من الخدمة الصحية بالتبرع بالأجهزة الطبية المساعدة، ومنها تبرعه السخي بمجموعة من وحدات غسيل الكلى في العديد من المستشفيات بمنطقة حائل، وخصوصاً في بعض المدن والمحافظات التابعة للمنطقة التي كانت لا تحتوي على وحدات غسيل للكلى، فكان أن تغيرت أحوال المرضى في تلك المواقع الذين كانوا يضطرون إلى السفر بشكل مستمر إلى حائل من أجل إجراء الغسيل، كما تبرع لنادي الطائي بأجهزة طبية لوحدة العلاج الطبيعي بالنادي بمبلغ تجاوز عشرة آلاف ريال، وتبرع لعدد من المدارس بالمنطقة، وتبرع بإنشاء صندوق الشيخ حمود المعجل الخيري بحائل لدعم أوجه الخير بالمنطقة، وتبرع لعدد من الفعاليات الثقافية بالمنطقة وتبنى مصاريف إقامتها بالكامل، وكان مشروعه الخيري لسقيا عدد من القرى بما تجاوز ثلاثين مليون ريال نقطة تحوّل إيجابية في مسيرة الأعمال الخيرية بالمنطقة؛ ليكون من أوائل الذين أطلقوا التوجُّه الجديد بشمولية العطاء الخيري وعدم اقتصاره على بناء المساجد التي فيها الخير الكبير.

كتاب الله بالقلب

وعندما نصل إلى الحديث عن كتاب الله فإن جمعية تحفيظ القرآن الكريم ستكون أمامنا، وسيكون الفعل الفريد من الشيخ حمود المعجل ماثلاً أمامنا بكل تفاصيله، خصوصا وقد تبرع بعمارة سكنية وتجارية لجمعية تحفيظ القرآن الكريم، وجعل من الاهتمام بالقرآن إلى ما هو أشمل من دعم الجمعيات وحَفَظَة كتاب الله مالياً إلى الاهتمام بتشجيع حفظه من أبنائه وبناته، ويكفي أن نذكر للدكتورة نادرة حمود المعجل حفظها لأكثر من اثني عشر جزءاً من القرآن؛ لنكشف مدى عمق إيمان هذه الشخصية للشيخ حمود المعجل ومدى قوة تمسكه بكل ما يخدم كتاب الله ويطوّر أعمال جمعية حائل لتحفيظ القرآن. وقد امتد دعم الشيخ حمود المعجل لتقديم العون السنوي للجمعيات الخيرية بمبالغ كبيرة تتجاوز مليون ريال سنوياً، فضلاً عن دعم سنوي للجنة رعاية أسر السجناء والمفرج عنهم، وكان تجهيزه لمباسط الخضرة ودعمه للسجناء المفرج عنهم دليلاً على عشقه للأعمال الإنسانية وبناء مستقبل جديد لمثل هؤلاء، كما تبرع بعمارة لتوعية الجاليات كانت نافذة مضيئة لهداية وإسلام المئات من الوافدين الذين كانوا يجهلون كل شيء عن الإسلام، وبجهود أعضاء الجاليات بحائل أصبحوا بعد توفيق الله من المسلمين.

خدمة المرأة الحائلية

أظهر الشيخ حمود المعجل بُعداً حضارياً في عطائه الخيري ووقفته مع نساء الوطن، وكأنه يؤكد أهمية الدور المؤثر للمرأة في مجتمعنا حالياً، وضرورة وقوف الجميع لدعمها ووصولها إلى النجاح المأمول؛ لتكون عنصراً فعّالاً في بناء حاضرنا ومستقبلنا، وكان ركيزة أساسية لقيام واستمرار جمعية أجا النسائية الخيرية بحائل، مستثمراً الدعم الذي وجده من صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبد المحسن بن عبد العزيز أمير منطقة حائل وصاحبة السمو الأميرة هالة بنت عبد الله آل الشيخ حرم أمير منطقة حائل، فأقام مبنى على نفقته ليكون مقراً دائماً وملكاً لجمعية أجا الخيرية النسائية بحائل، وذلك بتكلفة تجاوزت أكثر من مليون ريال، بعد أن كانت الجمعية في مقار مستأجرة ومؤقتة، ودعّم برامج الجمعية المختلفة، وكان صوتاً داعماً للمرأة الحائلية في كل مجالات العمل والإبداع وفق تعاليم ديننا الإسلامي وتقاليدنا العربية.

الفائز الأول بجائزة حائل

وكان الشيخ حمود المعجل أول فائز بالإجماع بجائزة حائل للأعمال الخيرية، ولو كانت الجوائز تمنح لأكثر من مرة لفائز لكان أحق مَن يُمنح الجائزة عدة مرات هو الشيخ حمود المعجل ورجل العطاء وابن حائل البار معالي الدكتور ناصر الرشيد، مع وفائنا لكل الأسماء والجهات التي فازت بالجائزة في نسخها التالية، والتي لا شك أنها تستحق، وكل حائل تقدر لهم كل ما قدموا بسخاء وحب لعمل الخير لوجه الله تعالى.

الوداع الأخير

رحلت أيها الفارس.. رحلت وتركتنا هنا.. لا نعلم مَن يبكي الآخر؛ فأنت رحلت إلى ملك الرحمة، وكنت إحدى نفحات الرحمة والإنسانية بقلب يسير على أقدام إنسان كله خير.

رحلت أيها الإنسان.. وقالوا إنه مات، ولم يعلموا أن الرحيل الذي يشبه رحيلك هو تخليد وبقاء فوق النسيان. أمام عيني ما زالت وستبقى صورك حية وأنت تمشي أمامنا بصعوبة كبار السن وبهمّة رجال الخير، قاصداً مرفقاً أو جمعية خيرية، واعذرني لأكشف فحوى آخر مكالمة بيننا عندما فاجأتني بسؤال عن شائعة حول المدينة الاقتصادية، وطمأنتُك وكنتَ خائفاً على مستقبل المنطقة، فجاءت كلماتك عفوية وصادقة ومحبة لبناء الوطن وحائل.

فيا أيها الوطن لا يكفي أي حفل تكريم لفقيدنا، ولا تكفي لو أسمينا أكثر من شارع باسمه، ولكن يبقى التكريم سمة الأوفياء، فكرموه بالدعاء أولاً وآخراً، وبكل برامج الوفاء ثانياً، فإن لم تجودوا للشيخ حمود المعجل بمشاعركم فلمن تكون؟!




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد