Al Jazirah NewsPaper Sunday  02/11/2008 G Issue 13184
الأحد 04 ذو القعدة 1429   العدد  13184

هذرلوجيا
لماذا أخو فلانه؟!
سليمان الفليح

 

قد يستغرب ممن لا يعرف تقاليد أهل الجزيرة العربية تنازل خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - على تسمية جامعة البنات باسمه الكريم لتحمل اسم عمته الأميرة نورة بنت عبدالرحمن طيب الله ثراها، أما السبب الذي يدركه الكل هنا فهو (اعتزاء) أو اعتزاز الرجال بشكل عام والفرسان بشكل خاص بأسماء أخواتهم والافتخار بأسمائهن كرمز للشرف والتذكير بقدسيته دائماً للذّب عن حماه، وهذا ما كان يفعله المؤسس العظيم عبدالعزيز لدى كل حدث أو موقف يستفزه و (يستحثّه) فكان ينتخي دوماً (أنا أخو نورة)، ونورة بالطبع لم تكن كسائر النساء العاديات لأنها كانت المحفّز الدائم لأخيها عبدالعزيز في انطلاقته الفذة من الكويت ليشيد هذا البناء العظيم والوحدة المباركة.

ونورة هي التي كانت تذكّره بوطنه ومجده المنتظر وهي التي وقفت موقف (الحرّة) لئلا تتغلب العاطفة لدى عبدالعزيز حينما بكت والدته وحاولت أن تثنيه عن تلك المغامرة وكان موقفها (الصلب) هو الحاسم بين نداء الأم الكبرى (الأرض) ونداء الأم الصغرى (الوالدة) وكانت الأميرة نورة هي مبعث شعاع الحنان الخارق والقوي لهموم وبوح أخيها (العزيز) عبدالعزيز وهي التي تكون أمامه في المنعطفات النفسية والاجتماعية والعائلية حينما يحار لديه السؤال، وهي المرأة التي كان يدعوها (الأنور) بدلاً من نورة إذ نُقل عنه أنه قال: لو كانت نورة رجلاً لما اكتفيت بما حققت. إذن نحن هنا إزاء امرأة عظيمة جديرة بالاعتزاز والاعتزاء والنخوة والانتخاء لأنها كانت في زمنها (جامعة نسائية) فكيف لا يطلق اسمها على جامعة اليوم؟!.

***

وأقول ليس الملك عبدالعزيز وحده الذي كان (ينتخي) بأخته فقط بل إن العديد من فرسان وأبطال الجزيرة العربية وشجعانها وكرمائها كان يعتزون بأخواتهم وربما بجدات آبائهم كرمز ونداء خاص يستحث كرامتهم ويذكرهم بالشرف كرمز له لا سيما إذا كانت تلك المرأة مميزة في سلالة العائلة.. وبالإضافة إلى ذلك كانوا ينتخون ب(نجابئهم) وإبلهم وأفراسهم الأصيلة، لذلك يُقال (راع البويضاء فلان) أو (راع الملحاء فلان)، أو راع الكحيلة (الفرس) فلان الفلاني وقد يجمعون النخوتين في نداء واحد كقولهم (خيال الفلانة أخو فلانة) وهكذا.. الخ الخ.

بالطبع كان ذلك حينما كان الرجل العربي يموت عند ثلاث أو بالأصح من أجل ثلاثة (العرض والسلاح والحلال) وحينما قامت الدعوة الإصلاحية المباركة أصبح الرجل يموت من أجل العقيدة أولاً وحسبه ذلك.

* واليوم وفي زمن الرخاء و(الاسترخاء) لم يعد الرجل ينتخي بأخته لتفكك العلاقات الأسرية وتفرق الأسرة ولربما لتفوق الأخت على أخيها سواء في الشهادة أو المنصب أو الموقع الاجتماعي أيضاً فأصبحت (لربما) هي التي تنتخي به (إذا كان جديراً بالنخوة!!).

***

أما فيما يخص الاعتزاز والاعتداد والنخوة والانتخاء (بالناقة) فلم يعد ذلك قائماً اليوم لا سيما وأننا اليوم نسمع أو نقرأ عن مزاين الأغنام التي بلغت أرقاماً خيالية فهل مثلاً نقول أنا راعي (النعجة) أو بالأصح (الرخلة)، وإذا ما أردنا الاعتزاء بالمطايا فهل نقول أنا راعي (اللكزس) أو أنا راعي (البنز) أو أنا راعي (عراوي)؟! أما بالنسبة لي شخصياً فحسبي ما قاله قبلي أحد الأصدقاء الشعراء:

جتكم وأنا راع البيوك التماتيك

لا سوق عادي ولا اعتزي بالمطيّه!!

لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7555 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد