Al Jazirah NewsPaper Tuesday  04/11/2008 G Issue 13186
الثلاثاء 06 ذو القعدة 1429   العدد  13186
الطاقة ومواقف مرشحي الرئاسة الأمريكية !
م. ياسر بن محمد الصالح

مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية يكثر تساؤل وتكهن المواطنين الأمريكيين عن موقف المرشحين من مواضيع الطاقة المتعددة مثل: قضية الأمن القومي للطاقة، وبرامج ترشيد الطاقة، وكذلك تفعيل تقنيات الطاقة النظيفة التي من شأنها الحد من انبعاثات الغازات الكربونية الناتجة عن الأنشطة الصناعية الأمريكية.

وحقيقة الأمر أن مثل هذه القضايا بأبعادها المختلفة لا تخص الأمريكيين فحسب بل تهم وتشمل اقتصاد العالم أجمع، كيف لا؟! وأمريكا مازالت تمثل القوة الاقتصادية الكبرى وهي مستخدم الطاقة الأضخم والملوث الأول في العالم.

أما في ما يتعلق بقضية تقليل اعتماد امريكا على نفط الخارج، فقد دعا المرشح الجمهوري جون ماكين John McCainإلى المناداة باستخراج النفط وإنتاجه داخل أمريكا، وطالب بإنهاء الحظر المفروض على المياه الفيدرالية لاستخراج النفط والغاز الطبيعي، مع الزعم أن ذلك من شأنه مواجهة ارتفاع أسعار النفط مؤخراً. أما المرشح الديمقراطي باراك أوباما Barack Obama فقد غيّر معارضته المبدئية لهذا المشروع عندما أدرك أن موضوع النفط الأمريكي تحوّل إلى قضية رأي عام بدأ الجمهوريون يفوزون بها، فسارع بالموافقة على خطة استخراج النفط الأمريكي ولكن كجزء من خطة متكاملة للطاقة اعتمدها في برنامجه الانتخابي. والجدير ذكره هنا- بما أن احتياطي النفط الأمريكي لا يتجاوز 3% من اجمالي الاحتياطي العالمي للنفط فلن يتجاوز حجم النفط الذي قد يستخرج عن 75 بليون برميل، ولو تذكرنا أن الأمريكيين يستهلكون حاليًّا- قرابة الـ 25% من النفط العالمي معتمدين في بذلك على حوالي 65% من النفط الخارجي لتلبية احتياجاتهم للطاقة، فإنه يصعب أن نتصور أن يكون لاستخراج ما تبقى لديهم من النفط أي دور مهم في تحقيق الحلم الأمريكي المتمثل باعتمادها على نفسها في توليد طاقتها، ناهيكم عن قدرة ذلك على التأثير على أسواق الطاقة العالمية من أجل خفض أسعار النفط بالقدر الملائم.

ولو ألقينا نظرة سريعة على الموقف التاريخي للحكومات الأمريكية تجاه القضايا البيئية والمتعلقة بإنتاج الطاقة، نجد أن قلق الرئيس السابق بيل كلينتون كان واضحًا تجاه ما قد يترتب عليه الوفاء بالتزامات أمريكا البيئية من تبعات وأعباء اقتصادية. فخلال فترة رئاسته لم يقم كلينتون بتقديم بروتوكول (كيوتو) للتغير المناخي إلى مجلس الشيوخ الأمريكي لغرض الموافقة أو حتى المناقشة. أما الحكومة الحالية فقد عرفنا شغفها للنفط ومعارضتها لما قد يتعارض مع مصالحها الذاتية، ففي شهر مارس من عام 2001م وبعد أسابيع قليلة من استلام جورج بوش الابن للرئاسة الأمريكية، فقد صرّح بأنه لن يفكر في الانضمام لاتفاق كيوتو وأن الولايات المتحدة الأمريكية لن تتكفل بالالتزامات التي أقرتها اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.

ولو سلطنا الضوء على مرشحي الرئاسة الحاليين فسنلاحظ سعيهم الحثيث إلى تبني موقف مغاير لسياسات جورج بوش لاسيما فيما يتعلق بمجال استخدامات الطاقة النظيفة، فقد دعا كل من (أوباما) و(ماكين) إلى تشجيع تقنية استخلاص وتخزين الكربون الناتج عن حرق الفحم الحجري، وشجعا بدرجات متفاوتة استخدام الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء وكذلك تقديم تسهيلات تشمل إعفاءات وتخفيضات ضريبية لمشاريع الطاقة المتجددة، إلا أن البعض يرى أن أوباما قد يتفوق على ماكين في دعم الطاقة الصديقة للبيئة، فعلى سبيل المثال، نادى "أوباما" بدعم مشاريع الوقود الحيوي، بينما تردد موقف (ماكين) خلال السنوات الخمس الأخيرة ما بين مشجّع ومعارض، وصوَّت (أوباما) مع قانون يطالب أن تشكل الطاقة المتجددة مقدار 25% من إجمالي مصادر الطاقة الأمريكية بحلول عام 2025م، بينما عارض (ماكين) قانوناً فيدراليّاً مشابهاً.

وهنا يجب علينا أن نعلم أن الاستدلال بتصويت السياسيين لمعرفة توجهاتهم لا يخلو من المغالطة لما قد تحمله تصويتاتهم السابقة من أغراض وأجندات سياسية خفية، كما أن تركيز البرامج الانتخابية الأمريكية على القضايا التي تشغل الرأي العام مثل موضوع البيئة لا يعني بالضرورة التزام المرشحين بها حين استلامهم للرئاسة الأمريكية، ففي ظل الوعود والتطلعات بمستقبل أخضر للولايات المتحدة الأمريكية يتبقى على الأيام أن تثبت صحتها.

جامعة مانشستر


AlSaleh.Yasser@gmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد