Al Jazirah NewsPaper Tuesday  04/11/2008 G Issue 13186
الثلاثاء 06 ذو القعدة 1429   العدد  13186
دفق قلم
ورحل عن الدنيا قائد حملة الحياء
عبد الرحمن بن صالح العشماوي

لما بلغني خبر وفاة الشيخ الأزهري محمد سيد أحمد المسير، أستاذ العقيدة في جامعة الأزهر، تذكرت تلك الحملة الشعبية المباركة التي كان شعارها الدعوة إلى (الحياء)، وهي حملة أراد بها الشيخ محمد مواجهة ظاهرة تردي الأوضاع الخلقية في الشارع العربي، وكانت هذه الحملة قد لفتت الأنظار بطرافة موضوعها الذي يكاد يغيب عن بال كثير ممن ينظمون لحملات توعية وإرشاد عامة في عالمنا الإسلامي.

لقد كان هذا الرجل - ولا نزكيه على الله - عالماً جليلاً صاحب هم في خدمة عقيدة الإسلام لأن تخصَّصه في العقيدة، كما كان جريئاً في الحق لا يخاف فيه لومة لائم، مع ما عرف عنه من أدب جم، واتساع صدر للرأي المخالف، وبراءة اللسان من شطط القول.

حينما رأى الأخلاق تنهار في معظم البلاد الإسلامية، ورأى الحياء بعيداً عن نفوس كثير من المسلمين والمسلمات في عالمنا الإسلامي، ورأى تجاوز كل من الرجل والمرأة لمواقعهما المشروعة، وانسياقهما وراء أنماط السلوك الغربي التي تجاوزت المتاح والمباح والحلال، إلى الشذوذ والشطط والتهاون بالحرام، كما رأى كثيراً من نساء المسلمين ينجرفن في طريق الاختلاط المحرم، والخلوات المحظورة مع الرجال الأجانب، والتبرج الذي وصل إلى حدِّ الإطاحة بصفة (الحياء) التي ترتبط بالإيمان بالله والخوف منه، وحينما رأى الشيخ محمد سيد أحمد المسير - رحمه الله - أسواق كثير من الدول الإسلامية تتحول إلى ميادين حرب شاملة على الحشمة والحياء والوقار، وإلى مسارح استعراض - غير خلقي - لأجساد النساء صغاراً وكباراً، وأجساد الرجال الذين انساقوا وراء تقليد بعض الأزياء الغربية التي تحوِّل الرجل إلى كائن تائه بين الأنوثة والذكورة.

حينما رأى الشيخ ذلك كله أطلق فكرته المثيرة (حَمْلة الحياء) وهي حملة شعبية شاملة تهدف إلى تنبيه المسلمين إلى الهوَّة السحيقة التي وصلت إليها أخلاقهم في هذا العصر، وتحذيرهم من هذا الفصام النكد بينهم وبين (صفة الحياء) التي هي من أهم صفات العقلاء والأسوياء من البشر ذكوراً وإناثاً.

ويا لها من فكرة رائدة أرجو أن ينال الشيخ الراحل من أجرها فضل عظيم عند ربِّه، وهي فكرة قابلة للتطبيق في عالمنا الإسلامي كله لإعادة كثير من المسلمين إلى بساتين دينهم الوارفة الظلال.

وهكذا - أيها الأحبة - تكون الأعمال المتميزة دليلاً على شخصيات أصحابها، وسبباً من أسباب فلاحهم - مع صلاح النية - في الدنيا والآخرة، وتبقى معالم واضحة يدعو لهم الناس كلما رأوها أو تذكروها.

لقد أشارت حملة الحياء إلى خطورة تعوُّد الناس على كسر حاجز الحياء في نفوسهم، ومن الأمثلة على ذلك أنك ربما تجد شيخاً أو داعية مسلماً يجلس في برنامج تلفازي أمام مذيعة بعيدة عن الحشمة والحياء، لابسة للقصير مكشوفة الصدر ويتحدث في أمور دينية متغافلاً عن حالة حاضرة أمام عينيه، تخالف في مظهرها تعاليم الدين الذي يتحدث عنه، وهذا نوع سيِّئ من التعود والاستمراء الذي يكون سبباً في ازدواجية النظرة، واضطراب الموقف عند المسلمين.

لقد رحل عن الدنيا قائد الحملة الشعبية للحياء الشيخ الأزهري محمد سيد أحمد المسير، نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعه بما قدَّم، وأن يجزيه خير الجزاء.

إشارة

الأفعال الكبيرة في مجال الإصلاح، تنقش أسماء أصحابها في لافتة الخير والصلاح.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5886 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد