Al Jazirah NewsPaper Thursday  06/11/2008 G Issue 13188
الخميس 08 ذو القعدة 1429   العدد  13188
بمساهمة نخبة من الفنانين
تميز التشكيل السعودي منحه حق الفوز دولياً

متابعة - محمد المنيف

عند بحثي عن كيفية الحديث حول ما تحقق للفن التشكيلي من حضور مشرف خارج الوطن لإيضاح انه كان حاضرا في فترات سابقة تعود بي الذاكرة إلى مساهمات عدد من التشكيليين السعوديين خلال وجودهم مبتعثين في دول أوروبا وأمريكا لم يكن الكثير يعلم بها في وقتها نتيجة قصر سبل الإعلام وتواجدها في حدود ضيقة في ذلك الوقت حجب عن المتابعين معرفة تلك المساهمات عكس ما نعيشه اليوم من تعدد سبل التواصل وسرعة نقل الحدث في وقته مهما كان صغيرا لهذا لم يكن لتلك المشاركات حظ في الوصول إلينا إلا من خلال ما نقرأه في السير الذاتية للفنانين التي توثق مشاركاتهم في تلك المسابقات أو المعارض التشكيلية في الدول التي تلقوا فيها تعليمهم الأكاديمي منها الأوروبية أو في الولايات المتحدة الأمريكية ولنا أن نذكر منهم الفنانين محمد السليم وعبد الحليم رضوي، د محمد الرصيص، علي الرزيزاء، بكر شيخون، كمال المعلم، احمد فلميان، وغيرهم كثير، إضافة إلى ما تحقق لاحقا لهذا الفن من حضور متميز من خلال ما قامت به الرئاسة العامة لرعاية الشباب في الأسابيع الثقافية والمشاركة في المسابقات الدولية والمعارض الجماعية والبيناليات في مختلف دول العالم منح فيها لبعض الفنانين السعوديين جوائز متقدمة ومشرفة و شهد له الكثير بالقدرة على المنافسة.

هذا الحضور الجميل للفن التشكيلي يؤكد ما لهذا الفن من أهمية في التعريف بما تحقق للثقافة من تطور كونها تشكل ابرز ملامح بناء الإنسان حيث يأتي الفن التشكيلي أحد روافدها.

خصوصية الفن وهويته

تفسر صفة العالمية عند الحديث عن أي منتج على أنه يطابق الشروط التي يتفق عليها المنتجون وتشرف عليها هيئات تعنى بالمواصفات والمقاييس، إلا أن هذه العبارة أو الصفة أو الشروط لا يمكن أن تنطبق على الإبداع، فلكل ارض وشعب ثقافة وأسلوب حياة وأنماط إبداع تستلهم من تراث أصيل لا يمكن التخلي عنه أو تجاهله ولهذا فان التشكيلي السعودي استطاع أن يمسك العصا من منتصفها كما يقال جامعا بذلك بين أسلوب المعالجة والتنفيذ والتقنيات العالمية دون أن يخل بشخصيته ومرجعيته وقيمه الدينية والاجتماعية وتراثه المتنوع ليصبح أهم مصادره الهامة من هنا يمكن لنا الحديث وباعتزاز عن كل إبداع سعودي أصبح له حضوره العالمي وعن ما يحمله من سمات وصفات وملامح تؤكد أصالته وانتماءه للوطن مهما تعددت فيه سبل التعبير أو استخدمت فيه تقنيات التنفيذ أو بما سيظهر به من نمط يتوازى مع ما يتم القيام به عالميا فكل هذا لا يمكن أن يزيل منه روح ورائحة الوطن.

اعتراف دولي بالإبداع السعودي

لم يتوقف طموح الفنانين التشكيليين عند حدود المنافسة المحلية ولم يجدوا صعوبة في الدخول ضمن المنافسات الدولية بل وصل الأمر إلى أن يكونوا ضمن دائرة اهتمامات تلك المحافل حيث أصبح للفنانين السعوديون موقع قدم ومساحة من بين ما يمنح لفنانين عالميين من فرص المشاركات حيث تتم دعوتهم بشكل مباشر أو عبر المؤسسات الرسمية للمساهمة في العديد من الإنجازات التشكيلية العالمية منها ما يتعلق بالبينالي أو الندوات أو المشاركة في تجميل ميادين في دول عالمية لا تقبل إلا المتميز فكان لفنانينا من هذه المناسبات نصيبهم وكان لحضورهم ومشاركتهم الأثر الكبير والتأثير أيضا على ما كان يفهم عن المملكة أو يقال ناقلين بهذه الإبداعات الراقية الآتية من فنانين يحملون الوعي والثقافة والقدرات التقنية على أعلى مستوى يوازي ما يحمله بقية المشاركين معهم من الفنانين العالميين المشاهير في أوطانهم مؤكدين ما تحظى به الفنون التشكيلية بالمملكة من اهتمام رسمي ومن نوعية متميزة من المبدعين، وتأتي تلك الدعوات لهؤلاء الفنانين اعترافا رسميا بهم فكنوا خير سفراء لوطنهم.

ضياء وكمال والبقية تتبع

كان للفن التشكيلي السعودي في مختلف الفترات الماضية والحالية من الإنجازات ما يجعلنا نستشرف المستقبل ونثق بالقادم من الأيام بعون الله من خلال طاقات إبداعية رائدة ففي الأيام القريبة الماضية تابعنا في جريدة الجزيرة وسعدنا بنشر وتغطية العديد من المناسبات التشكيلية السعودية الدولية منها إقامة المعرض التشكيلي السعودي في ألمانيا الذي أعدته وزارة الخارجية وأقامت له مسابقة باسم السفير التشكيلي وافتتح المعرض على شرف خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز خلال زيارته إلى ألمانيا وكان المعرض مثار إعجاب الجمهور الألماني، تبع ذلك إهداء حكومة خادم الحرمين الشريفين مجسما من تصميم الفنان ضياء عزيز للحكومة المكسيكية يمثل جناح حمامة سلام يحتوى العالم ممثلا في الكرة الأرضية التي جعل الفنان المملكة الأبرز فيها مع ما أضافه تشكيل للحرف العربي أضفى على الشكل جمالا وتعبيرا عن الانتماء وضع هذا المجسم كمشاركة من المملكة مع عدد من الدول الأخرى في العاصمة المكسيكية مكسيكو سيتي دعما لمشروع دوار الأمم بهدف تحسين المظهر العمراني للعاصمة المكسيكية، فأصبح وجود هذا المجسم بما يحمله من رسالة من الوطن المملكة إلى المكسيك من خلال ما يتسم به من رموز تواصلاً حضارياً بين البلدين، وقبل أيام عاد المبدع الفنان كمال المعلم من الصين بعد مشاركته في سمبيزيوم تشانغشون الدولي التاسع للنحت بالصين، مكث خلالها خمسين يومًا ضمن 39 فنانا عالميا، نفذ خلالها مجسم (حرير الخيل) الذي يمثل فرس تلد فلوها، قام بتنفيذ الشكل من عنصرين وضع في المكان الذي عرض فيه نسخة من مجسم) المفكر) كضيف شرف السمبيزيوم لهذا العام للفنان رودان ليتم بعد ذلك نقل الأعمال المشاركة في السمبيزيوم ومنها المجسم الذي نفذه الفنان كمال المعلم إلى حديقة صينية تعد اكبر الحدائق في العالم لينظم إلى اكبر مجموعة من الأعمال الفنية تقدر بحوالي 400 عمل فني نفذها فنانون عالميون وصينيون.

خطوات مشرفة ودعم مميز

كما لا ننسى ما تقدمه المؤسسات الخاصة المختصة بالفنون وفي مقدمتها مؤسسة المنصورية التي أسهمت بإيصال الفن السعودي من خلال تبني عدد من الفنانين وإقامة معارض لهم في باريس والمعرض الجماعي بمشاركة سبعة عشر فنانا قام على تنظيمه الفنان الدكتور احمد ماطر والسيد ستبفن من المتحف الوطني البريطاني وأقيم في لندن معرض السبعة عشر وفوز عبد الناصر غارم باختيار لوحته في مزاد هو الأعلى رقم حققه عمل تشكيلي سعودي في مزاد في لندن أمام الكثير من المسؤولين والجمهور البريطاني هذا كله يشكل قطرات تسبق الغيث إلا أنها أحيت الكثير في نفوس التشكيليين ونقلت هذا الإبداع من مستوى الجمهور المحلي إلى العالمية.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد