Al Jazirah NewsPaper Thursday  06/11/2008 G Issue 13188
الخميس 08 ذو القعدة 1429   العدد  13188
عفيف والشفاه اليابسة!!
محمد أبو حمرا

مدينة عفيف مدينة بدأت حياتها من مورد ماء للبادية تكاثر عليه الساكنون حتى أصبحت مرتكزاً في عالية نجد لكثير من السكان؛ ويسكنها أناس من كل أنحاء المملكة؛ خاصة الذين كانوا فيها من المتاجرين بما يحتاج إليه الناس قبيل توحيد المملكة؛ وهم من القصيم ومن سدير ومن الجنوب والشرق والغرب، وبها أكثرية من سكانها الأصليين الذين كانت مورد ماء لهم قبل توحيد المملكة. وعفيف مدينة متسامحة وعاقلة في نفس الوقت، ويغلب الكرم على سكانها مع بساطة الحياة فيها؛ أي أنها مدينة وريف في آنٍ واحد، ومن عفيف انطلقت أول طائرة أقلت المؤسس رحمه الله.

والزائر لعفيف يجد أنها مدينة مهملة تماماً، ولا يعرف سبب الإهمال لها أو إغفالها من خارطة الاهتمام، ولعل البطء البيروقراطي الذي جثم على صدرها هو السبب. فشارع عفيف الكبير يشبه شكله جلد ثعبان رملي مرقط، فهو كثير الحفر التي سببها تكدس مياه الشرب والمجاري تحت الأرض والذي يسبب انهيارات في الشارع والشوارع الداخلية، وعمليات الترقيع لا تفيده شيئاً لأن الأساس منهار أصلاً فلا يصلح الشيء بلا أساس قوي، والمقاول المكلف بهذا الشارع الضخم يصلح اليوم جزءاً منه وبعد شهرين أو ثلاثة أشهر ينهار ما عمله فيعود ويصلحه وهكذا؛ إلى أن يرث الله الأرض أو تكون هناك عناية وعقل!!

أما أشجار الشوارع فهي المستفيدة وهي التي لا تحتاج إلى سقيا لتوفر التسربات تحتها؛ ومثل الأشجار بيوت الساكنين، التي تعوم على مياه وافرة تتسرب من الشبكة الأصلية لمياه الشرب ومن المجاري، لهذا تكثر التصدعات ويكثر الترميم للبيوت؛ أما في عفيف فإن من يمتلك صهريج ماء مرخصاً له ببيع الماء الصالح للشرب فسوف يكون ثرياً خلال مدة قصيرة بسبب كثرة شراء الماء من الساكنين في عفيف، خاصة الأحياء التي لم تصلها المياه من مشروع الري لعفيف.

ولعل الملفت للنظر أن من يريد السفر من عفيف إلى الفيضة عبر الخط المعبد فلا بد أن يحمل روحه على راحته، لأن الطريق به حفر بعضها يزيد اتساعه وعمقه على المتر؛ فتهوي السيارة فجأة وتسبب بذلك حوادث كثيرة، لأن من يعرف الطريق جيداً فلابد أن يحاكي اليربوع في الروغان من تلك الحفر؛ فيصادفه سيارة قادمة ويصطدم بها كما يحدث يومياً، ومع ذلك وكأن هذا الطريق لا يوجد من يقوم بإصلاحه.

والحالة الغريبة أو لنقل الظاهرة الغريبة هي تلك البقع السوداء التي تظهر بشكل كثيف وتتسع متجهة إلى حي المرور الجديد، وهو لون أسود ينطلق من وسط المدينة ليتوزع على كل الاتجاهات؛ فالأرض تجدها بيضاء أو تميل للحمرة، وفجأة تجد ما يشبه بقعة الزيت بمساحة ما بين عشرين إلى ثلاثين متراً، ثم اليوم الثاني تجدها أكثر من ذلك وتطول متجهة إلى الشمال الغربي أو الغرب، ولم يعرف الساكنون ما هذا اللون الزيتي الذي يظهر على السطح كل يوم في موقع جديد.

لا أدري من المسؤول عن حالة عفيف المهملة التي يرثى لها فعلاً، ولا أدري لماذا كل مسؤول أعطيت له الصلاحيات بالعمل والإنجاز يرمي الخطأ والإهمال على صاحبه في الدائرة الأخرى؛ فالبلدية كما يبدو لي في سبات عميق، ومثلها مصلحة المياه هناك التي تهدر مشروع التحلية منذ إنشائه إلى اليوم تحت الأرض عبر مواسير الشبكة القديمة المتهالكة التي لا تمسك الماء ولا تحفظه في مدينة هي أحوج إلى الماء من غيرها؛ لوقوعها في الدرع العربي الجاف. والساكن في عفيف لا يستطيع أن يبني بيتاً جديداً، لأنه كلما حفر قواعد بيته جاء سيل من الماء يزيد بالدقيقة والثانية فلا يستطيع العمل هكذا.

ولعل المتضرر الوحيد من الدوائر الحكومية في عفيف هو مرورها أعانه الله الذي كل دقيقة يتجه لحادث تصادم في الشارع الأرقط أو طريق الفيضة المحفور والمهمل بسبب المسؤولين عن إزالة الحفر المسببة للحوادث.

عفيف تحتاج إلى يدٍ أمينة وصارمة وعاقلة لتتولى أمور الحياة فيها بدءاً من إصلاح الشوارع والمخططات السكنية وانتهاءً بحفظ المياه التي تذهب سدى تحت الأرض، فهل نجد من يقوم بذلك؟

أنا على يقين أن أمير منطقة الرياض صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز -وفقه الله- حين يعرف ما كتبته عن عفيف فلن يتركها هكذا.. يا أهل عفيف أبشروا بالفرج القادم من الله ثم من سموه الكريم، فلا تبتئسوا أبدا.

فاكس: 2372911


Abo_hamra@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7257 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد