Al Jazirah NewsPaper Sunday  09/11/2008 G Issue 13191
الأحد 11 ذو القعدة 1429   العدد  13191
أوباما بين مطرقة الأزمة المالية وطوفان الديون الحكومية
محمد سليمان العنقري

تأتي عودة الديمقراطيين بقيادة أوباما الرئيس المنتخب للولايات المتحدة الأمريكية وسط ظروف اقتصادية بالغة الصعوبة، فمهما قيل عن قوة وتنوع الاقتصاد الأمريكي إلا أن الظروف الحالية جعلت أمريكا تستنجد بالعالم كله لمعالجة الأزمة, ولكن ما يواجهه رئيس أمريكا الجديد سلة متكاملة من المشاكل

فأزمة الرهن من جهة والتي يصعب تقدير حجمها ومقدار خسائرها، فهناك أرقام تتحدث عن 19 تريليون دولار, ومشكلة الأسر التي تواجه مشكلة إخلاء المنازل لتعذر قدرتها على السداد, وكساد اقتصادي بات واضحاً من خلال فقدان 1.2 مليون وظيفة من بداية العام الحالي لتصل البطالة إلى معدل لم تره منذ العام 1994 عند 6.5 بالمائة والتوقعات تشير إلى وصوله إلى 8 بالمائة مما يعني أعباء إضافية لمساعدات اجتماعية كبيرة وقطاعات كبيرة تطلب مساعدات. فشركات السيارات تطلب مساعدة عاجلة بخمسين مليار دولار مع تكبدها خسائر كبيرة وقطاع مالي منح سوق العاطلين عن العمل 24 ألف موظف سابق والخوف يتزايد من انفجار فقاعة بطاقات الائتمان وقروض السيارات التي يزيد حجمها عن تريليون دولار مما يعني إضافة أزمات جديدة.

كل هذه الأرقام هي لواقع قريب نعيشه أي ما بقي من جسد أمريكا ظاهراً وسط محيط الديون الذي صنعته بأيديها إلا أن الجذور تعد أكثر هشاشة، فهي قابعة تحت الماء وتتركز بحجم المديونية العالية للحكومة الأمريكية نفسها والتي تصل إلى 10 تريليونات دولار أي ما يقارب 65 بالمائة من الناتج القومي البالغ 14 تريليون دولار, إلا أن هذه الأرقام إذا فصلت فالأمر يبدو أكثر سوءاً, فحجم الديون يفوق الناتج الصناعي ويصل إلى 140 بالمائة منه وصحيح أن الديون الحكومية وصلت بالكساد العظيم إلى 120 بالمائة من الناتج القومي، لكن اليوم الأزمات تظهر في كل جوانب أمريكا وتفصيلات اقتصادها ومجتمعها، فكيف ستحل مشاكل الضمان الاجتماعي مع كل هذه المعطيات البائسة, فحجم الفوائد المترتبة على ديون الحكومة سيبتلع جزءاً كبيراً من الميزانية الفيدرالية وفرض الضرائب سيكون مكلفاً على المستهلك ويضعف قدرته الاستهلاكية كونه العمود الفقري لنمو الاقتصاد الذي يعتمد على إنفاقه بنسبة 70 بالمائة.

وإذا أراد أوباما أن يحل مشاكل الاقتصاد الأمريكي فعليه أن يبدأ من الجذور ولا بد أن يتراجع حجم الديون الحكومية, فالاستمرار بنفس النهج الحالي سيوصل حجم الديون إلى 350 بالمائة من الناتج القومي خلال أربعة عقود بحسب تقديرات وكالة ستاندرد اند بورز وأول ما سيتطلبه حل المشكلة تقليص الإنفاق العسكري الذي كلف أمريكا في حربي العراق وأفغانستان 2.3 تريليون دولار وثانيها التصالح مع العالم إذا كانوا يرغبون بمساعدته لهم وأن ترضى أمريكا بواقع جديد وهو أن الشرق أصبح نداً قوياً للاقتصاد الأمريكي، ففي الوقت الذي تسعى أمريكا ويسعى العالم معها لحل الأزمة الاقتصادية العالمية هناك من يتحرك لأكل حصتها من حجم الاقتصاد العالمي باستمرار معدلات النمو لديه وبعد عقد من الزمان لن تكون الصورة كما هي عليه قبل ذلك.

أفرطت أمريكا بالديون، بل باتت تسوقها للعالم كصناعة مالية أثمرت عن أزمة لا مثيل لها وحتى تحل المشكلة لا بد من سياسة المواجهة بدلاً من خطط إنقاذ تصنف تحت قاعدة الهروب للأمام التي لا تحل المشاكل بقدر ما تؤجلها ولكنها بالنهاية تفرض واقعاً واحداً وهو السقوط.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد