Al Jazirah NewsPaper Sunday  09/11/2008 G Issue 13191
الأحد 11 ذو القعدة 1429   العدد  13191
نوافذ
الرحلة
أميمة الخميس

سياسة التوازن والاعتدال التي ظلت السعودية تختطها منذ تأسيسها، كان لها انعكاساتها على المستوى الدولي، يتبدى هذا من خلال التواجد الفاعل الصانع للتوازن في المحيط الإقليمي والدولي، سواء من حيث قدرتها على إيجاد قنوات اتصال إيجابي مع محيطها، أو من ناحية قدرتها على خلق صلات طويلة ومستقرة وواضحة الملامح مع الدول الكبرى ومحاور صناعة القرار الدولي.

فهي من خلال بعدها عن تصعيد لغة الشعار المؤدلج الزاعق المتورط بالمزايدات الذي تعج به المنطقة، وميلها إلى تقديم لغة هادئة وحذرة في خطابها السياسي الدولي، ابتعدت عن الانزلاق في محيط ملتهب ومحتشد ببؤر التوتر ذات الإرث التاريخي أو الإستراتيجي القديم.

حتى الكيان الصهيوني الذي اشتهر بتعنته وجبروته وعدم استجاباته للمسار السلمي في تأطير علاقته مع محيطه العربي عندما اختار مؤخراً أن ينخرط في مباحثات السلام بصورة جادة، فقد اختار المبادرة العربية التي انطلقت من مشروع خادم الحرمين الشريفين في هذا المجال.

الدبلوماسية السعودية القادرة على المرور الذكي من خلال الكثير من حقول الألغام التي كان من الممكن أن تستدرجها بشكل يهدد منتجها الحضاري، ويعرقل خططها التنموية، كانت دوماً تصنع صماماً للأمان في محيط متوتر وقابل للانفجار في أي لحظة.

ولعل الترحيب الدولي الكبير بالمبادرة التي انطلقت من السعودية بالتحديد حول حوار الأديان، والتي يكمل تفاصيلها الآن خادم الحرمين في نيويورك هي مؤشر قوي على أن سياسة هذا المكان قادرة بحصافة وخبرة على أن تخطو دوماً باتجاه كل ما يصنع المفاهيم التي تعلي من شأن القيم الإنسانية المبتعدة عن قوانين التوحش والغابات.

حوار الأديان هو استعادة لجميع المتواري والمسكوت عنه في كتب التاريخ، تلك الصفحات التاريخية المحملة بالمحبة والسلم والتعايش، والتي أخفيت وأهملت على حساب البحث عن المادة التاريخية المتورمة بالعنف والتصفية والإقصاء والدمار لترويجها في أنحاء العالم كواجهة وحيدة للإسلام، والتغافل عن الإرث الإسلامي الهائل والمحتشد بمادة خضراء قائمة على إعلاء قيم عمارة الأرض والتعايش بين شعوبها.

حوار الأديان هو تخصيب بذور لغة تعلي من شأن المتحضر والجميل والإنساني، ليتم زرعها في فضاء دولي بات يحتاجها بشكل ملح.

الحقيبة التي يصحبها خادم الحرمين في رحلته إلى نيويورك تحمل ملامح الخارطة الجديدة التي يقف العالم على أعتابها... خارطة تستبدل الموت بالحياة... وتستبدل الغابة بالحضارة... وتستبدل النفي والإقصاء.. بالتعايش والحوار... حوار الأديان.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6287 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد