Al Jazirah NewsPaper Monday  10/11/2008 G Issue 13192
الأثنين 12 ذو القعدة 1429   العدد  13192
فاصل إعلامي
عاجل جداً
محمد إبراهيم الماضي

يلاحظ الكثير من المشاهدين العرب وهم يتابعون نشرات الأخبار التلفزيونية أو أحد البرامج المعتادة إلا ويظهر لهم فجأة على الشاشة عبارة (عاجل جداً)، وذلك للفت نظر المشاهد ولزيادة الإثارة وشد الانتباه أكثر تكتب هذه العبارة باللون الأحمر وعندها يبدأ القلق والخوف يلقي بظلاله على السادة المشاهدين الذين يبدؤون يتوقعون خلاله أن يكون خبراً خطيراً ومهماً إلا أنها ثوان قليلة فقط ويتضح بعدها للمشاهدين أن الخبر أقل من عادي ولا علاقة له من قريب أو بعيد بأي أهمية أو خطورة ولكن المحطة التلفزيونية أرادت من كل هذا أن تسجل لنفسها سبقاً صحفياً إذ تشكل السبق الصحفي هاجساً مقلقاً وملحاً لكل الوسائل الإعلامية المختلفة.. فجميعها دون استثناء تبحث بكل قوتها عن تحقيق سبق صحفي وتريد من ورائه أن تحقق تفوقاً وتميزاً عن بقية الوسائل الإعلامية المنافسة وفي سبيل هذا الهدف تندفع كثير من الوسائل الإعلامية إلى إذاعة أخبار غير صحيحة وهو ما يؤدي بالتالي إلى إفقاد هذا المعنى قيمته ومعناه وأهميته بكثرة استخدامه وظهوره دون داع حقيقي.

هذا السبق الصفحي لندرته وصعوبة الحصول عليه أصبحت بعض الفضائيات لا تجد مانعاً أو حرجاً في تقديم أي خبر تحت هذا المسمى والذي يفقد هذه المحطة مصداقيتها وقبولها لدى المتلقي الذي ينزع ثقته تلقائياً من هذه المحطة وأشباهها نظراً لعدم احترامها لمعايير بث الخبر كخبر صحفي له قيمته واعتباره.

فلا يعني سرعة إذاعة خبر ما أنه أصبح سبقاً مهماً إذا خلا من الشروط الموضوعية لنشره. فالسبق الصحفي بشكله الحقيقي هو أن يتمكن الصحفي أو الوسيلة الإعلامية من الحصول على خبر حقيقي ومؤكد ومثير وتنفرد بإذاعته المحطة أو تلك مباشرة قبل الآخرين. اهتمام الوسائل الإعلامية بالسبق الصحفي يوقع بعضها في المحذور ولعل كثير من القراء قد اطلع على الإعلان الذي صدر من الهيئة العليا لمدينة الرياض ونشر في الصحف السعودية والذي كان يكذب المعلومات التي نشرتها إحدى الصحف وكان بالنسبة لهذه الصحيفة جاء بنتيجة عكسية على هذه الصحفية والتي كان من المهم أن تتأكد من صحة المعلومات قبل النشر.

السبق الصحفي إذاً حلم كل وسيلة إعلامية كما هو حلم كل صحفي في أن يفوز بشرف تحقيق سبق صحفي كبير يجعل من الوسيلة الإعلامية ومن الصحفي ذاته نجماً إعلامياً يشار إليه بالبنان ويصبح محل احترام وتقدير الوسط الإعلامي والقراء على حد سواء.

* مستشار إعلامي


Malmadi777@yahoo.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد