Al Jazirah NewsPaper Wednesday  12/11/2008 G Issue 13194
الاربعاء 14 ذو القعدة 1429   العدد  13194
أضواء
فكر عبد الله4- ولوج العالمية
جاسر عبدالعزيز الجاسر

أن يطلق المسلمون ثقافة الحوار لإشاعة السلام والتسامح والتفاهم بين أبناء البشرية، من مكة المكرمة التي انطلقت منها رسالة الإسلام، فهذا يعني الكثير من حيث رمزيّة المكان وسموّ المقصد، وأهداف صاحب المبادرة ومطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وهو مع هذا يُعَدّ تمازجاً ما بين الفكر والتطبيق، فثقافة الحوار يريد الملك عبد الله بن عبد العزيز جَعْلها جسراً للتواصل الحضاري بين أبناء البشرية، مستلهماً الكنوز العقدية والإيجابية، والقيم الأخلاقية التي تحفل بها الرسالات السماوية التي بعث الأنبياء والرسل ليبلِّغوها للبشر، وإنْ أهملت فإنّ الله يسخِّر من عباده من يعيد إحياءها وتنشيطها لمنفعة الناس.

ولكي تكون الفائدة أعمّ وأكثر معاصرة وشمولية، انكبّ خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على دراسة وتتبُّع القيم الأخلاقية والفكرية والسلوكية في النتاج الفلسفي والثقافي الإنساني، الذي حفلت به الحضارات الإنسانية المتعدّدة، ليستنبط من جواهره المكنونة ما يتلاءم مع ما تحثّ عليه الرسالات السماوية، من أجل صياغة فكر متكامل من خلال تزاوج غير مخل بين الشرائع والفكر الفلسفي والثقافات الإنسانية، وهكذا التقى أتباع الأديان وروّاد الفكر الفلسفي والثقافي وعلماء الأديان والمفكِّرون في مؤتمر مدريد، حيث تصافح في فندق أودوتيريوم مئات الرموز الدينية الذين يمثلون الديانات الرئيسية الثلاثة الإسلام والمسيحية واليهودية، ومرتادي ومفكِّري الفلسفات والثقافات الإنسانية، وانخرطوا جميعاً في حوار مفتوح ومتسامح، حيث لمس كلُّ من شارك في مؤتمر مدريد أنّها ربما المرة الأولى التي يكون فيها النقاش والحوار غير متشنّج، وبعيداً عن محاولات فرض المعتقدات، وإظهار كل شخص بأنّ عقيدته أو فكره وحده الأفضل والأصلح للبشرية .. كلٌّ طرح أفضل ما تبشِّر به رسالة دينه أو معتقده، أو فكره الفلسفي ونهجه الثقافي، بعيداً عن التشدُّد والغلوِّ في إظهار حسنات معتقده.

وبعد ثلاثة أيام من الحوارات المستفيضة .. حوارات ونقاشات غلبت عليها روح التسامح والتفاهم، وغابت عنها لغة التصعيد والتشنّج والخلافات السياسية ظهر الجميع، والذين يمثلون البشرية جمعاء، قريبين لبعضهم البعض كبداية اعتبرها كثير من الراصدين لحركة التاريخ أنّها إعادة لتشكيل وجه العالم من جديد وفق إشاعة ثقافة السلام عبر الحوار، من خلال الاقتناع بفكر عبد الله الذي يصل قطاره اليوم إلى محطته الثالثة... محطة أكثر عالمية.. وأكثر اتساعاً وشيوعاً.. فمحطة نيويورك هي محطة كل العالم باعتبار نيويورك محتضنة بيت البشرية .. منظمة الأمم المتحدة.



jaser@al-jazirah.com.sa
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 11 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد