Al Jazirah NewsPaper Wednesday  12/11/2008 G Issue 13194
الاربعاء 14 ذو القعدة 1429   العدد  13194
الأمير نايف في جامعة أم القرى
أ. د. محمد بن أحمد بن صالح الصالح

لعلّ من يمن الطالع والتقاء السعادتين واقتران السعدين أن يكون هذا اللقاء الكريم في الجامعة العتيدة، جامعة أم القرى التي جمعت الأصالة والعراقة والتاريخ المشرق، حيث فازت بقصب السبق والريادة والتأثير، حيث تخرّج فيها عمالقة الرجال من العلماء والأدباء والمفكرين، الذين تبوؤا الصدارة والريادة والقيادة في شتى جوانب الحياة في بلادنا، وفي مقدمتهم الشيخ محمد بن إبراهيم الجبير، والشيخ عثمان بن إبراهيم الحقيل، ومحمد بن عبد العزيز الربيعة، والشيخ عبد العزيز إبراهيم الهويش، والشيخ حسن بن عبد الله آل الشيخ، والشيخ صالح بن عبد الرحمن الحصين والشيخ صالح بن عبد الله بن حميد وغيرهم كثير، ونحن في هذا اليوم المبارك نستقبل صاحب السمو الملكي الأمير الجليل وزير الداخلية، فنرحب به أجمل ترحيب، ونتذكّر قول الأستاذ أحمد حسن الزيات: رجلان يربكان المتحدث عنهما، رجل لا تجد ما تقول عنه، ورجل لا تستطيع أن تختصر كل ما تعرفه عنه، وإطلاق الرجولة على الأول خطأ في اللغة، ووصف الثاني في الرجولة قصور في التعبير.

فسمو الأمير نايف هل نتحدث عن سمو أخلاقه أم نفاذ بصيرته أم سداد رأيه أم براعته في حفظ الأمن أم عنايته بالمواطن، ولا ريب أنّ عظمة الحاكم تتجلّى في قدرته على دفع الشر عن مواطنيه، وتحقيق الخير لهم .. فهذا هو سمو الأمير نايف الذي جمع الله له كل معاني السمو والترقي والتمسك بالقيم، والذي استخلفه الله لتحقيق الأمن وحماية المواطن، وقد اجتمع لسموه كل الصفات الجليلة فهو أمير الأمن وأمير السنّة النبوية، الذي يسير بنور الوحي ونور العقل، والذي اجتمع له شرف المكان وسمو المكانة، وميراث النبوة الخاتمة في أرض الحرمين الشريفين بعبق التاريخ المشرق، وألق الحاضر الواعد، وأمل الغد الماتع المتألق.

يطيب لي أن أرفع إلى مقام سموكم الكريم أسمى آيات الولاء، وأعطر باقات الحب والتقدير، لما بذلتموه وتبذلونه من رعاية قصوى لحقل السنّة النبوية الشريفة، وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة.

ولا أدل على عنايتكم الفائقة ورعايتكم السامقة من أنّ الجائزة السنيّة بدأت واحدة ثم إذا بها تغدو ثلاث جوائز:

الأولى: جائزة نايف بن عبد العزيز آل سعود العالمية للسنّة النبوية والدراسات الإسلامية.

والثانية: جائزة نايف بن عبد العزيز آل سعود التقديرية لخدمة السنّة النبوية.

والثالثة: مسابقة الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود لحفظ الحديث النبوي.

ولئن دلّ هذا على شيء، فإنما يدل على أنكم يا سمو الأمير ترعون نهضة علمية بل عالمية، تتيحون فيها لكل ذي طاقة علمية أن يهتدي بنفسه إلى المراجع الأصلية للإسلام في نقاوته، وللسنّة النبوية في نضارتها، ولعلوم القرآن في نصاعتها، ليقف الجميع - مسلمين وغير مسلمين - على سماحة الإسلام، ووسطية مبادئه، وصفاء عقيدته، وكيف أنّ رسالته ليست إلاّ رحمة للعالمين، بعث بها أنبياء الله ورسله حتى ختموا بالنبي الأمين محمد صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.

وأحسب أنّ جائزة سموكم في مجالاتها الثلاثة سوف يغدو بها المسلم في مجتمعه خير مثال للمؤمن الذي يأمنه الناس على دمائهم وأموالهم وأعراضهم، وللمسلم الذي يسلم الناس من لسانه ويده، وللمهاجر الذي يهجر ما نهى الله ورسوله عنه ليكون نعم العون على أمن المجتمع وسلامه، وليعرف كيف يتفوق في العلم، ويتفرغ للبحث، وكيف يتعامل داخل مجتمعه وخارجه بالرفق والسماحة والعدل والرحمة.

أما غير المسلمين فحسبهم من الجائزة أن أتاحت لهم بسماحتها فرصة التسابق في مجالاتها ليقفوا بأنفسهم على مبادئ الإسلام وحقائقه الناصعة، وأنه دين الأمن الفكري دون إكراه إذ لا إكراه في الدين ولا تطرُّف أو غلو أو إرهاب.

وأحسب أنهم سيكونون - حينئذ - من المنصفين للإسلام عن بيّنة، أو المدافعين عن الحق عن بصيرة، وحسب الجائزة أن يكون من ثمراتها أن يغدو هؤلاء سفراء للجائزة بين أقوامهم، حيث لا يستبعد أن يقولوا بينهم كلمة حق عن الإسلام وعن نبيِّه سيما وقد أنبأنا الله تعالى أنه كان من قوم موسى أُمّة يهدون بالحق وبه يعدلون.

سمو الأمير: لقد حباكم الله تعالى عبقرية سنية في مجال الأمن فوطدتم أركانه، وحصنتم بنيانه، وقد ساوق ذلك ما وهبكم الله من حكمة ذكية في خدمة القرآن والسنّة والدراسات الإسلامية المعاصرة تبتغون فضلاً من الله ورضواناً وتنصرون الله ورسوله وتنشرون الإسلام وسماحته، وتنشدون مجتمعاً بل عالماً تأسس بالعلم والثقافة، ويتقوى بالعدل والسماحة ويتوطد بالأمن والسلامة.

حقق الله آمالكم وطموحاتكم وجزاكم من لدنه أجراً عظيماً وحباكم عنده مكاناً علياً، وكان لكم نعم المولى ونعم النصير، وفي الختام أزجي التحية والاحترام لصاحب المعالي أ. د. عدنان بن محمد الوزان الذي نبت في هذه الجامعة وتبوأ درجة الأستاذية بها، ويتولى الآن إدارتها بكفاءة واقتدار، وقد عرفته بالجد والإخلاص وصدق الولاء بارك الله فيه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أستاذ الدراسات العليا وعضو المجلس العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد