Al Jazirah NewsPaper Wednesday  12/11/2008 G Issue 13194
الاربعاء 14 ذو القعدة 1429   العدد  13194
تمرد الطالب الجامعي
د. مساعد بن عبد الله النوح

كتبت للطالب الجامعي مرات، فأخذت موقف المدافع عنه، ولا أعتبر نفسي أعطيته حقه؛ لأنه يستحق الكثير من المساندة التي تنعكس إيجاباً على تحصيله العلمي دون عثرات قد تطيل من مدة بقائه في الجامعة. وهذا يعتبر هدراً عليه وعلى جامعته ووطنه.

ورحبت كغيري من أعضاء هيئة التدريس بالاتجاهات التربوية في مجال الطالب الجامعي، مثل: تقويم الطالب للأداء التدريسي لمدرسيه وحقوقه، وإيجابيته في القاعات الدراسية، واللقاءات التربوية الأخرى؛ لأن الحضور الواضح للطالب مرآة حقيقية لنجاح مدرسيه في أداء أدوارهم التي تتم داخل قاعات الدرس وخارجها. وهو واجهة مشرّفة لكليته وجامعته. وهذه الفئة من الطلاب التي يعوّل عليها المشاركة البناءة في مجتمعها.

إلا أنني لم أرحب بأن يتجاوز الطالب في المرحلة الجامعية حدوده مع مدرسيه الذين هم أكبر منه سناً وعلماً وخبرةً، لدرجة أن يمارس عليهم دور الوصي لصالح جهة ما وتمنحه الدعم المعنوي المفرط؛ فينقل عنهم ما يحدث من تصرفات داخل القاعات وخارجها بدون استحياء.

إنه من المؤسف حقاً أن يلجأ عضو هيئة تدريس ما في جهة معينة حاصل على أعلى درجات العلم وأرقى رتبه الوظيفية ويتخذ طالباً لهذا الغرض، مستغلاً سلطته العلمية والوظيفية عليه.

لقد أشارت كتابات إلى أن المكانة الاجتماعية للمعلم إجمالاً أي معلم التعليم العام ومعلم التعليم العالي والجامعي ينقصها التقدير الذي يتناسب وقيمتها وشرفها وذلك بسبب ممارسات بعض أفراد المجتمع غير المرغوب فيها.

وإذا تقبل أعضاء وعضوات الهيئات التدريسية في مؤسسات التعليم العالي والجامعي هذه الممارسات من بعض بسطاء المجتمع، فإنها تعد كبيرة من كبائر أهل المهنة، إذ إنها تسهم وبدور مباشر في تأكيد النظرة السلبية إلى التدريس والمعلم.

إن مهنة التدريس لا ينقصها التقليل فقد نالت الكثير من التسفيه على الرغم من مكانتها في شرع الله ولا ينقص المعلم التجريح، فقد نال من التجريح أكثر من غيره من أصحاب المهن الأخرى مع أن الجميع يحمّله أي خلل في تحصيل الطلاب العلمي أو الخلقي أكثر من أي عوامل أخرى.

هذه الجهة إما أنها لم تقرأ وصايا أعلام التربية الإسلامية عن أخلاق طالب العلم مع مؤدبه، إذ وفوا رحمهم الله هذا الموضوع حقه فجعلوا هذه الآداب شاملة لجميع الفعاليات التي تتم بينه وطلابه، أو أنها تتناسى هذه الوصايا.

وتمثّل المحافظة على صيت مهنة التدريس ومكانة المعلم أولية الأوليات لكل منتسب لها وذلك من خلال الارتقاء بمستوى الأداء التدريسي وحسن السيرة والسلوك.

ومن أولى واجبات الأستاذ في الجامعة هو أن يستثمر طاقة الطالب فيما يعود عليه بالفائدة لا أن يلجأ إلى مثل هذه الأعمال المشينة. فقد أظهرت كتابات علم نفس النمو أن الطالب في مرحلة الشباب يتسم بالقوة والنضج في مختلف جوانب النمو لديه، الأمر الذي يجعله محل ثقة وتقدير نفسه وأسرته ومجتمعه.

ومن قبل ورد تكريم لمرحلة الشباب في كتاب الله تعالى وسنّة رسوله الكريم دون مراحل عمر الإنسان، ففي الوقت الذي يأتي توجيه إلهي ونبوي بالشفقة والعطف على الإنسان في مرحلة المهد والطفولة واحترام وتواضع ووفاء للإنسان ذاته في مرحلة الشيخوخة، يأتي توجيه بالاستفادة منه في هذه المرحلة.

إنني أشفق على هذه الجهة وهذا الطالب؛ لأن طريقتهما في العمل محرّمة في شرع الله، وبغيضة لدى عباده، ثم إنها لم تتبع الأساليب الإدارية التي فيها احترام لها ومحافظة على مكانة وهيبة مدرسيها، فلم تحصل من هذا العمل إلا أنها فقدت هيبتها أمام هذا الطالب ومن هم على شاكلته.

لم أقل كلاماً من نسيج العقل ولا ضرباً من الخيال إنما هو كلام فعلي، وأتمنى من الله أن يصلح حال الجميع... آمين.

- أستاذ مشارك - كلية المعلمين


drmusaedmainooh@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد