Al Jazirah NewsPaper Saturday  15/11/2008 G Issue 13197
السبت 17 ذو القعدة 1429   العدد  13197
ماذا يجري حولنا؟!
لبنى بنت عصام بن عبدالله بن خميس

إنني لا أفشي سراً حين أقول إننا نواجه غزوا فكريا وثقافيا وحربا إعلامية ضروسا أتت على الأخضر واليابس في عقولنا وأفكارنا ولغتنا وهويتنا.

مصطلح الغزو الإعلامي شهير ومتداول كثيرا في الصحف والكتب وغيرها. وأثبتت دورة الأيام وتتابع السنين أن الحرب الإعلامية أشد خطرا وأكثر تدميرا على المدى القريب والبعيد والبعيد تحديدا هو الأهم والذي نحن نعاني منه من حيث ندري ولا ندري!

كما أني لا آتي بجديد حينما أقول إننا أمة تخلت وتنازلت عن دورها الحضاري في هذا العالم. هناك نوعان معروفان من الإعلام.. إعلام إنساني ذو رسالة سامية ونبيلة وهو ما نتأمله ونبحث عنه ونحتاجه - بطبيعة الحال -.

والنوع الآخر هو الإعلام الشيطاني ذو الغايات السيئة والأهداف المشبوهة، يوجه المجتمعات باتجاه الانحدار والانحطاط الأخلاقي والفكري والديني وهو السائد والرائج اليوم مع الأسف.

لقد تحول الإنسان العربي المسلم في الإعلام والغزو الغربي، إلى شخص مهزوم ونموذج تقليدي محزن، والمرأة في بعض الفضائيات المرتزقة إلى سلعة رخيصة ومقززة من أجل حفنة من الدولارات.

وتحول ذلك إلى سباق مارثوني محموم بين الفضائيات من أجل جلب أكبر عدد من المشاهدين الذين اعتادوا مثل تلك المشاهد وأصبحوا يستغربون من الشكل أو النموذج السليم للمرأة المسلمة.

ألا يعد من العار أن نشاهد أجسادا وملابس عارية وبجانبها نشاهد دماء وأشلاء في فلسطين والعراق وغيرها؟!

أليس عيبا على القنوات أن تعلن عن جوائز بالملايين وتذيع في المقابل خبر موت طفل بل عشرات الأطفال جوعا ونقصا في الماء والدواء؟!.

الفضائيات حكاية من تخلى عن مبادئه وضرب بها عرض الحائط من أجل أسباب دنيوية بحته منها المال.

فهي تستغفلنا حينا حين تزور الحقائق الإنسانية بتغليب الإيحاءات الجنسية على المعاني الجوهرية والطبيعية للحياة! وتشعرنا بالقصور والدونية إزاء عظمة وتكامل الفكر الغربي أحيانا أخرى حتى أصبح العربي نفسه ينفر ويستحقر كل ما هو عربي!

فأصبح مقياس التقدم وترمومتر الحضارة هو أن تتحدث اللغة الإنجليزية وتتجنب الحديث باللغة العربية ما أمكن.

أصبحنا نخاف من اللحية بدلا من أن نألفها ونشعر بالخير لوجودها. ذكر الكاتب الفذ الدكتور غازي القصيبي في كتابه (التنمية الأسئلة الكبرى) أمثالا عن المسخ والنسخ التام والأعمى للغرب من قبل العرب. فذهبت العمامة وجاءت القبعة، واختفى الثوب وأقبل البنطلون حتى الأسماء أصبحت أصداء قادمة من العالم الآخر.

المدرسة (انترناشونال سكول) والمتجر (سوبر ماركت) وجاءت رموز العهد الجديد (الهمبورجر) و(البيتزا) و(الكوكاكولا) و(الكتشب).

بالاختصار أصبحنا مفتونين بكل ما هو غربي، هذه الأمثلة ما هي إلا جزء بسيط من الواقع المؤلم المحزن المبكي.

ذكر الكاتب د. أحمد طحان في كتابه (الإرهاب الإعلامي على الوطن العربي) ذلك الكتاب البديع والمرهق من شدة صدقه وشفافيته في عالم يسوده الكذب والنفاق، (حيث قال إن الإعلام الغربي قسم العالم كالآتي:

الإفريقي في هذا الإعلام: متوحش يعيش على أدمغة الناس.

العربي في هذا الإعلام: دموي إرهابي.

الغربي في هذا الإعلام: بطل بكل معنى الكلمة.

اليهودي في هذا الإعلام: ذكي عبقري مضطهد ولا بد من مساندته.

كما ذكر أن هناك عشرات بل مئات المراكز الجاسوسية والبحثية والإستراتيجية والاقتصادية والنفسية.. وكلها ترصد وتبحث بأسرار وتوجهات وإمكانيات وثروات ونقاط قوة وضعف الإنسان العربي تمهيدا لغزوه في الوقت المناسب وهي التي تزيد فينا الخوف وتبث فينا روح الانهزام وعدم الثقة بأنفسنا وبتاريخنا ولغتنا وأنظمتنا وحضارتنا) الكل يعرف أن الولايات المتحدة قطب العالم الأوحد تملك نصف ثروات هذه المعمورة و50% من كل الصحف العالمية و45% من محطات الإذاعة أما شبكة الإنترنت فهي أمريكية أصلا سخرت ووظفت لخدمة مصالحها ونشر وترسيخ قوة وعظمة مشروع إمبراطورية الولايات المتحدة الأمريكية.

مما أثار اهتمامي أيضا في كتاب (الإرهاب الإعلامي على الوطن العربي) تلك الأرقام المخيفة والنسب المرعبة، حيث كتب أن الأمركة سيطرت على الصحافة ووكالات الأنباء فأكثر من 90% من كل المعلومات والأخبار العالمية تصدر عن خمس وكالات (غربية) وهي كما يلي:

- الأسوشييتد برس.

- اليونايتد برس.

- رويترز.

- وكالة الصحافة الفرنسية.

- وكالة الأنباء العالمية.

هذه الوكالات توزع يوميا ما يزيد على أربعين مليون كلمة على صحف العالم، وتحتل أمريكا منها أكثر من النصف، أما العالم الثالث لا يبث أكثر من 1% من مجمل ما تبثه وكالات الأنباء المهيمنة على العالم.

ختاما.. أقول إنه يجب علينا أن نعي خطورة ما نحن فيه ويجب أن نقوم بخطوة نوعية لإعادة كرامة الإنسان العربي.

على الحكومات أن تحفظ الأمن الثقافي العربي بكل الوسائل والسبل، عليها أن تحمي بيوتنا وأطفالنا من هذا التدمير العلني لمنظومة الأخلاق والقيم الإسلامية فينا.

وعلى القائمين على الإعلام العربي الالتزام بميثاق الشرف الإعلامي وألا يكون توقيعهم ووجودهم لمجرد تسجيل الحضور والتقاط الصور التذكارية!

الدنيا كلها تعلم أن هناك حملة شعواء على العالم العربي فماذا فعلنا؟؟ وماذا فعل الإعلام؟ وأين نحن من قول الله سبحانه وتعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}؟.

الإجابة في غاية السهولة والصعوبة في الوقت ذاته فهل تستطيع الإجابة عزيزي القارئ؟!








 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد