Al Jazirah NewsPaper Saturday  15/11/2008 G Issue 13197
السبت 17 ذو القعدة 1429   العدد  13197
20 دولة ترسم خارطة الخروج من النفق المظلم.. اليوم
واشنطن (نقطة بداية) لإعادة استقرار الاقتصاد العالمي

الرياض - عبدالله البراك – رويترز:

تبدأ اليوم في واشنطن أعمال قمة مجموعة العشرين بمشاركة القوى الصاعدة الرئيسية مثل الصين والهند والبرازيل والسعودية مع مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى لبحث أسباب الاضطرابات الأخيرة التي اجتاحت الأسواق العالمية ووضع الحلول المناسبة لركود الاقتصاد العالمي. وأشار صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية يوم الخميس إلى أن المملكة أكبر مصدر للنفط في العالم ستؤدي (دوراً إيجابياً) في القمة.

وقال الأمير سعود: (اعتقد أن كل البلدان المدعوة ستذهب إلى هناك لبحث الأزمة الاقتصادية التي تواجه العالم ولترى ما يمكن أن يساهم به كل منها لإيجاد حل يمنع هذه الأزمة من الاستمرار والانتشار والتسبب في مصاعب للمجتمع الدولي).

واقترحت اليابان سلسلة من الخطوات للمساعدة في التغلب على الأزمة المالية العالمية وتجنب انهيار النظام مستقبلاً من بينها دعم قدرات صندوق النقد الدولي والدعوة إلى تشديد الإشراف على وكالات التصنيف الائتماني.

وفي ورقة لتحديد موقف اليابان قبل القمة قال رئيس الوزراء تارو اسو: إن طوكيو ستواصل دعم نظام العملات القائم على الدولار رغم مخاوف الأسواق بشأن مستقبله مع تراجع القوة الاقتصادية للولايات المتحدة.

وأضاف أن اليابان التي تملك ثاني أكبر احتياطيات في العالم وتبلغ 980 مليار دولار مستعدة لإقراض صندوق النقد الدولي ما يصل إلى 100 مليار دولار لمساعدة القوى الاقتصادية الصاعدة إذا وجد الصندوق أن أرصدته غير كافية.

وقال اسو أيضاً: إن على دول أخرى أن تنظر في توضيح مسؤوليات الإدارة عند ضخ أموال عامة في البنوك وأن تتبنى القيم العادلة والإفصاح المبكر عن القروض المتعثرة.

وتابع: (في الوقت الحالي أصبحت التدفقات المالية عالمية لدرجة أنها قد تحدث في لمح البصر للاستفادة من أي اختلافات قد توجد بين اللوائح في الدول المختلفة).

إلا أنه فيما يتعلق بدور صندوق النقد نأى رئيس الوزراء بنفسه عن بعض وجهات النظر الأوروبية التي تنادي بأن يتولى الصندوق المسؤولية الأولية عن الإشراف على القطاع المالي.

من جهتها وجهت المفوضية الأوروبية في بروكسل نداء لقادة دول وحكومات مجموعة العشرين قبل ساعات من انعقاد قمتهم الاستثنائية في واشنطن لمعاينة الأزمة النقدية والاقتصادية العالمية. وحث الجهاز التنفيذي الأوروبي قادة مجموعة العشرين بأن يتم التركيز على عنصر التنمية في أية هندسة جديدة للنظام المالي والنقدي العالمي.

وقالت المفوضية: إن القمة تمثل فرصة فعلية لتدارس أوضاع الاقتصاد الدولي وشؤون التنمية والتصدي للفقر وأن العالم بحاجة إلى توافق وتفاهم فعلي حول هذه المسألة الحيوية. وذهب اقتصاديون إلى أهمية القمة بعد أن عجزت مجموعة السبع عن احتواء الأزمة أو حلها كما ورد بالبيان الذي عقب اجتماع وزراء المال في أكتوبر الماضي، وتعليق الرئيس الأمريكي على أن اجتماع قمة العشرين سيكون من المهم فيه إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية للعام 2008م.

ويعقد الاجتماع وسط تباين في الآراء من قبل المشاركين فالاتحاد الأوروبي يدعو إلى محاسبة المقصر فيما يرى اقتصاديون أنها عملية صعبة تصل إلى الاستحالة حيث إن الأزمة هي نتيجة من مجموعة من الأخطاء المتراكمة التي تم تجاهلها لعشر سنوات سابقة وعملية العودة بشكل رجعي لمعاقبة المقصر والكشف عن الأخطاء ستستهلك وقتاً ولا تؤدي إلى إيجاد حلول آنية.

أما البرازيل وروسيا والهند والصين فذهبت إلى أنه يجب تعديل النظام الاقتصادي وإعطاء الدول النامية صوتاً مؤثراً وأكبر في البنك الدولي وصندوق النقد.

وقال الرئيس المكسيكي فيليب كالديرون إنه يجب ألا يتوقع العالم نتائج كبرى لقمة مجموعة العشرين التي ستعقد في واشنطن لبحث الأزمة المالية العالمية.

وقال كالديرون أمس في لقاء مع الصحفيين (من الضروري اعتبارها (القمة) نقطة بداية... ستظهر نتائج لكنها ستكون متوسطة).

وقال كالديرون: إنه يؤيد فكرة منح القوى الاقتصادية الصاعدة دوراً أكبر في النظام المالي العالمي وأن على الزعماء أن يتفقوا أيضاً في القمة على منح المؤسسات المالية الدولية مزيداً من الصلاحيات وقدراً أكبر من المسؤولية.

اجتماع تاريخي

وصف الدكتور زايد الحصان أستاذ العلوم الاقتصادية والمالية المشارك بجامعة الملك سعود الاجتماع بالتاريخي وقال: ( بغض النظر عن الدعم المادي أتوقع صدور قرارات عالمية لتحقيق ضبط أكبر لما يجري في أسواق الأوراق المالية باعتبار أنها هي من تسبب في خلخلة النظام المالي العالمي حتى وان كان ذلك يعني تنازل (مر) من قبل الدول المتقدمة لمفهوم حرية الأسواق).

وتابع الحصان (نظراً لتداخل الاقتصادات العالمية في السنوات الأخيرة بسبب حرية انتقال الأموال أصبحت التشريعات والتنظيمات المحلية لكل دولة غير قادرة على منع التجاوزات سواء القانونية وغير القانونية التي تحدث في أسواقها المالية).

لافتاً إلى الحاجة أن يكون دور صندوق النقد الدولي أكبر وأكثر جرأة في التدخل للحد من مصدر هذه التجاوزات داخل الدول نفسها.

وقال: (هذا بالتأكيد يتطلب إرادة سياسية أولاً لأهمية مراقبة الأموال التي يتم استثمارها محلياً ودولياً).

مشيراً إلى أهمية رفع مستوى التنسيق ما بين الدول على مستوى العالم للحد من ظاهرة (خلق) و(انتشار) غسيل الأموال.

وحول احتياطات الصين ودول الخليج التي أكثر العديد من الخبراء الغربيين ذكرها قال الحصان: (لا أرى مانعاً من مساهمة السعودية مع باقي دول العالم لمعالجة الأزمة رغم أن من تسبب بها هو اقتصادات الدول المتقدمة لأن من الأهمية للمملكة أن تتعافى هذه الاقتصادات بشكل سريع شرط أن يتم ربطها بصندوق النقد الدولي كقروض أو استثمارات مباشرة وطويلة الأجل يتم استعادتها مستقبلا).

وتابع: (من المهم كذلك أن يتم ربط تقديمها بحدوث إصلاحات تشريعية في الأنظمة المالية للدول المتسببة).

وبيّن الدكتور زايد الحصان أن القمة تشير إلى الأهمية الاقتصادية الكبيرة داخل الاقتصادات المحلية وتعمل على تعزيز الثقة بهذه الأسواق باعتبارها عصب التمويل المهم الذي يحتاجه الاقتصاد المحلي ولا غنى للتنمية الاقتصادية عنه.

بدوره استبعد الدكتور محمد المسهر الجبرين أن تكون قرارات القمة إلزامية إلا في حالة تغيير النظام المالي بشكل كامل، وقال ل(الجزيرة): (إن المشكلة ليست في النظام إنما في الإفراط بالإقراض وإذا ما حدث تغيير في النظام فأتوقع أن يكون بشكل طفيف، مبديا في ذات الوقت أمله بالاستفادة من الاقتصاد الإسلامي لمعالجة القصور في النظام الرأس مالي).

وتوقع الدكتور المسهر أن تدرج قروض صندوق النقد الدولي تحت مسمى قروض حسنة وقال: إن أكثر ما يهم المملكة هو حماية رأس المال وهذا ما جنبها الكثير من مشاكل هذه الأزمة.

الصين اللاعب الرئيس في الأزمة

يتوجه الرئيس الصيني هو جينتاو إلى واشنطن للمشاركة في القمة المالية وهو يواجه توقعات بأن تتولى بلاده دوراً قيادياً عالمياً قد لا تكون مستعدة للقيام به بسبب الحذر المعتاد والهواجس الداخلية.

وكانت قوى اقتصادية في العالم الصناعي طرحت في الأسابيع الأخيرة مطالب بخطوات إنقاذ يمكن أن تتخذها الصين على أمل أن تستخدم قدراً أكبر من احتياطياتها المالية الضخمة لانتشال المؤسسات المالية العالمية من ركودها وتعزيز وضعها.

وستسلط الأضواء على هذه التوقعات اليوم عندما يجلس الرئيس هو مع 19 زعيماً آخر من الدول الصناعية والنامية لتوسيع نطاق المفاوضات بشأن إصلاح النظام المالي العالمي وتعديله.

وقال كينيث ليبرثال الأستاذ بجامعة ميشيجان الذي عمل مستشاراً في البيت الأبيض لشؤون سياسات الصين (هذه أول مرة تكون فيها الصين لاعباً رئيسياً خلال أزمة عالمية في وقت يعاد فيه صياغة القواعد).

والصين لا تريد أن تكون البخيل الذي يلقى عليه اللوم في إفساد النظام ولا حتى المنقذ الذي يمد يده إلى جبل الاحتياطيات الذي تراكم على مدى ثلاثة عقود من النمو السريع أو إعادة صياغة القواعد المالية العالمية.

وقال جانج رويزهوانج أستاذ الشؤون الدولية بجامعة نانكاي في تيانجين قرب بكين (الحكومة الصينية ستكون نشطة لكن دون دور بارز في المحادثات بشأن الأزمة المالية). وأضاف: (العالم الخارجي يرى الصين كقوة جبارة صاعدة لكن الزعماء الصينيين يعلمون كل المشاكل الداخلية والآمال المفرطة... وهم لا يريدون إفساد الأمور لكنهم لا يريدون دوراً بارزاً أيضاً).

وربما يطلب هو حقوق تصويت أكثر في صندوق النقد الدولي مقابل تمويل إضافي من بكين. بل إن الصين قد تحقق عائدا أفضل على استثمارها إذا نقلت بعضاً من احتياطياتها من النقد الأجنبي إلى صندوق النقد بعيداً عن أوراق الدين الحكومية الأمريكية. لكن الصين ليست معصومة من الأزمة الاقتصادية العالمية إذ إنها تعاني من تباطؤ مفاجئ مع تعثر السوق العقارية المحلية وضعف الصادرات.

وربما تجد الصين أن بعض اللوم يلقى عليها في الأزمة المالية من جانب من يعتقدون أن قيمة عملتها اليوان المنخفضة ساهمت في زيادة المشاكل. إلا أنه من المستبعد أن تسفر أي مطالب بزيادة سرعة ارتفاع قيمة اليوان عن نتيجة إيجابية. إلا أن المحللين قالوا: إن الصين لا تريد تحركات جذرية قد تهز مكانة الصدارة المالية التي تتمتع بها الولايات المتحدة.

وقال جانج من جامعة نانكاي: إنه في ضوء حجم احتياطيات الصين الضخمة بالدولار الأمريكي ونظرا لأهمية السوق الأمريكية للصادرات الصينية فإن الصين (لا تريد زعزعة الوضع الأمريكي الآن).

وأضاف: (هي تعرف أنه إذا انهار الاقتصاد الأمريكي فستغرق معه الصين أيضا).




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد