Al Jazirah NewsPaper Sunday  16/11/2008 G Issue 13198
الأحد 18 ذو القعدة 1429   العدد  13198
الخروج.. من باب (التطرف)..؟!!
حماد بن حامد السالمي

ضحكت كثيراً وأنا أقرأ، بعض تلك التعليقات والمقالات، الذي خرج فَزِعاً وفازعاً من (باب التطرف)، ونشر في منابر إلكترونية وأخرى ورقية، وجاء ذلك، إثر محاضرة لعضو مجلس الشورى، الدكتور المؤرخ، (محمد بن عبد الله آل زلفة)، في نادي الطائف الأدبي الثقافي قبل أكثر من أسبوعين....

... الذي تحدث فيها، عن الإسهامات الحضارية للملك (فيصل بن عبد العزيز) - رحمه الله - على المستويين، المحلي والدولي، وشهدها نخبة من المعنيين والمعنيات بالثقافة تحديداً، وحضرها كذلك آخرون أكثر منهم بكثير، من مريدي ومحبي الدكتور آل زلفة، أولئك الذين يتسقطون أخباره، ويتتبعون آثاره، فلا يشغلهم عما يقول في صالات المحاضرات، في الأمسيات والندوات، أكثر من رنات هواتفهم الجوالة، التي يبدو أنها تهوى تبادل أصوات الآذان والتكبير والتهليل فيما بينها، على عكس رغبة أصحابها المنخرطين حديثاً في ركب المثقفين الجدد، ولولا حضور التصوير الفوتغرافي، وعلو الصوت (الحريمي) عبر الدائرة التلفازية المغلقة، لزاد عدد المحبين والمريدين لآل زلفة في هذه الاحتفالية..! ألا.. هنيئاً لك يا آل زلفة، بهذا (الحب الكبير)..!

- خرج بعضهم فزعاً من (باب التطرف)؛ لأن تحريضاته الدائبة، وإيحاءاته المباشرة، وتوجيهاته الخفية لتلاميذه النجباء، فشلت فشلاً ذريعاً؛ فعيون الأمن ساهرة دائماً على منابر الحق والصدق، ما دام هناك خلف أبواب التطرف، من يترصد لها، وينتهز الفرص تلو الفرص لممارسة لعبته الهمجية، في التشويش على الحضور، والتهويش على المحاضرين، واستفزاز الآخرين، ولو من خلال نغمات هواتف جوالة، بين آذان صاغية، لما يقال في صالة مقفلة.

- وخرج بعضهم فزعاً من (باب التطرف)؛ لأن أتباعه الذين سروا بليل، فمزقوا اللوحات القماشية الخاصة بنادي الطائف الأدبي الثقافي، ورموا بها أرضاً، وهي التي ليس فيها صور عارية لا سمح الله، ولا تروج لمنكر ظاهر أو باطن، وإنما كانت تدعو (المعنيين بالثقافة)، لحضور محاضرة تاريخية، تتحدث عن (فيصل بن عبد العزيز)، الملك الذي ملك القلوب، والقائد والزعيم الذي بهر العالم كله، بحنكته وذكائه وفطنته، والذي هو واحد من الملوك النجباء، الذين أنجبهم الملك (عبد العزيز آل سعود) رحمه الله، المؤسس العظيم لهذا الكيان الكبير الموحد. هذا الفعل التخريبي الشائن، الذي خرج هو الآخر من (باب التطرف)، لم يُفزع القائمين على إدارة النادي، ولم يُعطّل لا المحاضر ولا المحاضرة، ولهذا فزع من كان يتوارى خلف (باب التطرف)، لهذا النجاح، ليعلن عن نواياه، ويفصح عن خباياه، ويكشف عن نفسه دون قصد منه (ربما)، وهذه حسنة من حسنات مثل هذه المنابر الثقافية، التي يقذفها بعضهم بالحجارة؛ لأنها لا تتماهى مع رغباته، ولا تتماشى مع أهوائه.

- وفزع المتوارون خلف (باب التطرف)، لأن بعضاً من خطة التهويش والتشويش، بهدف إفشال المحاضرة، لم ينفذ كما يتمنى ويريد، بسبب توازن واتزان إدارة النادي أولاً، وبسبب الحضور الأمني الواعي ثانياً؛ فالفعل الثقافي إذا أصبح هدفاً لسلوك شاذ، وجبت حمايته، وتطلب الأمر توفير الأمن لصوته التنويري، حتى يأخذ مداه الطبيعي في الوسط الذي هو فيه، حتى لو لجأ إلى (الخروج من باب الطوارئ). ما العيب في ذلك..؟!

- ثم جاءت طروحات بعض المتوارين خلف (باب التطرف) هذه المرة، وهي فازعة، لاستدراك ما درج عليه تلاميذها في مناسبات سبقت محاضرة الدكتور آل زلفة، من القيام بواجب تقصُّد المحاضر لا المحاضرة. الهدف دائماً هو الشخص لا ما يقول الشخص تحديداً. هذا الدور القائم على الشتم والسب والتكفير العلني، اختفى هذه المرة، وهو الذي كان حاضراً في محاضرة الدكتور (حمزة المزيني) بنادي الطائف قبل عامين، وفي كلية اليمامة ومعرض الكتاب بالرياض بعد ذلك، وبرزت فيه مظاهر عنفية، كان من أدواتها ما هو لفظي وما هو جسدي، وهذا الأسلوب غير الحضاري، في التعاطي مع الحراك الثقافي في المملكة، خرج ذات يوم وما زال يخرج، من (باب التطرف)، ومن يتوارى خلف (باب التطرف)، ويدبر ويدير هذه السيناريوهات القميئة في المشهد الثقافي، يزعجه بطبيعة الحال، خفت أوار حربه على الثقافة والمثقفين فجأة، الأوار الذي (كاد) يخبو ويخمد على مائدة الدكتور (محمد آل زلفة) الثقافية؛ لأن القول الفصل في الطرح الثقافي الجاد، هو لأهل الاختصاص وحدهم، ولأن المشاغبات والمشاكسات، التي يظنها بعضهم فصل الخطاب بينه وبين خصومه الذين اصطنعهم لنفسه، لا مكان لها في محافل ثقافية فكرية، تجري عادة، بين أرباب الثقافة والأدب. قد يكون محلها الذي يليق بها وتليق به فقط، في الشوارع، وحتى كثير من الشوارع المتحضرة في عالم النور هذا، تعرف (الأدب) في التخاطب والتخاصم والتناد، والحضور الأمني في المشهد الثقافي، والخروج عند الضرورة من (باب الطوارئ)، أمر يسعد من عافاه الله من داء التطرف، ويبغض بالمقابل، من أدمن استباحة منابر الأندية الأدبية، واستساغ تحويلها إلى ساحة هرج ومرج، وتقاذف بالألفاظ، هذا الداء الذي ينبغي أن يبرأ منه، كل من عدّ نفسه أديباً ومثقفاً، أو من جهز نفسه للسير في ركب الثقافة؛ لمتابعة وملاحقة المحاضرين في منابرهم ومحافلهم، ومن جعل نصب عينيه ما يقال في المنابر والمحافل، لا من (الذي) يقول في المنابر والمحافل.



assahm@maktoob.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5350 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد