Al Jazirah NewsPaper Sunday  16/11/2008 G Issue 13198
الأحد 18 ذو القعدة 1429   العدد  13198
رسالة (بيضاء) لرئيس أميركي (غير أبيض)
محمد بن عيسى الكنعان

فخامة الرئيس الـ(44) في قائمة رؤساء الولايات المتحدة الأميركية.. والـ(16) ترتيباً في سجل الديمقراطيين.. و(الأول) من أصل أفريقي بين الأميركيين الملونين..

كوني أشارككم العيش على هذا الكوكب الجميل، وبحكم انتمائي لدولة تعتبر في منظومة الدول الصديقة لدولتكم....

.... ومن واقع تقاطع قضايا أمتي المصيرية بمصالح دولتكم القومية.. رأيت أن أكتب إليكم رسالتي من خلال هذه الصحيفة العريقة، وأنتم على بُعد خطوات من دخول البيت (الأبيض)....

فخامة الرئيس.. لن أدخل معكم في (متاهات السياسة) بما يخص منطقتنا الحيوية، فهذه لعبة الأنظمة والدول والهيئات العالمية، أما الشعوب فلا تحسن إلا (الفُرجة) لأنها لا تملك أدوات اللعب كما يملكها شعبكم، وبالذات شعوب الشرق الأوسط، وتحديداً الشعوب العربية والإسلامية.. قد تتساءل: لماذا؟

أجيبك فخامة الرئيس.. لأنها ملّت التصاريح الرسمية (المتهالكة) والوعود الرئاسية (المتطايرة)، لدرجة أن الجد منا كتبها في وصيته للحفيد من باب (النوادر) التاريخية والغرائب (الكونية)، فمنذ أكثر من ستين عاماً و(القضية الفلسطينية) تتآكل حقوقها الشرعية في أروقة المنظمات الدولية والمفاوضات السياسية حتى انتهت إلى سجن كبير يسمونه (سلطة فلسطينية)...

فخامة الرئيس.. أعلنتم تأييدكم المطلق لإسرائيل وحفظ أمنها (قبل الانتخابات) بعد الفوز التاريخي صرحتم ستدعمون كل من يسعى (للسلام).. بين هذين التناقضين هل يمكن تبيان حقيقة قيمة السلام (الغائبة)، لأنها تحولت إلى مصطلح سياسي فضفاض، جعل طفل الحجارة الذي يدافع عن أرضه (إرهابياً)، في مقابل المعتدي الإسرائيلي الذي صار (رجل سلام يمارس حقه) حسب القاموس الأمريكي...

فخامة الرئيس.. أعجبني في خطابكم أن (قوة أميركا في المبادئ) وليست الأسلحة، ولكن ألا ترى معي أن المبادئ تحولت إلى وسائل أكثر فتكاً من الأسلحة في حق شعوب الأرض وفي مقدمتها شعوبنا العربية والإسلامية، ف(الحرية) حُبست في أقفاص غوانتانامو، و(الديمقراطية) صارت طائرة تقصف أجساد الأبرياء في عرس قبلي في أفغانستان، و(الإنسانية) تعرت في سجون أبو غريب، كما أن (السيادة) خُرقت في العراق باحتلال صارخ، رغم أن المنطق الأميركي يحذر الآخرين من خرق سيادات الدول...

نعم فخامة الرئيس.. أميركا أثبتت أنها بلد الفرص والديمقراطية والتعددية، بل نزعت ثالث ورقة عنصرية في تاريخها بانتخابكم المجيد، ولكن ماذا عن العالم؟ الذي صار مخنوقاً ب(الغصص الاقتصادية)، ومحكوماً ب(الديكتاتورية العسكرية)، ومُغرقاً ب(الأحادية) في قراراته الشرعية، وهذا كله بفضل السياسة الأميركية العالمية...

فخامة الرئيس.. جميل أن تختلط في دمك أعراق شتى، وأجمل منه أنك تلقيت ثقافات مختلفة خلال مسيرتك الحياتية من أميركا واندونيسيا وكينيا، ولكن الأجمل من كل ذلك أن تؤمن أميركا في عهدها الجديد معك أن (العولمة) ليست أمركة، إنما نسيج حضاري من إبداع الإنسان بغض النظر عن لونه أو عرقه أو دينه أو وطنه..

فخامة الرئيس.. سيادتكم أعرف مني بالتحديات التي تتنكب طريقكم الرئاسي، فهناك (ملف الإرهاب) الغارق في أكاذيب السياسة وأعمال البلطجة الأميركية، وهناك (شرعية دولية) يجب إعادة الاعتبار لها بعد سنوات العبث الأميركي بها، وهناك (عدالة عالمية) منقوصة بين الشعوب في مسألة تقرير مصيرها، فضلا ً عن (سمعة أميركا) التي أفسدتها السياسات المتعجرفة..

فخامة الرئيس.. كنت تؤمن بـ(التغيير) منذ شبابك حتى صار شعارك إلى يوم انتخابك، وهذا دلالة أننا نتعامل مع رئيس غير عادي في رؤيته الشمولية، غير أن التغيير يتطلب أن يكون متكاملاً شاملاً عادلاً، بمعنى أن العبرة في (التطبيق) الحقيقي وليس في (التنظير) الحماسي..



Kanaan999@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد