Al Jazirah NewsPaper Sunday  16/11/2008 G Issue 13198
الأحد 18 ذو القعدة 1429   العدد  13198
رسم خطوطا عريضة لتحسين إدارة المصارف
«العشرون» أمام تحدي أسوأ أزمة اقتصادية منذ 1929

واشنطن - (ا ف ب)

واصلت قمة الدول الصناعية والناشئة الكبرى التي افتتحت مساء الجمعة بعشاء عمل في البيت الابيض، اجتماعاتها السبت للتوصل إلى وضع استراتيجية منسقة لمواجهة أسوأ ازمة اقتصادية منذ 1929م.

ولدى ترحيبه بضيوفه في البيت الابيض حذر الرئيس الامريكي المنتهية ولايته جورج بوش من ان الازمة لن تحل (بين ليلة وضحاها). فقال (ان هذه المشكلة لم تظهر بين ليلة وضحاها ولن تحل أيضا بين ليلة وضحاها. لكنها ستحل إذا واصلنا تعاوننا وأثبتنا عزمنا على مواجهتها).

وستقترح الولايات المتحدة التي أابدت في بادئ الامر تحفظات على استضافة هذه القمة، اعتماد (خطة تحرك) لاصلاح النظام المالي الدولي أثناء القمة.

وسيسعى المشاركون إلى (وضع أسس اصلاحات لمنع تكرار مثل هذه الازمة في المستقبل) كما قال بوش.

وقالت دانا بيرينو في ختام مأدبة العشاء التي سبقت جلسات العمل السبت ان (اللقاء بين القادة كان جيداً ومثمراً). ويبدو أان هامش التحرك ضيق امام بوش، فهو على وشك الرحيل من البيت الابيض في حين ان خلفه باراك أوباما الذي لا يشارك في القمة لن يتولى مهامه رسميا إلا في 20 يناير المقبل.

ومن الصعب في هذه الظروف قطع تعهدات لا سيما وان الادارة الاميركية الحالية بقيت الى حين فترة قصيرة مؤيدة لعدم فرض ضوابط على القطاع المصرفي والمالي. وستلتقي شخصيات بارزة في القمة مثل وزيرة المالية الفرنسية كريستين لاغارد ورؤساء تركيا وكوريا الجنوبية والمكسيك والارجنتين والامين العام للامم المتحدة مبعوثين من قبل أوباما على هامش القمة.

وقد رسمت الولايات المتحدة خطوطا عريضة للبحث خلال القمة عن حل يقوم على تحسين ادارة المصارف للمخاطر ومكافحة غياب الشفافية واختلاس الاموال في الاسواق وتحسين القواعد الحسابية لكل بلد فيما يتعلق بالسندات المالية.

لكن كثيراً من الدول ترغب في الا تركز القمة فقط على تشديد الاطر التنظيمية المالية بل وتركز ايضا على انعاش الاقتصاد الضروري لمواجهة الانكماش المتوقع في الدول الثرية في العام 2009 والتباطؤ الملحوظ لدى الدول الاخرى.

وسيشدد رئيس الوزراء الياباني تارو اسو على ان تعطي الولايات المتحدة والدول الاخرى (الاولوية) لازالة الاصول (السامة) من حسابات مؤسسات المالية بحسب متحدث ياباني. وستشدد البرازيل على (أهمية تنسيق السياسات المتعلقة بالموازنة) كما قال وزير الخارجية سيلسو اموريم.

وترغب برازيليا أيضا أن تصبح مجموعة العشرين منبرا دائما وتطالب بمزيد من التنظيم المالي.

وفي ما يتعلق بالتنظيم المالي اورد البيت الابيض اقتراحين قد يتم التوصل إلى التفاهم عليهما اثناء القمة وهما انشاء (هيئة مراقبين) للاشراف على المصارف الثلاثين الكبرى و(نظام انذار مبكر) من الازمات المالية.

وقد يلعب صندوق النقد الدولي دورا (مهما) للتنبيه المبكر إلى اضطرابات محتملة بحسب متحدث.

غير ان الكنديين ابدوا حذرهم في هذا السياق. وقال رئيس الوزراء ستيفن هاربر ان القمة ستتضمن مؤيدين لوضع تنظيم وطني بحت واخرين يريدون (إدارة دولية الزامية).

من جهتهم، بات الاوروبيون ولا سيما الفرنسيين يقرون بان القمة لن تكون سوى نقطة انطلاق ولن تؤدي إلى بريتون وودز ثانية شبيهة بالاتفاقات الموقعة عام 1944 والتي انبثق عنها النظام المالي الحالي.

ورأت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل في مقابلة اجرتها معها صحيفة سودويتشه تسايتونغ ان (هذه المحادثات ستكون صعبة)، لكنها شددت على ضرورة التحرك بشكل عاجل في وقت دخلت المانيا التي تمثل أكبر قوة اقتصادية في أوروبا، مرحلة انكماش يتوقع ان يتبعها اليها باقي الدول الغنية عام 2009م. وقالت (علينا تطبيق اولى اجراءات (الاصلاح المالي) في الاشهر المقبلة) بهدف ضبط كل الاسواق. وقد دعمت موسكو فكرة فرنسا لتنظيم قمة ثانية في شباط/فبراير.

وقد تنعقد بحسب البرازيل في مطلع اذار/مارس في بريطانيا. ويؤيد الاميركيون ايضا اجراء اصلاح لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي لاعطاء وزن اكبر للدول الناشئة. وبين هذه الدول الصين - التي تمول نصف الدين الاميركي - والتي اكدت انها مستعدة لتقوم بمزيد من الدعم للاقتصاد العالمي.

ويرى بعض الخبراء انها قد تقرض اموالا للمنظمات المتعددة الجنسيات مثل صندوق النقد الدولي لمساعدتها على دعم الاقتصادات التي تواجه مخاطر. واقترحت اليابان - التي تمول النصف الآخر من الدين الاميركي - تقديم قرض تصل قيمته إلى مئة مليار دولار لصندوق النقد الدولي لتعويم الدول الاكثر معاناة من الازمة.

وأثناء لقاء على هامش القمة حذر الرئيس البرازيلي لويس اينياسيو لولا دا سيلفا ورئيسة الارجنتين كريستينا كيرشنر من ان الازمة المالية يجب ان لا تتوسع إلى البلدان الناشئة، وقالا (يجب تعزيز الطلب ودعم الاستهلاك لتفادي امتداد الازمة) إلى البلدان الفقيرة، كما قال وزير الخارجية الارجنتيني خورخي تايانا. وشدد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان من جهته على ان تهتم القمة بالدول النامية معتبرا ان على (الاقوياء) ان يحموا (الضعفاء).

وأعلن الرئيس الاندونيسي سوسيلو بامبانغ يودهويونو انه سيقترح انشاء صندوق خاص لمساعدة الدول النامية على مواجهة الازمة. وبدأت الازمة قبل عام في الولايات المتحدة في سوق العقارات ثم اتسعت بقعتها وطاولت كامل القطاع المالي الذي تنهكه منتجات مالية معقدة فقدت قيمتها فجأة.

ومع نفاد السيولة في المصارف وانهيار الثقة فيما بينها، نضبت سوق القروض بشكل مباغت في منتصف ايلول/سبتمبر وباتت الشركات تجد صعوبة في تمويل نفسها فيما انهارت البورصات العالمية.

ثمة حاليا عدة منتجات ومؤسسات مالية خارجة حاليا عن اي ضوابط أو تخضع لقدر ضئيل من الضوابط ومنها صناديق المضاربة وعقود مبادلة الاقساط المتعثرة ووكالات التصنيف الائتماني. وتأتي فرنسا في طليعة المطالبين برقابة متزايدة على المالية الدولية وتدعو في هذا الاطار إلى اضافة الأجندات الضريبية إلى هذه اللائحة.

وصرح رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو الجمعة ان قادة مجموعة العشرين باتوا قريبين من التوصل إلى توافق لجهة وضع تنظيم أفضل ومراقبة افضل للنظام المالي ولمؤسساتها.

وقال باروزو بعد عشاء العمل في البيت الابيض الذي اطلق اول قمة للدول الصناعية والناشئة الكبرى من الواضح ان الازمة اظهرت ان هناك مشكلات تنظيم ومراقبة.

وعلينا الاهتمام بهذه المشاكل، مؤكدا (ينبغي الا تفلت اي مؤسسة مالية عن الضوابط والمراقبة).

وأضاف (علينا ان نضع قواعد واضحة لكي تعمل المالية الدولية واعتقد ان هناك توافقا حقيقيا حول هذه النقطة).

واستطرد قائلا (لا اقول اننا متفقون على كل شيء لكن اعتقد فعلا ان الاذهان مهيئة أكثر الان لاصلاح مبادىء المالية العالمية ولكن ايضا لاصلاح المؤسسات المالية العالمية لاحقا).

وتضم قمة مجموعة العشرين التي ولدت عام 1999 بعد الازمتين الاقتصاديتين الاسيوية والروسية، دول مجموعة الثماني (المانيا وفرنسا والولايات المتحدة واليابان وكندا وايطاليا وبريطانيا وروسيا)، والاتحاد الاوروبي و11 دولة ناشئة (جنوب افريقيا والسعودية والارجنتين واستراليا والبرازيل والصين وكوريا الجنوبية والهند واندونيسيا والمكسيك وروسيا وتركيا). وتنازلت فرنسا لاسبانيا عن احد المقعدين اللذين تشغلهما بصفتها الرئيسة الحالية للاتحاد الاوروبي.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد