Al Jazirah NewsPaper Tuesday  18/11/2008 G Issue 13200
الثلاثاء 20 ذو القعدة 1429   العدد  13200
المنشود
وما أدراك ما القصيبي؟!!
رقية سليمان الهويريني

يأنف بعض المسؤولين - والوزراء منهم بالذات - من الكتابة بخط أيديهم؛ فيكلفون مديري مكاتبهم بكتابة خطاب منمق لمسؤول آخر، أو ردٍ على كاتب أو صحيفة لشكرها على تغطيتها زيارته المفاجئة لإحدى الإدارات أو المراكز! والكثير منهم يتجاهل ما يُكتب من نقد لوزارته.

د.غازي القصيبي وزير فريد من نوعه؛ فهو لا يوكل لأحد من موظفيه كتابة خطابٍ إنسانيٍّ! فهو يتناول أقرب ورقة أمامه ويكتب بخطه الجميل ما يعنُّ له وما يريد كتابته دون تنميق، بل ودون مراجعة لما كتب!

وحين وصلني خطاب د.غازي مرفقاً بكتاب (باي باي لندن) تعليقاً على مقال بعنوان (شق الوطن ورقعة القصيبي) تعجبتُ من تلك الورقة المكتوبة بخطه البديع داخل مظروف يحمل خطه أيضاً يقول فيها: (أشكرك على كلماتك الرقيقة عبر مقالك، في زمان عمت فيه الكلمات الغليظة، وأرجو أن يتسع وقتك لقراءة المقال المشار إليه في الكتاب وما جاء فيه من الناحية العلمية الخالصة، وهو الوسيلة الوحيدة لمعالجة البطالة، فهل بعض قومي يسمعون؟ أو هل يهم بعضهم أبعد من مصالحه الشخصية؟ إلى الله المشتكى).

ولقد أحدث خطاب أبي سهيل في نفسي تأثيراً هائلاً؛ لأسلوبه السهل الممتنع، وكأنه يقول: أنا مواطن مثلك تماماً، ولكني حُمِّلتُ أوزار وزارة هي دوماً على صفيح ساخن! عندها، استرجعتُ أيام الدراسة الجامعية حيث كنت أتلقف كل كتابٍ يصدر باسم القصيبي الأديب؛ فلم يكن يعنيني منصبه بقدر ما تطربني عباراته اللطيفة وكلماته الرقيقة! وكنت أتمنى حينها أن أعثر على الكنز الذي يثري د.غازي دوماً، والنهر الذي ينهل منه فكره.

وقد حصلت على أغلب كتبه بعضها شراءً وبعضها إهداءً من صديقاتي الحبيبات، وأحد كتبه جاءني (رضاوة) من صديقة جرحتني؛ فأنقذها د.القصيبي من قطيعة محققة كادت أن تحدث شرخاً في علاقتنا.

ولم أكن أتوقع حينها أن يبث لي القصيبي الأديب يوماً جزءاً من همومه الوطنية التي أصبحتُ أشاركه فيها الآن، وغيري كثير! وكنت أجزم أنه قادر على تطويع أفكار الناس وقناعاتهم مثلما هو متمكن من سبك الكلمات ومؤالفة حروفها.

ويبقى (شيخ الكلمة) يعتلي مشيخة الأدب الراقي مهما امتصت الوزارات منه رحيقه العذب.

كما يبقى القصيبي - الوزير القوي الأمين - شاغل الناس، بين مؤمن بجهوده وإخلاصه إلى حد اليقين، وبين منكر لها بدافع الحسد! وإني لأستعجب من بطالة كأنها لم تكن حاضرة قبل أن يحمل القصيبي حقيبة وزارة العمل!

ويا ليت قومي يدركون أن الجشع واتباع الهوى دمارٌ لكل إرادة تبني وطناً؛ فالأوطان تشيد بالعمل الدءوب وتقام على العدالة والمساواة. والمواطنة تعني صدق الانتماء والصبر على جهد العمل. وتُشرق المواطنة بالتضحية ومجاهدة النفس ووأد الأنانية، وتتألق بنبذ الطمع وترك الكسل.

أقول ذلك لكل من حسب نفسه مواطناً وهو يهدم وطنه بتسجيل مؤسسات وهمية قائمة على تأشيرات تباع وتشترى، أو تنثر عمالة سائبة تزاحم أبناءنا في طلب رزقهم، وسعيهم لبناء وطنهم!!

rogaia143@hotmail.Com
ص. ب 260564 الرياض 11342






لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6840 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد