Al Jazirah NewsPaper Tuesday  18/11/2008 G Issue 13200
الثلاثاء 20 ذو القعدة 1429   العدد  13200
أضواء
تعطيل الحوار الفلسطيني.. تأجيل للدولة الفلسطينية
جاسر عبدالعزيز الجاسر

في الأسبوع الماضي اضطرت مصر التي كانت تتوسط لإبرام مصالحة فلسطينية بين الفصائل الفلسطينية، وبالتحديد بين حركة فتح وغريمتها حركة حماس، اضطرت إلى (تعليق الحوار الفلسطيني) الذي بذلت مصر جهوداً كبيرة لإنجاحه، وتفرّغ له مدير المخابرات المصرية، الوزير عمر سليمان، ومعه العديد من الجهات الدبلوماسية والرسمية والأمنية، وفعلاً تم تحقيق تفاهمات عديدة، وكادت (المعجزة) تحصل وتتم المصالحة بين الفرقاء الإخوة الأعداء..!!

ولكن، وفي وقت كانت الجهات المصرية تنتظر وصول وفد حركة حماس إلى مصر واللحاق بالوفود الفلسطينية التي وصلت إلى مصر فعلاً، فجّر الحمساويون مفاجأة غير سارة عندما اشترطوا إطلاق سراح الأعضاء من حركة حماس الذين تعتقلهم الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وبما أن أجهزة السلطة الفلسطينية في الضفة يديرها (الفتحاويون) فقد اعتبرت حماس أن المعتقلين من أعضاء حركة حماس يراد بهم الضغط على حركة حماس حتى تقدّم تنازلات في مفاوضات الصلح في مصر لصالح حركة فتح؛ ولذلك فقد اشترط قادة حماس إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين الفلسطينيين، وهم بذلك يوجهون (شرطاً) للمصالحة مع حركة فتح التي عليها إطلاق سراح سجناء حركة حماس.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس، المتحدر من حركة فتح، أعلن أنه لا يوجد أي معتقل سياسي في سجون السلطة، وأن حركة حماس عطّلت الحوار الفلسطيني بعد أن (طلبت) منها قوى إقليمية وقف الحوار لعرقلة أية مصالحة بين الفلسطينيين، وأن حركة حماس بوضعها شروطاً (مسبقة) للحوار الفلسطيني، وهي التي كانت ترفع شعار (لا شروط) قبل أي حوار، تكون قد ضحت بالحلم الفلسطيني خدمة لمصالح إقليمية دون أي اهتمام بمعاناة الشعب الفلسطيني، سواء الذين يعيشون في الضفة الغربية تحت سلطة حركة فتح أو في قطاع غزة تحت سلطة حركة حماس، فالفلسطينيون الذين يعيشون في ضنك وحصار وظلمة دامسة، وخاصة أهل قطاع غزة، لن يرحموا ساستهم وهم يرونهم يتقاذفون الاتهامات، وجميعها توصم كل طرف بخيانة القضية الفلسطينية والمتاجرة بها خدمةً لجهات إقليمية أخرى تلعب بالورقة الفلسطينية تحت شعار المقاومة؛ ولهذا فإن الفلسطينيين كانوا يأملون بتحقيق اختراق إيجابي يوقف الاقتتال الفلسطيني ويعيد اللحمة الفلسطينية والوفاق بين قادة الفصائل الفلسطينية، وإنجاز مصالحة وطنية باتت ملحة جداً لاتساع دائرة الساعين لإعطاء الفلسطينيين حقوقهم، بعد تزايد الأطراف الدولية المقتنعة بإقامة الدولة الفلسطينية، وأن الذي يؤخر ذلك هو تشرذم وتنافر القادة الفلسطينيين خاصة في حركتي فتح وحماس، ففي الوقت الذي يسعى فيه الفتحاويون إلى تفعيل المفاوضات الدولية واستثمار التأييد الدولي لإقامة الدولة الفلسطينية على حدود ما قبل حرب 1967م، فإن الحمساويين يريدون الالتزام وعدم التخلي عن خيار المقاومة والتنسيق مع (الحلفاء) الذين يدعمون هذا التوجه.

هذا الاختلاف في النهجين هو الذي ضرب كل المصالحات وعطّل كل الجهود التي بذلتها الدول العربية، وهو يؤكد أن مَنْ يريدون (اللعب بالورقة الفلسطينية) قادرون حتى الآن على تعطيل أية مصالحة وطنية فلسطينية.. وتأخير إنجاز إقامة الدولة الفلسطينية التي ستحرمهم من تحريك الورقة الفلسطينية لخدمة مصالحهم الإقليمية.



jaser@al-jazirah.com.sa
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 11 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد