Al Jazirah NewsPaper Tuesday  18/11/2008 G Issue 13200
الثلاثاء 20 ذو القعدة 1429   العدد  13200
قراءة متأنية في سوق الأسهم السعودي
د. خالد محمد الخضر *

لا يمكن إخراج سوق الأسهم من وضعه الحالي ومن كبوته إلا من خلال عدة عوامل، فالمريض عادة يحتاج إلى علاجات ومضادات وجلسات وزمن حتى يتعافى، وكذلك هو السوق يحتاج إلى حزمة من الإصلاحات والنظم والقوانين حتى يتعافى ويستقر، كذلك يحتاج إلى زمن لتعود الثقة لدى المضاربين والمستثمرين للسوق.

ومن جملة هذه الإصلاحات الإفصاح من قبل أعضاء مجالس الإدارات من خلال إلزامهم من قِبل هيئة سوق المال للإفصاح وعمل ورش عمل للقيام بهذا الجانب، جدول زمني مع عقوبات متدرجة ومحفزات للمحسن والمسيء من قبل الشركات إفصاحاً أو التزاماً أو تقيُّداً بالنظم واللوائح، يجب أن يكون هناك تقييم عادل وحقيقي للشركات من كافة جوانبها المالية والإدارية والإستراتيجية، تطوير جهاز هيئة سوق المال بما يتناسب مع حجم السوق، اختيار أعضاء مجالس إدارات الشركات حسب الكفاءة والمهارة والخبرة والتعليم وليس حسب المعرفة (والواسطة) وما يملكه المؤسس من أسهم لهذه الشركة أو تلك، مساءلة ومحاسبة البنوك عن ما تمَّ من إقراض وتسهيلات أدت إلى ارتفاع جنوني بالسوق (من خلال الاقتراض والتسهيلات) ونزول كارثي عند (تسييل المحافظ وبيعها)، يجب أن يكون هناك تقنين مهني (للمستثمر والمضارب) على حد سواء في سوق الأسهم من خلال إعطائهم شهادات معتمدة من قِبل الهيئة على أن يجتاز الراغب فى الحصول على تلك الشهادة كثيراً من الدورات التدريبية في التقييم المالي والفني والنفسي، ومن القواعد الاقتصادية المسلَّم بها أن الاقتصاد الكلي قد يتأثر بشكل أو بآخر من خلال هبوط سوق الأسهم ولكن يظل هذا التأثير بحدوده الدنيا حيث إن الاقتصاد كل متكامل من عناصر عدة ومعطيات مختلفة.. ويقدّر الاقتصاديون أن الخسارة من هبوط سوق الأسهم تقدر بـ 500 مليون دولار أو أكثر أي ما يعادل مرة ونصف المرة من حجم الناتج الإجمالي للبلاد، واعتقد أن هناك لاعبين تحمّلوا العبء الأكبر من خسائر سوق الأسهم الأخيرة وهما: الحكومة والمستثمرون حيث إن ما تملكه تلكما الجهتين يبلغ حوالي ثلثي رأس مال السوق وهما بالتالي ينتهجان في الغالب إستراتيجيات طويلة الأجل وتتأثر قراراتهما بصورة كبيرة بتأرجح أسعار الأسهم، إلا أن البنوك لم تتأثر بذلك بل إنها استزادت تضخماً لثرواتها من خلال التسهيلات والاقتراضات المرتبطة بالسماح للعملاء للاستدانة مقابل قيمة حيازتهم الفعلية من الأسهم (القروض الهامشية) كذلك القوانين الحامية من قِبل مؤسسة النقد والحد من الإقراضات والانضمانات تفوق حد المعقول وانتهاجها لإقراضات مصرفية حذرة جعلت حالات الإعسار في سداد القروض تكاد تكون غير موجودة، وكما أن الاقتصاد ككل إذا تأثر جزؤه تأثر كله فإن تلك الاكتتابات التي رأيناها في الماضي القريب وأثرها على السوق تكاد أن تكون ليس لها جدوى في ظل الانهيار الذي يشهده السوق هذه الأيام، فلقد لاحظنا شركات كبيرة بيعت بعد التداول بأقل من سعر الطرح، بل إن هناك شركات كثيرة لا ترتقي إلى مصاف الشركات الرائدة طرحت بالسوق بعلاوات إصدار مرتفعة وأنا لي تحفظ على تلك العلاوات التي هي في كثير من الشركات مبالغ فيها وليست هناك معايير واضحة، وإذا ما استمرت تلك السيولة بهذا الانخفاض وكذلك انعدام الثقة وطبيعة وثقافة المضاربة فسيؤدي ذلك بالتبعية إلى الإضرار بالسوق والتأثير على جدوى وفاعلية السوق للمزيد من الكوارث إذا لم تكن تلك الاكتتابات محسوبة، ومن الأضرار الواضحة والجلية التي تؤدي بالسوق إلى انهيارات متتالية مشكلة الشفافية وهي المشكلة الكؤود في سوق الأسهم بل في كافة مصالحنا فالمعلومة والشفافية واستخراج تلك المعلومة من أي جهة كانت هي من الأمور المسكوت عنها والتي يعتبرها المسئول حكراً عليه ومن الإرث الشرعي له يخرجها متى ما شاء ويخفيها حيثما أراد، والشفافية في سوق الأسهم أدت إلى الكثير من الكوارث ولعبت بعض الشركات متضامنة مع ضعف هيئة سوق المال إلى انتشار الشائعات وتسريب المعلومات على المستفيدين ولتحقيق مصالح تخص أشخاصاً دون غيرهم، بمعرفة معلومة هي حق للجميع لتصبح معادلة العدالة عرجاء ومصابة بداء الكساح، عنصر حجب المعلومة أدى إلى أن من يملك المعلومة هو الذي يتحكم بالسوق ارتفاعاً أو انخفاضاً، ولعبت البنوك في ذلك دوراً كبيراً من خلال أنظمة تداولها والمشاكل الكبيرة، والمستثمر الصغير هو الذي يتضرر وأعتقد أنه يجب أن يكون هناك شفافية مطلقة من قِبل الهيئة وكذلك الشركات بإعطاء المعلومة أولاً بأول واتخاذ كافة الإجراءات الرادعة... وللمقال بقية.

* كاتب سعودي


kmkfax2197005@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد