Al Jazirah NewsPaper Tuesday  18/11/2008 G Issue 13200
الثلاثاء 20 ذو القعدة 1429   العدد  13200
أنس المشيقح رحمه الله.. وروعة موقف أبيه..!!!
أحمد بن سليمان العدل

الابن ثروة وكنز هبة وموهبة نشأة وتربية هدية من الباري جلّ وعلا، تراه بين عينيك ترقب نموه وحركة أطرافه، تراه في المهد ثم على البطن، ثم يقعد ومن ثم يحبو، وأنت تتأمّل فيه الخير وترقب في عينيه الأمل، يحدوك الشوق لتراه فوق الأقران وديجور الظلام وقمة الدهاء والذكاء، تعجبك ضحكاته وتستهويك حكاياته، يطلب فتلبِّي ويبكي فتعطف يصيب فتفرح ويخطئ فبحكمة توجِّه، ها هي خطواته الأولى على الحائط فخطوة خطوة يخطو ويسقط فتفرحك تلك ويؤلمك السقوط، غير أنّ قلبك يقول تلك سقطات العظماء التي تسبق عظمتهم، ثم ما تلبث تلك البذرة إلا وأزهرت فتصبح زهرة ذات عبق من الرائحة العطرة عظيم فتحوطها بعناية ودراية وتردد بين الفينة والأخرى دعوات بالهداية والصلاح، وما أن يشتد غصنها الطري ويبدأ بالنضج إلاّ وترى في الجبين فألاً وأملاً وفي العينين مستقبلاً مزهراً، وأنت أنت ترقب ما بيديك ترعى وبعينيك تؤمل وتهوى، وفي عشية ليس لها ضحى أو ضحى ربما يتأخر عنه العشي إلاّ وتفقد ثمرة الفؤاد وأمل القلب وحصيلة العطاء، يأتيها على حين غفلة ملك مأمور، لينهي أياماً معدودات وسني قليلات وثماراً يانعات، إنه أنس بن عبد الرحمن بن صالح المشيقح الذي تخطّفته يد المنون في ربيعه الثامن عشر، قضاها في جمال التربية وعطاء الأبوة الحانية وسخاء اليد المعطاء، يد الأم الرءوم الحنون، ذلكم الشبل الذي أبى الله الرحيم الرحمن ذو الفضل والإنعام، إلا أن يختم لتلك الزهرة المزهرة بخير ما يختم به العبد الصالح أعماله، إنه البر الصادق بوالدته الحنون، شاء الله وقدر ولا راد لقضائه وقدره، إلاّ أن تكون خاتمة أنس براً بوالدته ليبقى الأجر ويدوم الذِّكر، غير أن الذي يثلج الصدر ويبهج النفس ويضحك السن ويسرّ الخاطر، تلك المشاعر الأبوية الصادقة الحانية من لدن والده المربي المتميز الأستاذ عبد الرحمن بن صالح المشيقح الذي وقف حارساً متمكناً لرد جيش من الدموع تخرج من القلب قبل أن تخرج من العين، تلكم الدموع التي باءت كل محاولاتها لتخرج للناس حين المصيبة وفقد الأحباب بل فقد ثمرة الفؤاد، فوجدت نفسها منهزمة منكمشة في مكانها تقول بلسان حالها لقد جئنا لميدان غير الميدان الذي نريد، وهي مشاعر شهدها محبو ذلك الوالد المكلوم المفجوع الذي قال بملء فيه على مرأى ومسمع كل من شاهد وحضر يوم الجنازة المشهودة، في ظهر السبت الثالث من شهر ذي القعدة من عام 1429هـ (الحمد لله على قضائه وقدره اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها) (الحمد لله الذي أخذ وأبقى) .. نعم تلكم الكلمات صدرت من قِبل مؤمن صادق بوعد ربه وحديث نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - القائل (قال الله أخذتم ولد عبدي أخذتم ثمرة فؤاده قالوا نعم، قال ماذا قال عبدي قالوا حمدك واسترجع، قال ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسمّوه بيت الحمد)، إنّها نعمة لا يحصل عليها ولا تكون إلاّ للعظماء من الرجال والنساء المؤمنين الصادقين .. فنسأل الله أن يحسن عزاءك يا أيها الوالد المكلوم، ويجبر مصابك في فقد أنس، وأن يخلف عليك خيراً مما أخذ منك، وأن يبارك لك فيما أبقى، وأن يشفي شفاء عاجلاً والدته المكلومة التي أصيبت معه في حادث السير، والحمد لله على قضائه وقدره و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}

- القصيم



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد