فرحنا واستبشرنا وحمدنا الله عز وجل كثيراً على ما منَّ الله به على هذه البلاد المباركة من خيرات وأمطار، فقد عمَّ المطر أرجاء المملكة شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، فالحمد لله أولاً وآخراً.
وكما فرح سكان البوادي ومالكو البهائم والأنعام في البراري بتلك الأمطار، فقد فرح بها سكان المدن، حتى وإن أصابهم بعض الأذى والمعاناة بسببها.
يسأل سائل: لماذا يفرح أهل المدن، وخصوصاً المدن الكبيرة بتلك الأمطار؟ أليست مسببة لحوادث في الطرق؟
جواب هذا السؤال هو أن هذه الأمطار لا شك في فائدتها لما زُرِع من أشجار ونباتات في الشوارع والطرقات أو حول البيوت، فهي تسقيها من جهة، وتزيل ما علق بها من غبار من جهة أخرى، فتكسبها بهاءً ورونقاً وجمالاً.
كما أنها تؤدي إلى تنظيف الشوارع وجدران البيوت بشكل عام.
ولنلاحظ صفاء الجو وخلوِّه من الغبار، كما يحصل هذه الأيام في الرياض، رياض الخير والرخاء، ولنستمع لشقشقة الطيور في الصباح بعد كل مطرة، وهذا كله من دواعي البهجة والسرور، فالحمد لله على فضله.
غسْلُ المطر للغبار والأتربة العالقة في الأشجار والجدران وزواله من الجو، ألا يدعونا لغسل قلوبنا من الذنوب صغيرها وكبيرها؟
ألا نغسل قلوبنا من الحسد والحقد والغل؟
ألا نغسل قلوبنا وجوارحنا من نظر أو سماع أو قول محرَّم؟!
ألا نزيل من (ألبوم) صور حياتنا وتعاملاتنا صوراً سيئة من القطيعة والخصام لقريب أو صديق أو جار أو زميل عمل؟
هل يترك أحدنا ثوبه دون غسل وقد علقت به الأدران والأوساخ؟!
هكذا القلوب وأدرانها، فلها غسل، وغسلها الاستغفار والتوبة.
يقول الشاعر عمر اليافي:
يا من يغيث المستغيث
إن لم تُغثنا مَن يغيث؟
وما لنا ربٌّ مغيث
سواك يا ربّ العباد
فينا صغار رضّعُ
فينا شيوخٌ ركَّعُ
كذا بهايم رُتَّعُ
وأنت للكلّ مراد
إن كنت غيث الطائعين
فمن يغيث المذنبين؟
رحمةُ خيرِ الراحمين
مطلقةٌ بلا قياد
يا ربّ قلت استغفروا
ربَّكمُ فيغفرُ
يأتي السحابُ الممطرُ
يروي العبادَ والبلاد
وما أتى قول هذا الشاعر وغيره من الشعراء إلا من امتثال وتطبيق لما ورد في قوله تعالى - على لسان نبيه نوح - عليه السلام: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً).
al-boraidi@hotmail.com