Al Jazirah NewsPaper Thursday  20/11/2008 G Issue 13202
الخميس 22 ذو القعدة 1429   العدد  13202
عدد من المختصين ورجال دين لـ(الجزيرة):
مبادرة الملك لحوار الأديان تجسد إحدى الركائز الإسلامية للانفتاح الصحيح

الرياض - منيرة المشخص

أبدى عدد من المختصين في الشؤون الإسلامية ورجال دين من مختلف الديانات والطوائف عن ثقتهم في المبادرة العالمية التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز قبل نحو عام والتي بادرها فعلياً من خلال مؤتمر مكة ومؤتمر مدريد وأكدوا على أهميتها خاصة أنها جاءت في وقت العالم هو أحوج ما يكون لفهم الدين الإسلامي الفهم الصحيح وأنه دين سلام وانفتاح على الآخرين لا دين إرهاب وانغلاق.

(الجزيرة) استطلعت آراء عدد من المختصين وخرجت منهم بهذه الحصيلة من الانطباعات تحدث لنا بداية رئيس قسم العلوم الإنسانية بكلية الملك خالد العسكرية الدكتور جمعة بن خالد الوقاع حيث بدا حديثه بآية قرآنية توضح دعوة الدين الإسلامي إلى مبدأ الحوار مع الطرف الآخر من أصحاب الديانات حيث قال قال تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}... (آل عمران: 64).

هذه آية من كتاب الله عظيمة في معناها ومبناها، فالقرآن كلام الله سبحانه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من عزيز حميد. وهي تدل دلالة واضحة على دعوة أهل الكتاب إلى الإسلام، دعوة صريحة تفرق بين الحق والباطل، فإن قبلوا فهم مسلمون وإن رفضوا فقد أقمنا عليهم الحجة بأنا مسلمون وهم كافرون.

وأضاف الوقاع: وهي دعوة للحوار لتبيان محاسن الدين الإسلامي وأنه الدين الخاتم والمهيمن ولا تعني بأي حال من الأحوال التنازل عن ثوابت الدين الحنيف كما أن حوار المخالفين من أصحاب الديانات والمذاهب الأخرى هي من سنن الإسلام التي حث عليها القرآن الكريم وطبقها الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام) في سنته القولية والعملية، بالتالي فإن الحوار هو مبدأ من مبادئ الدين الحنيف التي تبين الحق وتظهر دين الله.

وأردف الدكتور جمعه: كما أن التفاهم والحوار الذي يحث عليه الإسلام يسعى لإزالة ما لدى الآخرين من سوء فهم وعدم معرفة بعقائد وأخلاق الإسلام التي فيها سعادة البشرية في الدارين.

ويضيف: وقد لمسنا جميعاً الآثار الطيبة لمبادرة خادم الحرمين الشريفين في الحوار بين الأديان والمذاهب، من جميع الدول والشخصيات المؤثرة في العالم وما أحدثته من آثار طيبة وتحول في آراء الكثيرين حول العالم نحو فهم تعاليم الإسلام وسماحته ونشره للعدل والخير للبشرية جمعاء.

من جانبه يرى عقاب صقر الكاتب اللبناني واحد المهتمين بمبادرة الملك عبدالله بأن المبادرة الملكية ثغرة في جدار العزل العالمي ويضيف صقر: تشكل مبادرة الملك عبدالله نقطة تحول استثنائية في مسار كبير من التشويه الذي جلبه بعض المسلمين والعرب إلى الإسلام والعروبة، إضافة إلى عمليات التجني المتعمّدة التي تمارسها بعض الدوائر السياسية والإعلامية بحق العرب والمسلمين. فقد تمكن خادم الحرمين الشريفين بفعل رمزية وجوده على رأس العربية السعودية التي تشكل أعلى مرجعية إسلامية وعربية، أن يحقق صدمة إيجابية في وعي الشعوب الغربية وفي نظرتها للإسلام الذي تداعت صورته المشرقة حضاريا حتى بالنسبة لكثير من المسلمين الذي فقدوا البوصلة وشعروا بفقدان الثقة بفعل تغلغل الفكر التكفيري الإلغائي واستحواذه على هامش إعلامي وسياسي - عسكري واسع في دار العروبة والإسلام.

ويواصل عقاب حديثة قائلا: أما اليوم وبعد إنجاز مؤتمر الأديان والحضارات على يد عربية مسلمة فإن الصورة العربية - الإسلامية ستبدأ بعملية تحوّل كامل على المستوى العالمي المر الذي يعزز إمكان العمل على استعادة الصورة الأصيلة للإسلام والعروبة وكان لإدخال الملك عبدالله لمفرده السلام إلى عنوان المؤتمر الأثر البالغ في تظهير صورة الموادعة والسعي إلى السلام من قبل العرب، والأمر الذي يشكل الرد الأبلغ على الادعاءات الإسرائيلية برفض الجانب العربي لمنطق السلام، وهذا الأمر سيعود لإبراز مبادرة السلام العربية التي أطلقها رأس المملكة العربية السعودية.

وأردف: الأمر الذي يعزز فرص العرب في وضع الاسرائلي في زاوية ضيقة في سياق التسوية السلمية في الشرق الأوسط، ويبدو أن القبول بحضور يهودي يتجاوز بالنسبة لصانع المؤتمر الدولي البعد البروتوكولي إلى أعماق أكبر تهدف إلى تظهير صورة الإسرائيليين في مؤتمر للسلام العالمي تحت راية عربية إسلامية.

ويضيف صقر: الأمر الذي يضع العالم كله أمام مشهد مفعم بالتسامح والسلام بقيادة عربية إسلامية، وهو مشهد نادر كانت الحاجة إليه أكثر من ملحة وربما يصح القول إنها حاجة وجودية.

ويشير عقاب صقر إلى ما الواجب فعله لترسيخ المبادرة بقوله: أما المطلوب عمليا فهو كثير جدا لكي يواكب المعاني والمضامين الكبيرة التي حملها المؤتمر وسيحملها مستقبلا، وبواكير العمل يجب ان تبدأ بإطلاق مؤسسات ومؤتمرات عربية وإسلامية وطنية وربما مناطقية لمواكبة المؤتمر وتثميره سياسياً إعلامياً واجتماعياً وثقافياً وحضارياً، بما يؤدي إلى استعاده، بل تشكيل صورة عربية وإسلامية تقطع مع السنين العجاف الماضية وتستحضر قبسا من الأصول مضافة الى حداثة لم يفلح اغلب العرب والمسلمين بهضمها ناهيك عن فهمها أيضاً.

من جانبه قال: سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن: كان لنا رأي مؤيد لفكرة وانطلاق (حوار الأديان) الذي طرحه الملك عبدالله. مما قاله الملك ان البشرية تعاني من ضياع قيم ومفاهيم وتمر بمرحلة حرجة وصحيح أن الإنسان قد يكون سببا في تدمير هذا الكوكب بكل ما فيه، على ما أذكر بما معناه قد ذكر هذه الكلمات.

وأضاف نعيم: فشلت الحوارات الماضية وتحولت إلى تراشق، الإنسان اشرف مخلوقات الله تعالى وله سخرت جميع الموجودات وعلى الإنسان أن يقدر هذه النعمة وان يكون حامدا لله سبحانه وتعالى وشاكرًا له لنعمه وان تجتمع البشرية كلها على هذه الكرامة التي خص بها الله سبحانه وتعالى بني آدم.

وأردف حسن: فتعدد الرسل حكمة بالغة أعدها الباري جل وعلا فهو الذي يحاسب، العبادات تخير ولو كان العالم مجبرا لبطل الثواب والعقاب، ومن حق كل أصحاب الرسالات من أن يقوموا بالطقوس والصوم والعبادات التي ولدوا عليها أو نشأوا فيها.

واستطرد نعيم: ولكن هذا لا يمنع أبدا من أن يكون هناك تخاطب على الإطلاق. يجب أن نكرس حق الإنسان في الحياة وفي حرية المعتقد.

وحول الآليات المطلوبة لتطبيق الحوار عمليا وأضاف شيخ الدروز قائلاً: (إن على الأمم المتحدة أن تكرس شرعة حقوق الإنسان، وانه (يجب عدم التعرض للرسل والأنبياء، الله صاحب الثواب والعقاب وعلى الناس التنظيم قال في القرآن الكريم: (من يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره)، إذن العلاقة بين البشر يجب أن تحكمها القوانين الدولية والأمم المتحدة هي الأكبر والأقوى).

وفي السياق ذاته يقول: مسئول العلاقات الإسلامية - المسيحية في مجلس كنائس الشرق الأوسط الأب فادي ضو: أهمية الجمعية العمومية للأمم المتحدة بدعوة من المملكة العربية السعودية تأتي بسياق المبادرات التي قام بها الملك عبدالله من حوالي سنة ومن أهمها لقاء مكة للأديان الذي كان في شهر حزيران الفائت والمؤتمر الدولي للحوار الذي جرى في مدينة مدريد في شهر تموز الفائت ويواصل الضو: إذاً هذه الخطوة تأتي تتويجاً لهذا المسار والذي يتم بشكل أساسي على موقفين أساسيين لدى المملكة العربية السعودية وبشكل خاص لدى الملك والموقفين هما: الموقف الأول: هو الرغبة في إظهار صورة ايجابية عن الإسلام للعالم الغربي وتصحيح صورة الإسلام في العالم الغربي الذي بدأ يشهد حالة من ما سمي Islam phobia من الإسلام أو الخوف من الإسلام، اعتقد أن هذا احد الأهداف الرئيسية لهذه المبادرات إذا يتوجه بشكل أساسي للعالم الغربي.

ويضيف فادي: وبهذا الإطار نفهم العنوان العريض لوضع لهذه اللقاءات الذي هو حوار الحضارات ما يعني بدء حوار فعلي وحقيقي بين الإسلام والحضارة الغربية بشكل عام تصحح صورة الإسلام في الغرب، هذا البعد الأول.

البعد الثاني اعتقد انه لم يكن ظاهر جلياً في هذه اللقاءات لكن له أهمية كبيرة وهو اعتقد رغبة الملك عبدالله في نشر ثقافة الحوار والانفتاح داخل المملكة العربية السعودية وفي الدول الإسلامية.

ويواصل فادي ضو: اعتقد أن هذه اللقاءات والمبادرات التي حصلت لها هدف داخلي وهو إعطاء الدفع والقوة لفكرة مبدأ الحوار والانفتاح ضمن العالم الإسلامي وبشكل خاص داخل المملكة العربية السعودية.

ويواصل مسئول العلاقات الإسلامية - المسيحية: من ناحية الآليات، النتيجة الأساسية للجمعية العمومية للأمم المتحدة كانت بالإعلان عن تشكيل لجنة متابعة ولكن لجنة المتابعة تشكل من الذين شاركوا في مؤتمر مدريد هذا يدل على أن لجنة المتابعة لن تكون فقط سياسية بل مكونة من شخصيات دينية وثقافية وهذا أمر جيد، على اللجنة أن تضع خطة عمل بذاتها، عمليا على الأرض بدأت تظهر النتائج أولا اعتراف الأمم المتحدة بخطر الIslam phobia يعني خطر هذا الفكر المنتشر في الغرب الذي يخاف من الإسلام، وأضاف: في كلمة الأمين العام بان كي مون وضع في نفس الجملة لكي لا أقول على نفس المستوى العداء للسامية مع الخوف من الإسلام واعتبرهم آفتين خطيرتين على المجتمع البشري أتصور هذه نتيجة ايجابية من هذه اللقاءات.

ويختم فادي الضو حديثه من خلال توضيح الكيفية لاكتمال مبادرة الحوار حيث قال: شخصيا اعتقد انه لا تكتمل هذه المبادرة إلا بعمل داخلي ضمن الدول على الفكر الديني وعلى الخطاب الديني وعلى التربية وعلى الثقافة وعلى الإعلام وتشجيع كل هذه المنابر المختلفة إن كان على المستوى الديني أو الخطاب الديني أو على المستوى التربوي أو الثقافي أو الإعلامي أيضا تشجيع ثقافة الحوار والانفتاح على الاخر لكي نصل تدريجيا إلى نتائج فعلية.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد