Al Jazirah NewsPaper Thursday  20/11/2008 G Issue 13202
الخميس 22 ذو القعدة 1429   العدد  13202
هذرلوجيا
راعي جروه!!
سليمان الفليح

كان العرب قديماً - إذا ما (أجرت) الكلبة - أجلكم الله - أي ولدت (جراوه) وأرادوا أن يختاروا أفضل هذه الجراء و(عادة ما تكون أكثر من خمسة) حملوا الجراء في غفلة من الكلبة (المجري) ووضعوها ضمن دائرة من النار وأخذوا يرصدون سلوك وتصرف هذه الكلبة إزاء الموقف، وهي عادة ما تقتحم النار مدفوعة بغريزة الأمومة لإنقاذ أبنائها ولكونها لا تستطيع أن تنقذهم دفعة واحدة فإنها غالباً ما تقتحم دائرة النار وتحملهم بفمها واحداً واحداً وهنا يعتقد العرب أن أول جرو تنقذه هو أفضلهم من خلال حرص الأم عليه ولذلك يسمونه (حامي) أي أشد الكلاب وأشرسها (لزوم) حماية المنزل أو القطيع، ثم إذا ما عادت مرة أخرى وحملت الثاني خارج الدائرة فإنه بعرفهم يأتي في الدرجة الثانية من الأهمية بعد الأول لذلك يسمونه (الحارس) أما الثالث فيسمونه (النبوح) أي الأكثر نباحاً وأقل شراسة (!!) أما ما بقي من الجراء فإنهم يطلقون عليها (جعاريه) ومفردها (جعر) لا خير فيه، وبالطبع هنا قد يتساءل القارئ الذي (لا يعرفني) ما هذا الهُراء الذي يُكتب في جريدة محترمة، أما القارئ الذي (يعرفني) عن حق وحقيق فسيقول إن (الفليح اختبل) وأصبح يكتب عن الكلاب.

أما أنا فأقول للقارئين العزيزين (سواء الذي يعرفني أو الذي لا يعرفني) (اشمعنى) تستغربون اهتمامي أنا وأنا الصعلوك العادي بحكاية الكلاب ولا تستغربون اهتمام رئيس أكبر وأضخم وأقوى دولة في العالم بهكذا موضوع - أي موضوع الكلاب - أجلكم الله مرة أخرى - وأعني بذلك الرئيس الأمريكي الجديد (أوباما) ما غيره والذي لا يصدقني فليتابع وكالات الأنباء العالمية التي تقول إن عائلة أوباما تواجه مأزقاً في اختيار كلبها(!!).

فبعض خبراء الكلاب في البيت الأبيض نصحوه أن لا يقتني كلباً كثيف الوبر لأنه يسبب الحساسية وينقل الأمراض، بل عليه أن يختار كلباً (مهلساً) مملساً لا يشبه كلب سلفه (بوش الابن) الذي قيل إنه حتى الآن يرفض الخروج من البيت الأبيض، بل قيل إنه أصيب باكتئاب شديد. بل وعضّ أحد الصحفيين الذين اقتربوا منه ليسألوه (كيف الحال) الآن يا كلب الرئيس؟

* * *

أي أن الكلاب لها الأهمية القصوى لدى الرؤساء الأمريكان لربما قبل البشر ومشاكلهم الكبرى، أو أن الكلاب لديهم حتى نحسن الظن هي بمثابة (تعويذة) أساسية كما تفعل الأندية الرياضية، والدليل على ذلك أن الرئيس الأمريكي الأسبق (بوش الأب) الله يذكره بالخير أسماه أهل البادية في الخليج (راعي جروه) وجروه هي كلبته العتيدة التي كان يصطحبها معه لدى أي تصرح هام كان يتعلق بتحرير الكويت آنذاك، وكان يدلي بتصريحه وهو يمشي ويقودها دون أية عنتريات و(منبريات) كما يفعل رؤساء العالم، أما كلمة (راعي) فهذه محل اعتزاز لدى أهل البادية إذ يقولون راعي الملحاء أو راعي الشقحاء أو راعي (البيوضاء) كما أطلقوا ذلك على كلوب باشا (أبو حنيك) - وكل هذه (العزاوي) تتعلق بنوقهم الأثيرة لديهم أو كذلك خيلهم فيقولون (خيال الكحيلة. راع المليحاء) كناية عن بالغ النخوة والانتخاء والفروسية والتميز، ومن هذا المنطلق ولأن بوش الأب لم يكن لديه مليحى أو بويضى من النوق، بل مجرد (جروه) - كلبه - سوداء) إلا أن راعي هذه ال (جروه) كان آنذاك هو أعظم فارس وأهم خيّال في التاريخ لأنه هزم صدام حسين وحرر الكويت من الاحتلال البغيض.

* * *

كما أن كلاب الرؤساء الأمريكان ليست كلاباً عادية (جعاريه) بل هي رئيسة كلاب العالم.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7555 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد