Al Jazirah NewsPaper Thursday  20/11/2008 G Issue 13202
الخميس 22 ذو القعدة 1429   العدد  13202
الاقتصاد الخليجي وسط بيئة متغيرة
د. أحمد العثيم

في الوقت الراهن شهدت اقتصادات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بيئة إقليمية ودولية متغيرة. فعلى الصعيد الدولي ومع ظهور منظمة التجارة العالمية وانضمام معظم دول العالم إليها وما سيترتب على ذلك من تراجع الحواجز الجمركية وغير الجمركية وانفتاح أسواق اقتصاديات العالم بعضها على البعض الآخر، ازداد ترابط اقتصاديات دول العالم مع تسارع وتيرة العولمة وما يتصل بها من تعاظم أهمية قطاع الاتصالات والمواصلات من ناحية، كما يشهد العالم سعي ومحاولات محمومة لإقامة التكتلات الاقتصادية الكبرى والدخول بشكل متسارع في عصر اتفاقيات التجارة الحرة والمناطق الحرة بين مجاميع من الدول.

فلقد التزمت الحكومات الخليجية في التحرير الاقتصادي وفتح الأسواق وتحرير القطاعات تدريجياً بنهج معين مما أدى إلى زيادة حدة المنافسة بين الدول والشركات في الأسواق الداخلية والخارجية، حيث تستطيع الشركات والمؤسسات القوية والكبيرة تحقيق معدلات نمو إيجابية، بينما لا تستطيع الشركات والمؤسسات الصغيرة فعل ذلك مما قد يؤثر على مستوى أدائها ووجودها.

وهذا النهج الذي اتبعته الحكومات الخليجية أدى إلى توافر الفرص والإمكانات الجديدة التي تتجسد عموماً في تهيئة مناخ وحوافز مواتية للتعاون والانفتاح الاقتصادي والتجاري بين الدول والشركات، وتكوين الشركات والمؤسسات الخاصة الأكثر كفاءة ومرونة والقدرة على التجاوب مع متطلبات ذلك النهج بمرونة وانفتاح مع اغتنام الفرص وتسخيرها لفائدتها الخاصة.

وذلك لأن ما يجسده هذا المنهج سيعمل على اتساع الأسواق وانفتاحها، وزيادة التصدير والإنتاج المتبادل، وزيادة الدخول ونقل التكنولوجيا المتطورة وتوطينها.

وبالتالي فإن هذا يتطلب من القطاع الخاص، العمل على تطوير إمكانياته وقدراته ليتمكن من التفاعل بإيجابية مع متطلبات التحرير الاقتصادي لتجنب آثارها السلبية واستغلال الفرص السانحة التي تتيحها، وهو الأمر الذي يتطلب بالضرورة تفاعلاً وتعاوناً مشتركاً بين القطاعين العام والخاص، كما يتطلب أيضا تكاملاً أوثق على مستوى المشروعات الخليجية المشتركة في كافة مجالات الصناعة والخدمات والاستثمار. وتبني سياسات اقتصادية تدعم أداء القطاع الخاص وتعزز مكانته وترفع كفاءته.

ومازالت هناك في بعض أوساط القطاع الخاص أو القطاع العام قناعات لم تتبلور بوضوح حول الأهمية الاقتصادية الكبيرة للسوق الخليجية الموحدة. وربما يرجع عدم تبلور هذه القناعات إلى عدم المعرفة الواضحة بالمترتبات الاقتصادية المستقبلية التي ستنتج عن تلك السوق وبالتالي فإن عدم الوضوح يرجع إلى عدم وجود الرؤى الاقتصادية الواضحة حول كيفية التعامل وخاصة لمؤسسات القطاع الخاص في حالة ظهور السوق الخليجية الموحدة أو عدم الاستعداد الكافي.

وما ترتب على ذلك من حالات الانتظار والترقب لأدوار نشطة من قبل المؤسسات والأجهزة العامة للدول تجاه ما يمكن أن تتخذه من إجراءات إدارية أو قانونية وما قد يترتب على ذلك من تطورات سيتم التعامل معها في حينها بالشكل المطلوب.

ولكن الترقب والانتظار لن يؤديا إلا لرفع التكلفة في إعادة هيكلة هذه المؤسسات أو ربما القطاعات الاقتصادية وربما تكون فرص إعادة الهيكلة قد أصبح من الصعوبة القيام بها.

كما أن هناك حديثاً بين بعض أصحاب مؤسسات القطاع الخاص في الاقتصاديات الخليجية حول الجوانب السلبية التي يمكن أن تنتج عن تحرير السوق الخليجية الاقتصادية وإمكانية إلحاق الضرر ببعض القطاعات الاقتصادية المنتجة للسلع والخدمات.

وربما يحدث ذلك خاصة إذا لم يتم الاستعداد الكافي من قبل مؤسسات القطاع الخاص في الأسواق الخليجية خاصة الأسواق الصغيرة نسبياً في مرحلة ما بعد تحرير السوق الخليجية بشكل كامل. ولكن لابد من ملاحظة أن هناك فرصاً عديدة لمؤسسات القطاع الخاص سيتم توفيرها من قبل السوق الكبيرة.

وتبقى الاستفادة من هذه السوق الكبيرة، مرهونة بالأخذ بعاملي التخصص من ناحية وخاصية تزايد مردود الغلة من ناحية أخرى. وكلاهما يساهمان في تحقيق ما يسمى باقتصاديات إنتاج الحجم الكبير.

ويبدو أن هناك مؤشرات إيجابية ستكون متاحة للاقتصاديات الخليجية منفردة ضمن السوق الاقتصادية الإقليمية، آخذاً في الاعتبار توفير المتطلبات اللازمة من سياسات ماكرو اقتصادية مناسبة، وحوافز موجهة تستهدف تشجيع الصناعات التي تهتم برفع إنتاجية العمل لديها، وتسعى إلى التخصص في منتجات تتمتع بطلب عال عليها.

أن الاندماجات الاقتصادية الخليجية التي تسعى إلى تحقيق خاصية اقتصاديات إنتاج الحجم الكبير يمكن أن تحدث في قطاعات تمتد من إنتاج صيد الأسماك ونقل الركاب والأفراد إلى قطاعات البنوك والتأمين والفنادق وكذلك قطاعات عديدة في الصناعات التحويلية. مما يعطي للموضوع المذكور أهمية الحديث المستمر عن شدة المنافسة التي تواجهها المؤسسات المحلية العاملة وعدم قدرتها على تخفيض تكاليف إنتاج السلع والخدمات التي تقدمها في السوق.

أهمية توفير المناطق الصناعية وتعزيزها وتطويرها بما يسمح بتوفير الإطار المناسب لتحقيق وفورات اقتصادية خارجية.

ونتيجة لذلك، فإن المدخل الصحيح لتخفيض التكلفة ضمن سياق البيئة الإقليمية والعالمية الجديدة هو طريق التخصص والاستفادة من اقتصاديات تزايد مردود الغلة والتي تؤدي في نهاية الأمر إلى إيجاد ما يسمى باقتصاديات إنتاج الحجم الكبير الذي سيساهم في تخفيض تكلفة وحدة الإنتاج وبالتالي زيادة الإنتاجية وما يتصل بها من تحقيق النمو المطرد في الاقتصاد الوطني.

وبصورة عامة، فإن على مؤسسات القطاع الخاص الخليجي تحديد أوجه الاستغلال الأمثل للميزات التنافسية التي تملكها ودراسة الأسواق المناسبة.

وكذلك تأسيس تحالفات استراتيجية قائمة على المصالح المشتركة مع دراسة الخيارات الاستراتيجية والتشغيلية في ظل الأوضاع المتقلبة والمتوقع أن تلازم التحرر السريع للاقتصاد العالمي.

فاكس: 4787767


e_mail:asa5533@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد