Al Jazirah NewsPaper Sunday  23/11/2008 G Issue 13205
الأحد 25 ذو القعدة 1429   العدد  13205

من نُسب إلى آل سعود وليس منهم

 

عبدالله بن أحمد آل ملحم

تشابه أسماء الأعلام قديم قدم الإنسان نفسه، والتاريخ كان وما زال مسرحاً لرصد الكثير من حالات التشابه في أسماء كثيرة، لم يزل التشابه فيما بينها سبباً للخلط بين مسمياتها، لاسيما حين ينسب سمي إلى سميه أو شبيه بشبيهه، انطلاقاً من تأسيس وعي مقلوب، قد يكون غير مقصود ولكنه يتقبّل المعطيات الخاطئة، ويحتضن إرهاصاتها المغلوطة، في ظل مناخات تفسح لما يمهد لرسوخ قناعات من هذا النوع، سيكون لها حضور وأثر قد يبنى عليهما ما يَكون في قابل الأيام اعتقاداً جازماً، ومن ثم حقيقة تاريخية لا يعتريها شك!

ومن هنا فالمتعيّن على راصدي وثائقنا التاريخية التصدي لدرسها بتوجس ديكارتي حازم، يعفيهم من تبعة الانخداع بخطأ فهمها، أو تكلف تأويلها خلافاً لمقاصدها، وهو ما يدعو إلى المزيد من التريث في استنطاق مضامينها، وعدم القطع بظواهر إسقاطاتها، وهي التي قد تنصب لقارئها أفخاخاً قد يقع بها وهو لا يدري، فيما يمكن أن نطلق عليه خداع الوثائق؟!

والأمثلة على ذلك كثيرة جداً، ومن خلال تجربة شخصية حول وثائقنا الوطنية، فقد وقعت بيدي غير وثيقة من هذا النوع، لعل من أكثرها دلالة على ما نحن بصدده وثيقة أحسائية من وثائق النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري، استرعت انتباهي إليها بانتماء أحد أعلامها إلى أسرة (آل سعود) ولا يخفى ما يحمله اسم كبير كهذا من مكانة وصيت وسمعة، وما ينبثق عنه من إشارات ودلالات في التأريخ للدولة السعودية التي لم يكتب من تاريخها إلا النزر اليسير، وأول الوثيقة بعد حمد الله يقرأ كالتالي: ((الموجب لما سيذكر هو أنه قد اشترى الرجل المكرم عبد الرحمن بن سعد آل سعود بوكالته عن والده المذكور بإقراره واعترافه بذلك من جناب الرجل المكرم عبد الله بن محمد آل علي بن عامر. ..))(1) وموضوع الوثيقة بيع عقار زراعي بطرف قرية المزاوي في الأحساء، وهي مؤرخة في يوم الخميس الرابع من شهر ذي القعدة سنة 1260 هـ، أي في زمن الدولة السعودية الثانية، والمتبادر إلى الذهن أن المشتري: أحد أفراد الأسرة السعودية الحاكمة.

وهو المتوقع ابتداءً، لأنّ الإثبات مقدم على النفي، وليس ثم مانع يحول دون ذلك، وذكر الرجل في سياق تبجيل بوصفه: (المكرم عبد الرحمن بن سعد آل سعود) يوحي بهذه النسبة، أما كون اسمه مجرداً من الألقاب الأميرية المعروفة اليوم فغير مستغرب آنذاك، لأنّ ألقاب الأسرة السعودية الحاكمة لم تكن مقننة في الماضي كما هي الآن، والإمام فيصل بن تركي وهو الرجل الأول في الدولة كانت له معاملات من هذا النوع، وأحياناً لا يذكر بغير لقب الإمامة فقط، بوصفه : ((المكرم الإمام فيصل بن تركي)) كما في وثيقة مؤرخة في عام 1261هـ (2)، وأحياناً ((الإمام فيصل)) وحسب دون ذكر (المكرم) كما في وثيقة أخرى مؤرخة في عام 1262هـ(3)، وما دام الأمر كذلك فلم لا يكون (المكرم عبد الرحمن بن سعد آل سعود) من الأسرة السعودية الحاكمة؟

- قد يكون .. ولكن التاريخ لم يذكر في تلك الفترة علماً من أعلام الأسرة السعودية الحاكمة يحمل هذا الاسم!

- ألا يكون ذلك الرجل من أسرة أحسائية تحمل اسماً مطابقاً لاسم الأسرة السعودية الحاكمة؟

- التاريخ أيضا لم يذكر أسرة أحسائية بهذا الاسم، ولو وجدت لذكرت، ولو ذكرت لعُرفت، ومع ذلك فالوثيقة تثبت والواقع والتاريخ ينفيان، الوثيقة تؤكد وجود عبد الرحمن بن سعد ووالده حيان في سنة 1260هـ، والتاريخ لا يثبت وجودهما، فمن نصدق ومن ندع؟!

المكرم عبد الرحمن بن سعد آل سعود المذكور ورد اسمه في تلك الوثيقة بوصفه مشترياً، وهذا يعني أنه: بالغ، راشد، حر التصرف فيما يملك، وكامل الأهلية فيما يعمل، ووصفه بالرجل المكرم يعني أنه قد تجاوز طور الفتوة والشباب إلى مرحلة الرجولة والكهولة، وهذا يعني أنه ربما كان في الثلاثين من عمره أو أكثر، أي إنه لم يكن صغيراً في ذلك التاريخ، وإذا قدرنا أنه في الثلاثين من عمره على أقل تقدير، فهذا يعني أنه من مواليد سنة 1230هـ، فمن تراه يكون؟

- هل هو : عبد الرحمن بن سعد (الثاني) بن عبد الرحمن بن فيصل بن تركي؟(4)

- بالطبع لا .. لأنه لو كان المقصود فهذا يعني أنه سيكون أكبر من أبيه، وهذا محال بكل تأكيد!

- إذاً من يكون؟!

- ألا يكون (أميراً) مغموراً غفل التاريخ عن ذكره لأي سبب من الأسباب، وربما كان وحيد أبيه ومات بغير ولد، وأبوه مثله فندر ذكرهما، وطوي خبرهما إلى الأبد .. ربما، قد يكون، لعله ... من يدري؟!

بعد سنوات وقعت بيدي وثيقة أحسائية أخرى، رجوت أن تكون مكملة للوحة وثائقي المثلومة، فلما قرأتها ألفيتها أوثق من سابقتها، لوجود ديباجة القاضي على طرتها وهي مرقومة على شكل هرم مقلوب، وأولها: ((بسم الله الرحمن الرحيم موجبه الصحيح الشرعي هو أنه قد اشترى الرجل عبد الله ولد سعد آل سعود بوكالته الشرعية عن أبيه سعد المذكور بإقراره واعترافه بذلك من جناب الرجل مبارك آل عوض..))(5).

والوثيقة مؤرخة في أول سنة 1275 هـ، وهي تثبت أن لعبد الرحمن بن سعد أخاً يدعى عبد الله، قد يكون ذكره في هذه الوثيقة يثبت وجوده الشخصي لكنه لا يثبت وجوده التاريخي، ولا يغير من واقع الأمر شيئاً، وبالتالي فهذه الوثيقة لا تميط اللثام عن شيء من خفايا هذا البيت السعودي الغامض.

ولأنّ (المعرفة باب والتساؤلات مفاتحها)(6) كما يقال فقد تساءلت مراراً ليفتح لي، وأنا أشبه بمنقطع في بيداء بحث مجدبة، أستسقي وثائقها كما يستسقى المطر، وسمائي مصحية، وشمسي مشرقة، ولا مجيب، ولما انقطع أملي، وأوشكت على اليأس، شاء الله أن أدخل، فأظلتني غمامة، هطلت عليّ بإضبارة وثائق وجدت فيها ضالتي!

كانت تلك الوثائق لأسرة أحسائية تدعى آل حبيل، وقد وجدت من بين وثائقها صوراً للوثيقتين المذكورتين، تلك التي ذكرت عبد الرحمن بن سعد آل سعود وأباه، والأخرى التي ذكرت عبد الله بن سعد آل سعود، ووجدت معها - وهو المهم - وثيقة ثالثة تكشف سر الوثيقتين السابقتين، وتجلو الغموض عنهما، ووثائق أخرى يستأنس بها، والوثيقة الكاشفة مؤرخة في شهر شوال عام 1261هـ، أي إنها من حيث الترتيب الزمني أحدث من الأولى وأقدم من الثانية، وعلى طرتها ديباجة قاضي الأحساء وبصمة ختمه، وفيها يقول:

((وجه تحرير هذه الأحرف هو أنه اشترى الرجل المكرم عبد الرحمن بن سعد آل سعود بوكالته عن أبيه سعد آل سعود آل حبيل بشهادة الرجل محمد بن علي آل حبيل وعلي بن عرفج...))(7). ولو قدر لهذه الوثيقة أن تُفقَد ولا شبيه لها لظلت سابقاتها تثيران الحيرة والشك لديّ كناقوس دائم الخفقان.

ومن خداع الوثائق ذات الصلة بالأسرة السعودية الحاكمة، ما نجده في ديوان السيد عبد الجليل الطباطبائي المولود في البصرة سنة 1190هـ، والمتوفى عام 1270هـ في الكويت، وهو شخصية علمية وأدبية معروفة، كان على صلات وثيقة ببعض حكام الخليج، وله في ولاة الدولة السعودية الأولى والثانية مدائح ومراسلات، وفي ديوانه تعرض لنا شخصية وجيه ذي مكانة كبيرة، يدعى : (جاسم بن محمد بن صقر آل سعود)(8)، لا يحدثنا الديوان عنه بأكثر من هذا،كما لا يذكر لنا أي شيء عنه، سوى إشارات دالة على وجاهته، في قصيدة حبرها المؤلف على لسانه، وحوله تدور عدة أسئلة، فهل هو من الأسرة السعودية الحاكمة، أم إن انتماءه هذا محض تشابه أسماء ليس إلاّ؟!

الديوان لا يثبت ولا ينفي، ولكنه يقرر أنّ جاسماً المذكور شخصية كبيرة مرموقة، وقد قدمه السيد عبد الجليل لقراء ديوانه في قصيدة يتيمة بعنوان: (سعيد بن سلطان) قال في تصديرها : ((قصيدة لناظم هذا الديوان اقترح عليه نظمها جاسم بن محمد بن صقر آل سعود جواباً عن أبيات وردت عليه من السواحل))(9)، يريد سواحل الخليج العربي، وتحديداً سواحل عمان، وشاعر وجيه كالسيد عبد الجليل ما كان له أن يجيب هذه الرغبة لولا أنّ صاحبها (جاسم) شخصية كبيرة لا يجمل من مثله رفضها.

وإلى هنا كل شيء طبيعي وليس ثم إشكال يذكر، رجل وجيه يدعى جاسم بن محمد بن صقر آل سعود، اسم أسرته يواطؤ اسم الأسرة السعودية الحاكمة، والأمر لا يعدو تشابه أسماء وحسب، لاسيما إذا عرفنا أن آل سعود منذ ذلك التاريخ وحتى عصرنا هذا ليس فيهم جاسم أو صقر، وما دام الأمر كذلك فما المشكل هنا، وأي خداع ذاك الذي ندن حوله؟!

المشكل الحقيقي ليس في الاسم بل في القصيدة، وتحديداً في بعض أبياتها، تلك التي حبرها السيد عبد الجليل على لسان جاسم المذكور، وجعلها في مدح صديقه (سعيد بن سلطان) أحد أمراء الأسرة البوسعيدية الحاكمة في عمان، وهو الذي صار - فيما بعد - سلطان عمان، خلفاً لعمه بدر بن أحمد المقتول في سنة 1220 هـ، وعليه فهذه القصيدة قد تكون قبل ذلك التاريخ، لأنها لم تتضمن الإشارة إلى (سعيد بن سلطان) بوصفه حاكماً لعمان، وفيها يقول السيد عبد الجليل على لسان جاسم مخاطباً صاحبه:

فيا حسن الأخلاق يا صادق الوفا

ويا من له في المكرمات تفرس

أتانا نظام الدر منك مفصلا

كعقد من العقيان بل هو أنفس

فحرت وقد أحجمت دون جوابه

مخافة من حسن المجاراة أفلس

وأنت عليم أنني لست شاعرا

ولا قام فينا للقريض مدرس

على أنني من معشر قد تسنموا

ذرى العز في أكنافهم وترأسوا

أبى الضيم منهم كل قرم سميدع

لهم كل وال لان من جيشهم قسوا والقصيدة طويلة جداً، وقد بلغت زهاء ستين بيتا، ولطولها دلالة ولا شك، لأنها تنبئ عن مكانة الطالب لدى المطلوب منه، وإذ لم تكن أبياتاً معدودة، فهذا يعني أن السيد عبد الجليل لم يقلها على سبيل المجاملة لجاسم بقدر ما قالها رغبة في إرضائه، وإن يكن الأمر كذلك فهذا يؤكد المكانة الكبرى لجاسم المذكور.

إذا القصيدة طويلة، ولطولها هدف، وقد اجتزأنا منها موضع المناسبة، وشاهدها أبيات فخره بقومه، أي فخر جاسم على لسان السيد عبد الجليل، فهم بحسب القصيدة: تسنّموا السيادة، وترأسوا غيرهم من الناس، وذرى العز يسير في ركابهم حيثما ساروا، وكل فرسانهم كماة صناديد يأبون الضيم، ولشجاعتهم هابهم خصومهم، وخافهم أعداؤهم، ولان لهم كل والٍ لقي جيوشهم!

وهو كما ترى فخر باذخ لا يليق إلاّ بأسرة عظيمة كآل سعود، ومن قيلت فيه هذه القصيدة أمير من الأسرة البوسعيدية الحاكمة في عمان، وما دام طرفها الأول أميراً فلم لا يكون طرفها الآخر أميراً أيضا؟ ومادام الأمر كذلك فهل هذا يعني أن جاسما المذكور من الأسرة السعودية الحاكمة لفخره هذا، أم إن اسمه محض تشابه أسماء بين أسرتين التقتا في الاسم وافترقتا في النسب؟

ما أراه وأطمئن إليه : أن آل سعود قوم جاسم المذكور ليسوا من الأسرة السعودية الحاكمة، وإن تشابهت الأسماء، فالتشابه وحده لا يكفي للدلالة على الصلة، كما إن عدمه لا ينفيها، ولعل قوم جاسم المذكور فرع لإحدى الأسر الحاكمة في الخليج، كما آل سعود آل حبيل الأحسائيين، وعلى هذا الأساس تُحمل أبيات الفخر في القصيدة، ويوفق بينهما كأسرتين متفقتي الأسماء مختلفتي الانتماء.

بقي أن أذكر أنّ آخر الديوان اشتمل على أبيات بعنوان: ((سفائن الخليج العربي)) تضمّنت مقطعة شعرية في مدح سفن : المؤلف، وآل خليفة حكام البحرين، وآل سعود قوم جاسم المذكور وغيرهم، إلاّ أنّ المؤلف سمّاهم في هذه المرة آل مسعود كعنوان لأبياته فيهم، ثم قال في تصديرها: ((ومما قاله - أي السيد عبد الجليل - سنة 1251هـ مؤرخا بغلة أولاد محمد بن صقر المسعود لما بينهما من الصداقة والأخوة في الله))، ثم ساق أبياته الثلاثة فيهم، وفيها يقول:

بنى السامي محمد بن صقر

لكم بشرى فلطف الله حفا

بفلك راق إحكاما وصنعا

له التيسير واليمن الموفى

يؤرخه بحسن الفأل قولي

مديد الخير عد له المصفى والأبيات تؤكد جاههم وثراءهم، لأنّ السفن في الماضي لم يكن يملكها إلا الأثرياء، أما وصفهم بآل مسعود تارة والمسعود تارة أخرى، فليس بشيء لكونه تصحيفاً، كما أن تسميتهم بالسعود بألف ولام التعريف كما في الفهرس دون آل البنونة المعظمة لما بعدها لا يضيرهم في شيء، لأن الملك عبد العزيز كان له ختم عبارته: ((الواثق بالودود عبد العزيز السعود))، وتغير مثل هذه الصيغ يخضع لاعتبارات عدة ليس من بينها ما يقطع بإثبات نسب أو نفيه، كما في شأن جاسم وفرضية نسبته لآل سعود حكام الدولة السعودية، وفقاً لاعتبار تشابه الأسماء لا صحة النسبة، حتى وإن سلمنا بوقوع ذلك التصحيف المشار إليه.

وللاستزادة حول هذا الموضوع فقد استوضحت من الأستاذ المؤرخ عبد الرحمن بن سليمان الرويشد عن آل سعود قوم جاسم هذا، فأكد لي صحة اسمهم ونفى شبهة التصحيف عنه وقال : ((ما ورد في ديوان السيد عبد الجليل الطباطبائي في الطبعة الثانية المصرية عن ذكر جاسم بن محمد بن صقر آل سعود فأنا مثلك لم أقف على من يدعى بهذا الاسم وهو منسوب للعائلة السعودية المقرنية، لاسيما وأن هذه العائلة الكريمة تكاد تنحصر مسميات أعلامها في عدد محدود من الأسماء العربية المتداولة في نجد والمحصورة في نطاق معروف منذ أكثر من ثلاثمائة سنة، وليس بالتأكيد من بينهم (جاسم) أو (صقر) كما أن تكرار هذا الاسم جاسم بن صقر آل سعود في الطبعة الأولى الهندية، والطبعة الثانية المصرية يرفع احتمال التصحيف - ويضيف - لماذا لا يكون جاسم هذا من عائلة تدعى (آل سعود) وهم غير آل سعود المقرنيين. فاسم آل سعود قدر مشترك تحمله عدد من العوائل في الجزيرة وفي الخليج أيضا، فهناك - ولا يزال الكلام للرويشد - آل سعود في القويعية، وآل سعود في حوطة بني تميم، وآل سعود في قطر، وآل سعود في البحرين، وهم غير آل سعود المقرنيين حكام المملكة العربية السعودية - ويضيف أيضا - وأذكر بهذه المناسبة أن أحد الأفراد في قطر من عائلة تدعى آل سعود ادعى أنه ينتسب للعائلة السعودية المقرنية الكريمة، وبعد التحقق ثبت أنه لا يملك من البراهين سوى مشاركة اسم العائلة))(10) انتهى كلام الرويشد.

ومما يؤكد ظاهرة التشابه واتساعها في الزمان والمكان، وفشوها في أكثر من مشهد وبيئة ومجتمع ... ما نراه في كتاب (الأوسمة العثمانية والحاصلون عليها من الجزيرة العربية في وثائق الأرشيف العثماني)(11) حيث يرد ذكر عبد الله السعود في وثيقة عثمانية بتاريخ 27 محرم 1302ه بوصفه شيخاً لبلدة عمران في داخل صنعاء، وأحد الحاصلين على وسام مجيدي من الباب العالي في إسلامبول، وبالطبع ف عبد الله السعود هذا ليس من الأسرة السعودية الحاكمة وإن حمل ذات الاسم، وكانت له زعامة على تلك القرية.

وفي شرق المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج العربية يوجد فرعان يدعيان: آل سعود والبوسعود ينتميان إلى قبيلة (آل بوعينين)(12) المعروفة في شرق الجزيرة العربية، وقد كانت لهذه القبيلة هجرة بينية من وإلى قطر انطلاقاً من الجبيل، ولا يزال لبعض فروعها وجود هناك كما في البحرين، ومن المألوف في مسميات رجالها أسماء: (جاسم وصقر)، إلاّ إنّ تشابه الأسماء لا يقطع بصحة النسبة، كما إن اختلافه لا ينفيها.

ولا غرو أن تتماهى هذه الأسماء وتتمحور حول نظائرها، وما ذاك إلا لأن لطغيان الشهرة دوراً في هذه المسألة، وعند عدم الفرز يغدو تأثيرها التلقائي في اللاشعور مدعاة للّبس والوهم، والانتحال والتدليس، كما في قولنا (ضابط) المنصرف بتلقائية إلى شخص الرجل العسكري، وإن كنا نقصد (ضابط) الإيقاع لا غيره، وفي ذات السياق إذا قلنا: (الملك) في خطابنا العام فلن تنصرف دلالة الخطاب إلاّ إلى الملك عبد الله بن عبد العزيز وليس إلى ملك غيره، كملك أسبانيا، أو المغرب، أو حتى ملك الأردن أو البحرين وهما الدولتان اللصيقتان ببلادنا، ليس هذا فحسب بل لو اقترنت بخطابنا العام قرينة خصصته من وجه كقولنا: (الملك فيصل) فدلالة هذا الإطلاق عند السعوديين لن تنصرف إلا إلى الملك فيصل بن عبد العزيز، أما عند العراقيين فلن تنصرف لغير الملك فيصل (الأول) بن الحسين، أو إلى حفيده الملك فيصل (الثاني) بن غازي، وكذلك شأن كل اسم تميز بعلو ذكر وطغيان شهرة.

وفي الختام ليست المشكلة في نسبة آل سعود آل حبيل - ومن شاطرهم الانتماء - إلى اسم (سعود)، الذي قدر له أن يكون اسم الأسرة الأولى في هذه البلاد، بحيث تنجذب الأسماع إليه لا إلى غيره، بل المشكلة أن يظن بعض الباحثين كل ما يعرض لهم منسوباً لآل سعود هو بالضرورة منسوب للأسرة السعودية الحاكمة، كما يتبادر لمطالع تلك الوثائق المنسوبة لآل سعود ابتداءً ثم لآل سعود آل حبيل الأحسائيين تحديداً، فينسج من خلال ذلك غابة أوهام يبني عليها تقريرات وأحكام ليس لها وجود إلاً في رأسه، وواقع الحال أن التصورات المنحازة - دوما - للأشهر لا تمثل في الحقيقة إلاّ سلوكاً ثقافياً يستهدف كل ذي شهرة فائقة من الأسماء، ليجعل منها الذات الأقرب إلى سمعه، ونفسه، ووعيه، وبالتالي الذات المستهدفة في الشعور واللاشعور بعقله الباطن، وعليه فكل اسم من هذا النوع سيتقاطع مع أمثال اسم (سعود) في إرهاصاته وحيثياته، وستحمل عليه إسقاطاته ودلالاته، وستتمحور حوله أشباهه ونظائره، وهو ما ينبغي للباحث التنبه إليه قبل أن يقطع بجزم أو تأكيد أو حتى بغلبة ظن.

الهامش :

(1) طالع الوثيقة الأولى المرفقة.

(2) من وثائق الإمام فيصل بن تركي المحفوظة بأرشيف الكاتب.

(3) المرجع السابق.

(4) جداول أنساب الأسرة السعودية المالكة لعبد الرحمن الرويشد.

(5) طالع الوثيقة الثانية المرفقة.

(6) هذه العبارة أوردها الأبشيهي في المستطرف منسوبة إلى نبي الله إبراهيم - عليه السلام - ولكن بغير إسناد، ولعلها من الإسرائيليات ومعناها صحيح.

(7) طالع الوثيقة الثالثة المرفقة.

(8) ديوان السيد عبد الجليل الطباطبائي (الطبعة القطرية).

(9) المرجع السابق.

(10) رسالة شخصية من الأستاذ عبد الرحمن الرويشد لكاتب السطور.

(11) الأوسمة العثمانية للدكتور سهيل صابان.

(12) مشجر فروع قبيلة آل بوعينين.


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد