Al Jazirah NewsPaper Friday  28/11/2008 G Issue 13210
الجمعة 30 ذو القعدة 1429   العدد  13210
نظام المناطق (17) عاماً
د. عبدالمحسن محمد الرشود

عندما تم توحيد المملكة العربية السعودية عام 1351هـ واستقرت الدولة والمجتمع السعودي ووضع السلاح جانباً، التفتت الدولة السعودية الفتية إلى مسألة التنمية الإدارية والاجتماعية والاقتصادية، ولما كان الوضع الاقتصادي آنذاك ضعيفاً، ركزت الدولة جهدها على التنظيم اللامركزي

الإداري للنهوض بفكرة العمل المحلي وما يعرف بالإدارة المحلية.

ولقد واجهت الحكومة حاجة ملحة لرقابة ومتابعة كافة المناطق بالمملكة فبدأت بتحديد واجبات، مسؤوليات الأمراء تجاه مناطقهم المكلفين بحكمها الإداري، وكذلك واجباتهم تجاه الحكومة المركزية وأطر العلاقة فيما بينهما. ووضعت الدولة تنظيمات جديدة بالنسبة للمجالس الإدارية والبلدية على السواء.

ونتيجة لهذا كله أصدرت الدولة (نظام الأمراء والمجالس الإدارية) بتاريخ 13-1- 1359هـ الموافق لعام 1939هـ ذلك النظام الذي حدد الصلاحيات، والمسؤوليات، والواجبات لكل أمير منطقة، وعلاقته بالحكومة المركزية، وبالعاملين معه في المنطقة، ويتألف هذا النظام من 76 مادة وينقسم إلى قسمين، القسم الأول يتناول مسؤوليات الأمراء من المواد (1 إلى 27)، والقسم الثاني يتعلق بالمجالس الإدارية وهو ينقسم أيضاً إلى قسمين:

أ- يتضمن القسم الأساسي المواد من (28 إلى 34) وصلاحيات المجالس الإدارية، المواد من (35 إلى 50).

ب - والقسم الآخر يتناول الشؤون الداخلية، ويضم المواد من (51 إلى 76).

ولقد أعطى النظام للحكام الإداريين صلاحيات واسعة ضمن إطار المنطقة، مثل حماية حقوق الأفراد، وممتلكاتهم، والمحافظة على الأمن والنظام.

وكذلك تحصيل الدخل الحكومي للمنطقة، ومراقبة العاملين في المنطقة كمديري الفروع التابعة للوزارات في الحكومة المركزية، والتشاور معهم فيما يفيد المنطقة اقتصادياً واجتماعياً وتنموياً.

إن نظام الأمراء والمجالس البلدية يعتبر في نظر الإداريين القاعدة الأساسية التي بنى عليها المشرع السعودي العمل المحلي لتكون القاعدة المستقبلية للعمل المحلي بصفة عامة. ومن المسؤوليات التي ربطها المشرع السعودي لهذا النظام بالحاكم الإداري تطوير منطقته وتنميتها اقتصادياً، وثقافياً وتعليمياً وصحياً وبيئياً.. أما بالنسبة للمسألة التنظيمية فيرتبط الحاكم الإداري (أمير المنطقة) بوزير الداخلية، وليس للحاكم الإداري التدخل في شؤون الإدارات المختلفة التابعة للوزارات المركزية (الفروع) غير أنه يستطيع التنسيق ويقدم النصيحة لمديري الفروع بالمنطقة أو للسلطات العليا في العاصمة.

ويعتبر الحاكم الإداري ممثلاً للحكومة المركزية في منطقته، وعليه مسؤولية حفظ الأمن والنظام، ويرتبط بالحاكم الإداري، أمراء المدن والقرى، ويشرف الأمير على القطاعات الحكومية (الفروع) بمنطقته في الوقت الذي ليس له سلطة رئاسية على الفروع؛ لأن الأمير مرتبط بوزارة الداخلية وتبعية كل فرع من الفروع الوزارات الموجودة في المناطق للوزارة المركزية.

ونرى أن نظام الأمراء والمجالس الإدارية أعطى المجالس برئاسة الأمراء صلاحيات تمارس كل المهمات ذات الطابع المركزي والمحلي على مستوى المنطقة التي توجد فيها.. ويعتبر هذا التوجه نوعاً من اللامركزية بالقدر الذي يقترب من أسلوب الإدارة المحلية.. غير أن الصورة اللامركزية ظهرت بشكل واضح بصدور نظام المقاطعات عام 1383هـ الذي وضع تقسيماً إدارياً أعطى للسلطة في الأقاليم استقلالاً أكبر.. ولكنه للأسف هذا النظام لم يطبق ولم تصدر لائحته التنفيذية لأسباب عديدة لا مجال لذكرها في هذا المقال!!

أما فيما يتعلق بالمجالس الإدارية، فقد نص النظام على أن يشكل في كل منطقة (مجلس إداري) من أربعة إلى ثمانية أعضاء يجري انتخابهم لمدة عامين، ويرأس المجلس أمير المنطقة وتكون مهمته الإشراف على الشؤون المحلية والبحث في شكاوى المواطنين.

ومن الملاحظ أن مواد النظام من (35 إلى 50) قد تضمنت صلاحيات المجالس. ومهامها كالإشراف على مراقبة تطبيق النظم والتعليمات التي تصدرها الحكومة. والنظر في الشكاوى ضد المسؤولين والنظر في المناقصات، والمقاولات، والأجور والتصديق عليها، والنظر في المشروعات العامة المحلية وموازنات الدوائر ذات الصناديق المستقلة، وعقود المشتريات الحكومية، وكذلك إصدار الرخص للمشاريع الاقتصادية والعمرانية الخاصة بالمنطقة إلى غير ذلك من الإشراف الإداري والمالي بالمنطقة.

وقد بلغت المجالس الإدارية التي تكونت فعلا وبقيت قائمة حتى 13-8-1372هـ سبعة عشر مجلساً. وفي عام 1395هـ صدر قرار مجلس الوزراء 545 الذي حدد الحالات التي يمكن فيها للموظف العام أن يكون عضواً بالمجالس. ومع تطور الأجهزة المحلية الحكومية المركزية، وإيجاد فروع لها تعمل بموجب سياسات وأنظمة محددة قلت أهمية المجالس الإدارية، واقتصر عملها في كثير من الحالات على النظر في موضوعات اختيار رؤساء ونواب العشائر والإشراف على انتخابهم. وتقع المجالس الإدارية في المدن التالية: مكة المكرمة، المدينة المنورة، جدة، الطائف، رابغ، ينبع، الليث، بيشة، القريات، تبوك، الوجه، العلا، أبها، جيزان، ضباء، القنفذة.

لذا يعتبر نظام الأمراء، التقنين الأول لتنظيم الإدارة المحلية، وكان الأساس الذي استند عليه المشرع السعودي في صياغة نظام المقاطعات - كما أسلفت- ونظام المناطق الصادر عام 1412هـ المعدل عام 1414هـ والذي طبق وصدرت لائحته التنفيذية بعد صدوره، ولا زال معمولاً به حتى الآن على خلاف نظام المقاطعات الذي لم يطبق أساساً.. وإذن إدارتنا المحلية بعد توحيد المملكة مورست من خلال نظامين أساسيين هما:

1- نظام الأمراء والمجالس الإدارية الصادر عام 1359هـ.

2- نظام المناطق الصادر عام 1412هـ.

أي بينهما ما يقارب 53 عاماً.. غير أن التسارع الحضاري والتنموي والازدياد السكاني والنمو الاقتصادي والتطور التعليمي والتقني وانضمامنا لمنظمة التجارة العالمية ودخولنا عالم القطاع الخاص، وتماهينا كمجتمع فتي مع الحضارات المجاورة، وسباقنا مع الزمن والآخرين يحتم علينا ألا ننتظر نصف المدة المشار إليها لكي نطور من أنظمتنا الإدارية وخصوصاً في الإدارة المحلية، كما لها أثر كبير في تنمية المناطق، والتوازن المناطقي التنموي على جميع الأصعدة اقتصاداً وإدارة وتعليماً وصحة وغيرها من متطلبات العصر الحديث.. وأظننا سنفعل كعادتنا مع التحديات الكثيرة..!! ومن بينها (نظام المناطق) الذي مضى عليه 17 عاماً!! فهل تفعل!!

أكاديمي متخصص في الحكم المحلي



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد