Al Jazirah NewsPaper Friday  28/11/2008 G Issue 13210
الجمعة 30 ذو القعدة 1429   العدد  13210

أوتار
الرأي والمشورة
د. موسى بن عيسى العويس

 

من حيث لا نشعر نقسو على أنفسنا، ومن حيث لا ندرك نحمل الآخرين على رأيٍ أحادي. نخلط بين النصيحة بوصفها واجبا وطرح الرأي بوصفه ثقافة. أحيانا نقبس بعض الحكم، وشوارد الشعر ونعتبرها محكاً أساسياً في علاقاتنا، بل ونعتقد أنها فاصل لا يمكن تجاوزه فيما لنا أو علينا. أمام هذا الشعور ننسى أن النزعة الإنسانية بثوبيها القديم والجديد لا تعير أي اهتمام بعض النماذج الشعرية، أو بعض الأطروحات التي تشربناها. لا أدري من أي منطلق ودافع من يقول متمثلا:

من لا يشيرك لا تبدي له الشور

ومن لا يودك عيد (عينك) فراقه

وعلى هذا المنوال، إن لم يكن أشد قسوة كذلك من يقول:

أمرتك أمراً حازماً فعصيتني

فأصبحتَ مسلوب الإرادة نادما

فما أنا بالباكي عليك صبابة

وما أنا بالداعي لترجع سالما

فيما لو طلب التفريق بين الرأي والمشورة والنصيحة فأعتقد وبما لا يدع مجالاً للشك أنها ستتداخل علينا التعريفات والمصطلحات، وربما وصلنا إلى أنها من باب مترادفات التعبير.

الإنسان في تشكيله (مجموعة عواطف) يحب، ويبغض، يفرح، ويحزن، يتفاءل، ويتشاءم، ولكل عاطفة سبب، ولكل سبب ردة فعل، لكن ليس معنى ذلك أن نعطيَ شؤون الحياة أكثر مما تستحق ونتخذ من مشكلاتها وسيلة تباغض، أو تناحر، أو تنافر.

سمو الإنسان بأخلاقه، وقيمته تكمن في سداد رأيه، وتقديره في مدى إخلاصه في القول والعمل. ليس من العيب أن تشير على من لا يستشيرك، ولا يعد منقصة عليك حين تسترضي من عاداك، أو تداري من لا تشعر بينك وبينه أدنى مودة. وأجزم أن عوامل المؤاخاة والارتباط بين البشر أكثر من عوامل التباعد. المشكلة الكبرى في اعتقادي إذا عادينا من لم يأخذ برأينا، وتربصنا به، وتمنينا عليه الأماني السيئة، واقتفينا آثاره في كل صغيرة وكبيرة.

بعض الناس قد تستبد به الأنانية وحب الذات حتى في الرأي، والمشورة، والنصيحة الخاصة، وقد يقود اليأس والإحباط عند البعض إلى تجاهل قيم المشورة وواجباتها على من يشير أو يستشير.

من الغريب أن بعض الشخصيات في المجالس الشورية الرسمية يتحوّل رأيه ونقده إلى طرح أشبه بالانتقام، تمتلئ حقداً وغيظاً على المؤسسة التي كان ينتمي إليها، أو لنقل للمؤسسة التي أخرجته وقدمته وأسهمت في صنع تفكيره، بل وربما اتخذ من ذلك وسيلة لتصفية حسابات أو مواقف، وقد يكون من المستقر في ذهنه أنه قادر على تأطير الناس، وحملهم على رأي واحد. الحياة كلمة، والكلمة إذا لم تكن ذات مغزى شريف، ومعنى سام، وهدف نبيل تحولت إلى غثاء. ا - ه

dr_alawees@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7789 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد