Al Jazirah NewsPaper Friday  28/11/2008 G Issue 13210
الجمعة 30 ذو القعدة 1429   العدد  13210
التقى منسوبي الجامعة الإسلامية وأهالي وأعيان المدينة ودشن قناة الجامعة لمكافحة الإرهاب والتطرف
الأمير نايف: المملكة قيادة وشعباً رفضت ما يخالفها من التكتلات الحزبية

المدينة المنورة - مروان قصاص - علي الأحمدي - تصوير - سامي الجهني:

التقى صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية مساء أمس الأول منسوبي الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وأهالي وأعيان منطقة المدينة المنورة وذلك في قاعة المحاضرات الكبرى بالجامعة في المدينة المنورة.

ولدى وصول سمو وزير الداخلية مقر الجامعة يرافقه صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن ماجد بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة وصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن نايف بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير فهد بن نايف بن عبدالعزيز، كان في استقباله معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد بن محمد العنقري ومعالي مدير الجامعة الإسلامية الدكتور محمد العقلا.

وبعد أن أخذ سموه مكانه في الحفل المعد بهذه المناسبة بدأ الحفل بتلاوة آيات من القرآن الكريم ثم ألقى معالي مدير الجامعة الإسلامية كلمة رحب فيها بسمو وزير الداخلية بين أبنائه وإخوانه في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، كما رحب بالحضور والحاضرات عبر الشبكة التلفزيونية المغلقة.

وأبرز أهمية عقد هذا اللقاء التاريخي مع رجل الأمن الأول في المملكة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية.

واستنكر الدكتور العقلا أعمال الفئة الضالة التي تدب على الأرض دون أن تحسن تثمين مال أو استنبات زرع أو تصنيع معدن والتي تسقط أسرى لضلال الفكر والرأي لا يرتد بصرها إلا على مواقع أقدامها فلا تعرف للكون سراً ولا تفقه من السياسة أمراً.

وثمن الدور الجليل الذي قام به ويقوم به رجال الأمن بقيادة سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز نحو استتباب الأمن في بلادنا.

وأعرب عن شكره لسمو أمير منطقة المدينة المنورة على دعمه المتواصل لهذه الجامعة، منوهاً في الوقت ذاته بمتابعة معالي وزير التعليم العالي لكل شؤون وبرامج الجامعة.

بعدها ألقى صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز الكلمة التالية: الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أصحاب السمو والفضيلة والمعالي والسعادة، أبنائي الطلاب والطالبات، أيها الإخوة الحضور.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. إنه لمن دواعي سعادتي وسروري أن أكون معكم في هذا اللقاء المبارك بإذن الله تعالى وفي رحاب هذه الجامعة العريقة التي تحتضن العديد من أبناء الدول الإسلامية لكي ينهلوا من معين المعرفة الإسلامية الصحيحة، ويسهموا في تعريف سماحة الإسلام، وصلاحه في كل مكان وزمان وأنه دستور متكامل ونظام شامل يتلاءم مع الفطرة التي فطر الله عليها الناس أجمعين.

أيها الإخوة..

لقد تعددت المخاطر المحيطة بإنسان هذا العصر حيث أصبح مهدداً في أمنه واستقراره ومقومات حياته ووجوده، وتعالت الأصوات والنداءات محذرة من هذه الأوضاع ومطالبة بتفادي مخاطرها من خلال إعادة النظر في النظام العالمي القائم وإيجاد توازن بين مقومات الإنسان، ولا شك أيها الإخوة أن على المسلمين جميعاً وفي مقدمتهم العلماء وطلبة العلم والدعاة أن يسهموا في حل ما يعترض المجتمع الإنساني من مشكلات وأزمات، فنحن أصحاب رسالة سماوية خالدة مستخلفين في هذه الأرض لعمارتها وإقامة مجتمع بشري يسوده الأمن والاستقرار والعدل والرفاه والسلام وتعريف الآخرين بالمنهج الذي أوصى به الإسلام من خلال الكلمة الطيبة والموعظة الحسنة.

أيها الإخوة..

إن سلامة الإنسان وسعادته في الدنيا والآخرة مرهونة بسلامة فكره ومعتقده، ذلك أن الشخص الذي تزعزعت عقيدته وانحرف فكره سوف يكون عرضة للتيارات الفكرية الضالة التي تقوده إلى الهلاك والضياع وتعرض حياته وحياة مجتمعه لمخاطر عديدة، من ذلك ما أتى به الإسلام حينما تؤثر فئة ممن ينتسبون لهذا الدين ولهذه الأمة من أفكار ووجهات منحرفة تخالف سماحة الإسلام وعدله ووسطيته التي نص عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وسار عليها السلف الصالح رضوان الله عليهم والتزمت بها المملكة العربية السعودية قيادة وشعباً ورفضت ما يخالفها من تلك التكتلات الحزبية وهي التي يكون فيها ولاؤه للحزب أكثر من ما يكون للعقيدة الإيمانية التي لا تفرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى.

أيها الإخوة..

لقد كانت العواقب مؤلمة والإساءة مريرة حينما خرجت الفئة الضالة عن تعاليم العقيدة الإسلامية وقتلوا الأبرياء وانتهكوا حرمات المسلمين وغير المسلمين ودمروا أموالهم وممتلكاتهم ظلماً وعدواناً إساءة الى هذا الدين على النحو الذي يفوق ما كان يحلم به أعداء الدين ومخالفيه. كل ذلك حينما انحرف الاعتقاد لدى الفئة الضالة ممن ينتمون للإسلام والإسلام منهم براء.

أيها الإخوة..

إن موضوع الأمن الفكري الذي أساسه سلامة العقيدة وصلابة الفكر هو موضوع كبير جداً ويتشعب فيه الحديث وتكثر حوله الآراء، ولعلنا من خلال هذا الحوار والنقاش بشأنه معكم في هذا اللقاء المبارك قد نصل به في بعض جوانبه وتكوين تصور أوضح عنه بإذن الله تعالى فمن الكلمة والنقاش قد تتضح الأمور شاكرين ومقدرين لمعالي مدير الجامعة الدكتور محمد بن على العقلا إتاحة هذه الفرصة للالتقاء بكم والتحاور معكم حول هذا الموضوع المهم سائلين الله العلي القدير التوفيق والسداد إنه ولي ذلك والقادر عليه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بعد ذلك فتح باب الحوار بين سمو وزير الداخلية ومنسوبي الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، رأى سموه في مستهله أن الحوار الفكري إذا لم يواجه الفكر بالفكر سيكون هناك نقص في الجهد، لأن المطلوب هو تصحيح الأفكار.

وأضاف: ما زال هناك في وقتنا أفكار متضاربة، علينا أن نتعرف من هم الذين يعملون في هذا المجال؟ وهم شخصيات معروفة ومعروف انتماؤها وفكرها، فإذن وجودها في هذا المجال نستطيع أن نحدد أي فكر تنبعث منه تلك المبادئ والأفكار ثم لا نستبعد أن هناك جهات معادية للإسلام بشكل عام ومعادية لهذه الدولة دولتنا دولة السنة النبوية.

وقال إن دولتنا تنهج بعد كتاب الله نهج السلف الصالح، ونحن دولة سلفية ونعتز بهذا والجميع يعرف ذلك، والسلفية ليست مذهباً والمذاهب معروفة أربعة.. الحنفي، المالكي، الشافعي، والحنبلي، أما ما غيرها فهو نهج والنهج السلفي هو ما علمنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي) ومنهم التابعون وتابعو التابعين فإذن تابعو التابعين هم على نهج السلف الصالح.. إذن لابد أن نوضح هذا الأمر بشكل واضح ونواجه الأمور بحقيقتها ونسندها إلى كتاب الله عز وجل ثم لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم والأحاديث الصحيحة التي لا تقبل الشك، والنهج الصحيح هو الذي يطلب ما عند الله ويريد أن يصلح الدنيا بالإسلام وبالقرآن وبالسنة النبوية وما كان عليه السلف الصالح في النهج والثوابت، أما الأزمنة فهي تتغير وتتمحور حسب ظروفها.. نعم نحن في زمن العلم والتقنية والإسلام يحث على ذلك ولا يمنعه.

وأضاف سموه (إن الدولة السعودية دولة السلف الصالح منذ أن قامت فأول ما اهتم به مؤسس الدولة الأولى الإمام محمد بن سعود هو كتاب الله وسنة نبيه ووضع يده بيد الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب وقال منك العلم ومني نصرة العلم فتعاونا على الحق والتقوى فقامت الدولة السعودية الأولى وحققت وحدة هذه الأمة ولكن هذا لم يرض الآخرين فحاربوها حتى انتهت وبعدها الدولة الثانية التي أسسها الإمام تركي بن عبدالله وكذلك حوربت حتى انتهت وجاءت الدولة الثالثة التي أسسها الملك عبدالعزيز -رحمه الله وجزاه عن الإسلام خيراً- وحد هذه الأمة، وأول ما اهتم به هو توثيق العلم وأدخل العلماء من كل مكان ليفقهوا الناس ويعلموهم أمور دينهم ويصححوا كل أمر خاطئ).

وتابع سموه يقول (أريد أن أقول إن هناك من يقدح في دولتنا ويحمل نهجنا السلفي سلبيات غير موجودة بل مختلقة بل يبحث عن سلبيات تافهة ويضخمها وهذا للأسف نقرأه بين حين وآخر في صحفنا وحتى في بعض القنوات فيجب أن تواجه هذه الأمور بالعلم الصحيح ومن القادرين على الحديث في هذا الأمر وهم فقهاء الأمة).

وواصل سمو وزير الداخلية حواره مع منسوبي الجامعة الإسلامية حيث أجاب سموه على اقتراح قدمته زوجة أحد الشهداء بإنشاء جمعية وطنية أهلية بدعم الدولة لرعاية أسر الشهداء، وقال سموه (نسعى بإذن الله لتوفير معاملة متميزة لأسر الشهداء وسيطبق اقتراحك قريباً).

وأجاب سمو وزير الداخلية على سؤال عن إنشاء مركز وطني للأبحاث لدراسة ظاهرة الإرهاب قائلاً: (إن مركز الأبحاث الدولي لمكافحة الإرهاب طرحه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -أيده الله- أمام ما يقارب من 54 دولة ونتمنى أن يتحقق هذا المشروع قريباً).

وحول إمكانية أن تكون هناك خطة وطنية إستراتجية للقضاء على الأفكار المنحرفة وجميع تبعاتها وإنشاء مركز وطني لهذا الغرض، إجاب سمو الأمير نايف بن عبد العزيز قائلاً: (إن ما تحدثتم به هو أمر يستحق العناية والاهتمام، نعم نحن نعيش الآن وما قبل سنوات وكنت أقول قبل ذلك إننا محتاجون لأمن فكري يواكب بل يتعدى الأمن العام، أما ما تتحدثون عنه فأنا ملتزم بسياسة القيادة ممثلاً بسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده سيدي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وهذه هي سياسة الدولة الأمنية التي اعتمدت فيها بعد الله عز وجل على أبناء هذا الوطن وما يقر الأمن إلا المواطنون وما المواطنون إلا رجال أمن، وكنت أقول دائماً أن المواطن هو رجل الأمن الأول، لا شك أننا بحاجة كبيرة للبحث العلمي والتعمق بمعرفة أسباب وجود هذا الإرهاب ومن يدينون به وأن نصل للحقيقة التي تأتي بالدليل العلمي الموضوعي على ما يمكن أن يقال).

وقال سمو وزير الداخلية: (إن الأفكار والتوجهات الموجودة في عالمنا اليوم والأمس ستبقى ولكن علينا أن نصحح الصحيح ونعرفه لشبابنا وجيل المستقبل وأن نخاف الله أولاً وقبل كل شيء وأن لا نرتكب أخطاء بتمسك بنهج غير إسلامي راجياً أن نكون واضحين في ما يطرح فإن كان هناك حق فلا يدافع عن ذلك الحق إلا بالدليل ونحن محتاجون للأمن بشكل كبير ولكن أقول إن الأمن الفكري مقدم على الأمن بل أكثر منه ونطلب من جامعاتنا جميعها وهذه الجامعة منها أن تهتم بهذا الأمر وخصوصاً جامعة الإمام وجامعة الملك سعود فلقد زرت هذه الجامعات وطلبت منها بحثاً علمياً لماذا انخرط هؤلاء في هذا العمل وكيف يكون العلاج الناجح لهذا الأمر).

وعن سؤال بشأن تشجيع المؤسسات من خلال إنشاء جائزة كبرى عن محاربة الانحراف الفكري تتشرف بحمل اسم سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز ويكون على هامشها بعض الفعاليات كالندوات والدراسات والأبحاث، أجاب سموه قائلاً: (إن هذا الموضوع نوقش والأحق أن تكون الجائزة باسم قائد الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله).

وفي سؤال عن المنتديات التي تعد إحدى الأدوادت المضللة التي يستخدمها أفراد الفكر الضال في محاولة لاستقطاب الشباب والتغرير بهم، وما هي الإجراءات والوسائل المتخذة من قبل وزارة الداخلية للحد من خطورة هذه الأداة ومن ثم تحويلها إلى وسيلة بناء، أجاب سمو وزير الداخلية قائلاً: (إن الإنترنت فيه الخير الكثير وفيه الشر الكثير فمن أراد الخير فليبحث عنه ومن أراد الشر فسيجده ولكن ليس هناك نظام عالمي يمنع حرية القول ولكن يجب أن تكون لنا عقول تميز بين الغث والسمين ويجب أن يكون هناك جهات ترد وتوضح الأفكار الخاطئة وقد قمنا بجهود لكشف هذه الأمور ومن ورائها ومن يتسمون بأسماء كثيرة كما سبق أن أعلناها في القبض على مجموعة ممن يمارسون هذا العمل، على كل حال فهي وسيلة علمية تستعمل في الخير والشر).

وحول لجان المناصحة وجهودها في تصحيح الفكر وإزالة الشبهات مع الموقوفين ممن اعتنقوا او تأثروا بالفكر المنحرف وعن ضرورة إنشاء مركز علمي يعنى بهذا الأمر مع التأكيد على سلامة وحماية من يتجه إليه أسوة بمشافي الأمل، أجاب سموه قائلاً: (إن لجان المناصحة أدت الواجب وحققت الأهداف المرجوة منها ليست فقط لتصحيح الأفكار الموجودة بل هذا يحتاج الى جهد كبير وقد يكون هناك منهم من قد استفاد من لجان المناصحة ولا يستطيع أحد أن يقول هناك شدة أو ضغط أو سوء في التحقيق لأن هؤلاء قابلوا المئات من الأشخاص ورأوا الحقيقة).

وفي ختام اللقاء أكد سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز للحضور عن سروره بمثل هذه اللقاءات وقال: (إن قلوبنا مفتوحة للجميع قبل أسماعنا وسنجيب عن الحقائق).

وشكر سموه معالي وزير التعليم العالي ومعالي مدير جامعة طيبة على تنظيم هذا اللقاء وتمنى سموه التوفيق للجميع. بعدها دشن صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز قناة الجامعة الإسلامية التعليمية الإلكترونية الخاصة بمكافحة الإرهاب والتطرف والانحراف الفكري حيث شاهد سموه عرضاً مرئياً عن القناة ودورها في معالجة بعض الجوانب المتعلقة بالإرهاب الفكري وطرق علاجه.

بعد ذلك كرم سموه أسر شهداء الواجب بالمدينة المنورة حيث قدم لهم مبالغ مالية وهدايا تذكارية عرفاناً للشهداء الذين أبلوا بلاءً حسناً بالذود عن وطنهم الغالي حيث تم تكريم ست أسر من شهداء الواجب وهم أسر كل من الشهداء محمد علي القحطاني ومقبل الحجوري وظافر بن عبدالله النفيعي ومحمد معوض الجابري ونادر بن عواد الشمري وسامي رشدان الجابري.

بعد ذلك استلم سمو وزير الداخلية هدية تذكارية من معالي مدير الجامعة الإسلامية بهذه المناسبة.

ثم تناول الجميع طعام العشاء مع سموه.

إثر ذلك غادر سموه مقر الجامعة مودعاً بالحفاوة والتكريم.

حضر اللقاء والحوار والعشاء معالي الرئيس العام لشئون الحرمين الشريفين الشيخ صالح الحصين ومعالي نائب رئيس مجلس الشورى الدكتور بندر حجار ومعالي نائب الرئيس العام لشئون المسجد النبوي الشريف الشيخ عبدالعزيز الفالح وفضيلة رئيس محاكم منطقة المدينة المنورة الدكتور صالح المحيميد ومديرو الجامعات ووكيل إمارة منطقة المدينة المنورة إبراهيم بن مزيد الخطاف وعدد من المسئولين والمهتمين بموضوع الحوار .




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد