Al Jazirah NewsPaper Friday  28/11/2008 G Issue 13210
الجمعة 30 ذو القعدة 1429   العدد  13210
المدرج الرياضي الملغوم والعنف الأسري
عبدالمحسن الجحلان

استغربت كثيراً للمطالبات التي تبناها العديد من الكُتَّاب الذين نادوا بأهمية إنشاء مدرج خاص بالنساء لحضور المباريات التي تُقام في الملاعب السعودية وحقيقة وأمام تلك المطالبات أعتقد أن من ينادي بذلك هل هو يُطالب بأن تذهب والدته أو أخته أو زوجته للملاعب التي في العادة تحتضن الصالح والطالح والجميع ربما يدخلون في معمعة الحماس الذي يخرج البعض عن طوره.. لا أود الاستطراد حول المدرج النسائي الذي أعتبره موضوعاً محسوماً بحكم عاداتنا وتقاليدنا علاوة على أننا مجتمع محافظ وملتزم بثوابت لا يمكن أن نحيد عنها مستمدة من تشريعنا المتمثل بعدم خلط مثل تلك الأمور التي في العادة تثير قضايا المجتمع بغنى عنها.

الإخوة الذين طالبوا بالمدرج النسائي كنت أتمنى لو أنهم طالبوا بدراسة العنف الأسري الذي يتجسَّد داخل العديد من الأُسر فتقرأ بين الفينة والأخرى أن هذا الأب قتل ابنته بسبب خروجها عن بعض العادات.. وزوج طلق زوجته بعد أن أشبعها ضرباً لأنه لمس أن هناك طريقاً سلبياً سلكته وأشياء وأشياء تحدث داخل بيوتنا السعيدة تحتاج المطالبة بزيادة جرعة المشاكل وامتدادها إلى مساحة من الصعب فك شراكها.. أعتقد أن كل الرياضيين يدركون خطورة تواجد مثل تلك الأشياء.. ولعل أبسط مثال على ذلك حينما تضع مدرسة ثانوية للأولاد تجاورها أخرى للبنات كم ستكون الإشكالات في مثل تلك المواقع.. فكيف بفتيات وسط ميدان وبجوارهم شباب مختلفي الثقافات والتوجهات.. كم ستكون العاقبة.. ديننا الإسلامي حينما وضع العلاج للأشياء كان مسلسل حجب المحظور بأن وضع جانب الوقاية في البداية حيث صنَّف الخمور تحت طائلة المحرم والعلاقة الجنسية أيضاً تدخل تحت تلك المنظومة والهدف الوقاية من الجريمة قبل حدوثها.. ولكن في الأنظمة الوضعية فهي تبيح الأشياء ولا تضع لها حدود من الوقاية.. وحينما يقع المحظور تعاقب عليها وتلك مشكلة كبرى وكما في معنى بيت الشعر (رماني بالبحر وطلب عدم ابتلال ثوبي) فكيف يسمح بإيجاد مدرجات نسائية وسط تواجد كوكبة من الشباب ثم نبحث عن السبل للوقاية من المحظور.. الأمر يحتاج إلى وقفة جادة وتمعن ممن أطلقوا مثل تلك المطالب أو حتى من يسأل عنها فالأمر محسوم.. ويا ليت من يطرح عليه السؤال ذاته هل هو يرضى بتواجد أحد أقاربه داخل المدرجات التي ينادي بتواجدها.. أنا هنا لست ضد المدرج النسائي الذي يكون خاصاً للنساء في ملعب مخصص لتلك الفئة.. فالرياضة للجميع فالشباب يمارسها مع أقرانه والشابة تمارسها مع أقرانها ولكن كلاً في مساحة خاصة.. والتداخل سيحدث اشتباكاً عنيفاً من الصعب وضع قيود له.. واسألوا رجال الأمن -أعانهم الله- كم يواجهون من الصعوبات خلال المباريات قبل وأثناء وبعد المواجهات.. فكيف إذا أدخلنا عنصراً جذاباً للإشكالات فكم من الأمور ستصبح أكثر حدة.. كل الأماني أن ينادي الجميع وتحديداً حملة الأقلام بما يساعد على الهدوء داخل أروقة المجتمع والبيوت التي تقطنها عوائلنا.. ويكفي للفتاة والزوجة أن تتابع الأحداث الرياضية عبر الشاشة أو ما يطرح من آراء في الصحف وفي حدود ضيقة.. وأعتقد أن مدرجها الحقيقي في المطبخ وداخل أعماق منزلها للتعرف على كل الأسرار التي تحدث في البيت فتصفق للجميل.. وتوقف الجانب الذي يخل بأخلاقيات وعادات منزلها سواء من الابن أو الخادمة أو حتى من يدخل للمنزل زائراً فالبيت له حرمته في كل الأحوال.. المرأة هي سيدة المنظومة في ذلك.. والرجل ينتظر النتائج الإيجابية التي تخرج من بيت في ظهور ابن صالح وابنة مشرفة وخادمة ملتزمة وسائق يعرف حدود عمله وكل هذه المنظومة تنطلق من مدرج البيت الذي يقف على منصته الزوج والزوجة وبقية الأبناء الذين يتابعون الأحداث ويسيرون خلفها ويتفاعلون مع نتائجها.

ناقد رياضي (ماجستير دراسات إجتماعية)



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد