Al Jazirah NewsPaper Sunday  07/12/2008 G Issue 13219
الأحد 09 ذو الحجة 1429   العدد  13219
شيئ من
حماس والمآزق المتتالية
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

الوضع في غزة غاية في التدهور على كل الأصعدة. وهو نتيجة متوقعة لوصول (حماس) إلى كرسي السلطة، ومن ثم التشبث بالسلطة مهما كان الثمن. التاريخ علمنا أن الحلول الحضارية تخرج من رحم الألم والشقاء والقهر والمعاناة، والحلول (الديمقراطية) أولها. وفي تقديري أن ما يعانيه فلسطينيو غزة من آلام على كافة المستويات، وبلا استثناء، هو شرط الضرورة الذي سيجعل الناخب الفلسطيني يفكر ألف مرة في من (ينتخب)، ولمن يعطي صوته في المستقبل. السياسة هي دائماً وأبداً (فن الممكن)، ولم تكن في تاريخها فن التحدي والصمود والمكابرة والعناد والتضحية والتصعيد غير المحسوب. قد تبدو كذلك أحياناً وفي فترات قصيرة نسبياً، غير أنها على المدى الطويل لا يمكن أن تكون بهذه الصفة وتنتهي إلى نتائج إيجابية.

لذلك يذهب كثير من المراقبين إلى أن حماس التي ذاق منها أهل غزة الأمرين ستسقط سقوطاً مريعاً في أول انتخابات قادمة بعد أن فشلت حكومتها فشلاً ذريعاً عندما استلمت السلطة. كما يذهب آخرون إلى أن نجاحها في السابق لم يكن بسبب جودتها، وإنما بسبب (سوء) المنافس لها، وتذمر أكثرية الفلسطينيين في الداخل من ممارسات السلطة المتمثلة في (فتح)، وفساد بعض منسوبيها؛ بمعنى أن حماس أتت لأن الناخب الفلسطيني كان أمامه خيارات جميعها سيئة، فظنّ أن الحماسيين هم أفضل السيئين، وعندما جرب، وعانى، وقاسى من حماس، سيعود حتماً إلى الخيار الآخر ليتشبث به.

وحماس التي خاصمت الجميع، وتحدت الجميع، وخلقت الأزمات تلو الأزمات مع كل القوى المؤثرة في الواقع السياسي الفلسطيني، داخلياً وخارجياً، لا يمكن أن تنجح ولا يمكن أن تستمر، مهما كانت التبريرات سواء على المستوى (الأيديولوجي) أو على مستوى التكتيك السياسي النفعي؛ فلا يهم الفرد الفلسطيني الذي صوت لها في السابق مثل هذه المبررات، مثل ما يهتم أولاً وأخيراً بالنتائج التي كانت مجرد (كومة) من الفشل والاخفاقات.

فبعد التصرفات الرعناء التي مارستها حماس مع الحجاج الفلسطينيين، مستغلة هذه الشعيرة المقدسة في الصراع السياسي، انتقلت الأزمة إلى القطاع البنكي في غزة الذي هو عصب كل اقتصاد معاصر، ليصبح (جفاف) السيولة النقدية في بنوك غزة مرشحاً لأن يكون آخر مخرجات أزمات أهل غزة مع حكامهم المؤدلجين. فقد صرح محافظ سلطة النقد الفلسطينية يوم الخميس الماضي: (بأن السيولة النقدية المطلوبة للدخول إلى البنوك في القطاع جاهزة لدى الفروع العاملة في المحافظات الشمالية، وعملياتها اللوجستية جاهزة للتنفيذ أيضا. وتنتظر البنوك قرار السماح لها بالإدخال حيث ستقوم فوراً بصرف رواتب الموظفين في الوقت الذي يسمح الجانب الاسرائيلي فيه بدخول السيولة النقدية اللازمة لذلك حتى لو تم ذلك في يوم العطلة الرسمية أو إجازة العيد حيث ستفتح البنوك حينها بوابها لتمكين الموظفين والمواطنين من استلام رواتبهم).

ولأن السياسة - كما قلت آنفاً - هي فن الممكن، ولأن حماس لا تعرف من (الممكن) إلا الجعجعة، والتصاريح، وبيع الشعارات، واتهام الآخرين، عاش المواطن الفلسطيني في القطاع أسوأ مراحل تاريخه على الإطلاق، وليتذكر (الناخب) الفلسطيني في غزة المثل العربي الذي يقول: (يداك أوكتا وفوك نفخ).

ملحق على جنب:

المعلق الفضائي المعروف الأخ يحيى النجيمي علق على مقالي (حقوق المرأة وحرية الاختيار) برد نشره في عزيزتي الجزيرة يوم أمس. أحيل المذكور إلى خطاب معالي الأستاذ تركي بن خالد السديري رئيس هيئة حقوق الإنسان، والموجه إلى كاتب هذه السطور حول الموضوع، والمنشور في عزيزتي الجزيرة يوم الثلاثاء 27 ذي القعدة 1429هـ. وسيجد فيه ما هو كفيل بتوسيع أفقه جزاه الله خيراً.

إلى اللقاء.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6816 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد