Al Jazirah NewsPaper Sunday  14/12/2008 G Issue 13226
الأحد 16 ذو الحجة 1429   العدد  13226
شيء من
كيف كنا وكيف أصبحنا!
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

التاريخ كما جاء في الخبر كان (يوم الأربعاء 19 جمادى الأولى 1393هـ - 20 يونيو 1973م). والمانشيت كما جاء في جريدة الجزيرة وقتها في عددها رقم 629: (على أنغام الفوز تعانق الفن والصحافة في أول لقاء من نوعه؛ سمو الأمير فيصل يرعى حفل (الجزيرة) ويرأس الاحتفال الكبير). أما المناسبة السعيدة فقد كانت: (احتفالا بمباراة (ودية) أقيمت بين فريقي الصحفيين والفنانين ومنتخب المملكة للناشئين آنذاك). الحفل كان حفلا غنائيا ساهرا، اشترك فيه كما جاء في الخبر: (عبدالعزيز الراشد ومن ثم عودة العودة، فعلي التمامي الذي أدى فصولا ضاحكة، ومن ثم لعبة (أيوه ولا) اشترك فيها راشد الراشد وراشد الحمدان وجلال أبو زيد وعثمان العمير وعلي التمامي وأدارها الزميل غالب كامل. وكان غالب كعادته ناجحا في إدارة الحوار واتسم بالخفة وأدى لطفي زيني منلوجا رياضيا استحق التصفيق. ومن ثم غنى سعد إبراهيم أغنيتين وغنى عودة سعيد ومن ثم قام الفنان الناشئ علي السالم بأداء مادة رياضية مقلدة. وغنى عبادي أغنيتين، ومن ثم غنى عبدالقادر حلواني أغنية أيضا. بعد ذلك أنهى الحفل طارق عبدالحكيم بأغنية (أبكي على ما جرى لي يا هلي).

هذا الحفل - أيها السادة - أقيم في (الرياض) قبل قرابة الثلث قرن من الزمن، وليس في القاهرة أو بيروت؛ وكان الحفل على شرف سمو الأمير فيصل بن فهد - رحمه الله - إضافة إلى نخبة من (علية) القوم وكبرائهم، من بينهم فضيلة الشيخ عبدالعزيز المسند الفقيه المعروف - رحمه الله - الذي شارك القوم في حضور الحفل الغنائي بابتسامة عريضة - كما يظهر في الصورة - بكل رحابة صدر، وفكر متفتح و(متسامح) كما عرف عنه- رحمه الله-. ولك أن تتساءل اليوم هل تجرؤ جريدة الجزيرة، أو أي مؤسسة صحفية أخرى، على إقامة مثل هذا الحفل الغنائي؟ ثم هل سيجرؤ موظف صغير في أي دائرة من الدوائر الشرعية، وليس فقيها في حجم الشيخ المسند، على حضور الحفل، ويسمح لأن تلتقط له صور، دون أن يطالب المتزمتون بإقصائه، و(تأنيبه)، لأنه مس (الثوابت)، وشارك في حفل لا تقره شريعة الله، وتأباه قيمنا وتقاليدنا الإسلامية الأصيلة؟

الفرق بين (كيف كنا) و(وكيف أصبحنا) هو الفرق بين التسامح والتشدد، وهو ذات الفرق بين الانفتاح والانغلاق. في الماضي كان التسامح شعارا وممارسة على أرض الواقع، اليوم أصبح التسامح مجرد (مقولة) تتردد على شفاه بعض طلبة العلم، لكن (الواقع) الذي نعيشه لا يعرف من التسامح وسعة الصدر وترتيب الأولويات بتقديم الأهم فالمهم، إلا الممانعة والتشنج والتشنيع وترسيخ الأحقاد بين فئات المجتمع.

هذا الخبر الذي كان حدثا (عاديا) في ماضينا القريب يقول الكثير، ويختصر الكثير، ويشير إلى مأساتنا التي نعيشها نحن السعوديين عندما يصبح التشدد هو (العنوان) الكبير للإسلام، وفي المقابل يتراجع (التسامح) ليصبح في الخطاب الديني المعاصر (تمييعا) لتعاليم الإسلام كما يردد المتزمتون.

إلى اللقاء.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6816 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد