* ما هي القرنية.. ومم تتكون؟
- القرنية هي ذلك الجزء الدائري الشفاف الذي يقع في مقدمة العين ويغطي القزحية وهو الجزء الدائري الملون في مقدمة العين، كما يغطي بؤبؤ العين وهو الثقب الموجود في منتصف القزحية. ويجب أن تكون القرنية في حالة طبيعية حتى تحتفظ بشفافيتها. وتتكون القرنية من خمسة طبقات، طبقة خارجية مهمتها حماية القرنية من المؤثرات الخارجية، يليها طبقة رقيقة تسمى طبقة (بومان)، أما الطبقة الوسطى وهي المكون الرئيسي للقرنية فإنها تتكون من خيوط مصنوعة من مادة الكولاجين وهذه الطبقة تمثل حوالي 80% من سماكة القرنية وهي التي تحافظ على تماسك القرنية، تلي ذلك طبقة تسمى طبقة (ديسمت) وهي طبقة رقيقة ملتصقة بالطبقة الأخيرة والخامسة من القرنية والتي تتكون من طبقة طلائية تقوم بالمحافظة على شفافية القرنية وذلك عبر مضخات فسيولوجية تمتص السوائل من أنسجة القرنية.
* ما هو مفهوم زراعة القرنية؟
- هناك مجموعة من الأمراض تصيب طبقات القرنية العلوية مثل: القرنية المخروطية، وبعض أمراض القرنية الوراثية، أو بعض ندب القرنية، وهناك بعض الأمراض التي تصيب الطبقات السفلية من القرنية مثل: ارتشاح القرنية بعد عمليات الماء الأبيض المعقدة، وقد يصل المرض درجة تستدعي استبدال القرنية بقرنية أخرى سليمة تأخذ من شخص آخر متوفى حديثاً ومجرى عليها اختبارات دقيقة لتحديد سلامتها وخلوها من الأمراض المعدية ومحفوظة في وسط يحافظ عليها لمدة لا تزيد عن شهر، وهو ما يسمى (زراعة القرنية الكاملة). ولقد تطورت عمليات زراعة القرنية في السنوات الأخيرة بحيث أصبح بالإمكان زراعة جزء من القرنية سواء الجزء الأمامي أو الخلفي بحسب الجزء المراد استبداله في القرنية المريضة.
ومن بين كل أنواع جراحات زراعة الأعضاء (القلب- الرئة- الكلى) فإن زراعة القرنية هي أكثر تلك الجراحات انتشاراً ونجاحاً، حيث تتمتع زراعة القرنية بنسبة نجاح عالية قد تفوق نجاح زراعة أي عضو أخر من أعضاء الجسم.
* ما هو دور الإنتراليز أو المشرط الضوئي؟
- استخدام جهاز الإنتراليز أو المشرط الضوئي (ليزر الفيمتو ثانية) يمكننا من قطع الجزء المريض من القرنية بدقة فائقة واستبداله بجزء سليم وبالتالي تفادي مضاعفات الرفض والمضاعفات الجراحية التي قد تحدث مع الزرع الكامل للقرنية. كما أن القطع الناتج هو قطع متساو وذو سماكة واحدة، وذلك بعكس المشرط الآلي، والذي تكون السماكة الناتجة عن القطع به غير متساوية وغير دقيقة، بالإضافة إلى ذلك فإن قطع القرنية بدقة ميكروسكوبية لا تتاح لليد البشرية ومع استخدام مواد تستعمل كغراء حيوي ربما تغنينا عن استخدام الغرز في المستقبل القريب مما يبشر بالتخلص من مشاكل الاستيجماتيزم (Astigmasim) التي تحدث بعد زراعة القرنية الكاملة بالطريقة التقليدية.
وتتخلص فكرة عمل المشرط الضوئي بإطلاق نبضة ليزر صغيرة جداً مقدارها لا يتعدى عدة مايكرونات من أشعة الليزر تحت الحمراء ولمدة قصيرة جدا مقدارها فيمتوثانية (Femtosecond على مليون المليار جزء من الثانية)، ورغم قوة طاقة نبضة الليزر تلك إلا أن تسليطها داخل القرنية لهذه المدة القصيرة يجعلها تتحول إلى فقاعة دقيقة تقوم بفصل الأنسجة عن بعضها البعض دون أن تحدث أية أضرار للأنسجة المجاورة.
* كيف كانت بدايات زراعة القرنية؟
- كانت البدايات في فرنسا، وكانت عدسة زجاجية مستديرة تحل محل الجزء المستأصل من القرنية، ثم تلاها الاعتماد على قرنية الحيوانات في الولايات المتحدة الأمريكية، أما أول زراعة للقرنية البشرية والتي عكست النجاح لأول مرة في استبدال القرنية المعتمة بقرنية بشرية سليمة، كان في عام 1945م على يد الجراح (إدوارد زيوم)، وتوالت النجاحات بتقدم الوسائل التكنولوجية الحديثة المساعدة في زراعة القرنية.
* كيف يمكن أن تؤثر حالة القرنية على الرؤية؟
- حتى تكون الرؤية جيدة يجب أن يتوفر عاملان مهمان في القرنية:
1- أن تكون القرنية شفافة تماماً.
2- أن تكون ذات سطح مستوي الكروية.
وحيث إن القرنية تشكل أكثر من 66% من قوة تركيز الضوء في العين فإن أي مؤثر يؤثر على هذين العاملين أو أحدهما فإنه يؤثر على جودة الرؤية بالعين.
* ما هي دواعي زرع القرنية؟
- تظهر ضرورة زراعة القرنية في حالات منها:
- بعض الأمراض الوراثية المسببة لعتامة القرنية.
- القرنية المخروطية (زيادة تحدب القرنية).
- ندب القرنية الناتجة من العدوى الفيروسية أو الإصابات.
- رفض الجسم للقرنية بعد جراحة سابقة لزراعتها.
- تجعد القرنية بسبب إصابتها.
- ارتشاح القرنية بسبب ضعف الخلايا المبطنة للقرنية.
* كيف تتم زراعة القرنية؟
- قبل الجراحة:
بعد قرار الطبيب وموافقة المريض على إجراء زرع للقرنية يتم التنسيق لتوفير قرنية سليمة من شخص سليم لا يعاني أي أمراض معدية مثل الالتهاب الكبدي أو الإيدز.
يوم الجراحة:
يحضر المريض المستشفى صباح يوم الجراحة، والجراحة في حد ذاتها غير مؤلمة وتجرى تحت تخدير موضعي أو كامل وذلك حسب عمر المريض وحالته الطبية. وعند زراعة القرنية تتم إزالة جزء دائري من وسط القرنية المريضة ويتم استبداله بجزء مشابه من القرنية الجديدة، حيث يقوم الطبيب بواسطة الميكروسكوب الجراحي بأخذ القياسات اللازمة لتحديد مساحة جزء القرنية المراد قطعها من عين المريض ومساحة جزء القرنية المراد زراعتها، وبعد ذلك يتم قطع القرنيتين سواء بالمشرط الجراحي المخصص لذلك أو باستخدام ليزر الفيمتوثانية وهو الأدق في هذه الحالات.
بعد ذلك يتم تثبيت القرنية المزروعة في عين المريض باستخدام خيوط جراحية مصنوعة من النايلون قطرها أقل من قطر رمش العين، وبذلك تكون انتهت العملية تقريباً، بعدها تغطى العين ويخرج المريض من غرفة العمليات.
بعد الجراحة:
يمكن للمريض الذهاب لمنزله في نفس يوم الجراحة بعد قضاء فترة بسيطة في غرفة الإفاقة، ويجب أن يحضر المريض شخصاً آخر معه ليصحبه للمنزل، ثم يتم تحديد موعد في اليوم التالي للجراحة مع الطبيب لفحص حالة المريض، ويجب على المريض اتباع الآتي:
- استعمال قطرات العين حسب وصف الطبيب والتي تساعد القرنية على الالتئام وعلى عدم رفض الجسم للقرنية الجديدة.
- عدم فرك العين أو الضغط عليها.
- استعمال مسكن للألم عند الحاجة.
- يمكن ممارسة النشاط الطبيعي ما عدا الحركات العنيفة.
- ارتداء نظارة أو غطاء للعين حسب وصف الطبيب
وتظل الغرز في العين عادة لمدة سنة ويقرر الطبيب إزالتها من عدم إزالتها حسب حالة المريض.
* ما هي المضاعفات التي يمكن أن تحدث؟
- على الرغم من نسب النجاح الكبيرة في زراعة القرنية، إلا أن احتمالية وجود بعض المضاعفات والآثار الجانبية وارد الحدوث مثل:
1- رفض مناعي للقرنية المزروعة بنسبة 5 -30% ويظهر ذلك في صورة عتامة القرنية وتدهور الرؤية، ويمكن بالعلاج الصحيح وقف رفض الجسم للقرنية في معظم الحالات، وتأتي العلامات التحذيرية لرفض الجسم للقرنية في صورة:
إحساس بالضيق وعدم الراحة في العين، وألم متزايد بالعين، وحساسية العين للضوء، وإحمرار متزايد في العين، وتدهور الرؤية وتناقص في حدة الإبصار.
وإذا استمرت الأعراض لأكثر من 6 ساعات، لابد من اللجوء الفوري للطبيب حيث يمكن تصحيح الرفض بدواء إذا تم اكتشاف الأعراض في مرحلة مبكرة.
وكل هذه المضاعفات يمكن علاجها ومعظمها يمكن أن يتراجع بالمعالجة الدوائية المناسبة لكن تبقى نسبة قليلة (5%) يكون الرفض فيها شديداً ويحتاج إلى تبديل القرنية المزروعة بقرنية جديدة.
كما يمكن إعادة زرع قرنية جديدة بنجاح، ولكن نسبة رفض الجسم للقرنية المزروعة للمرة الثانية تكون أعلى من المرة الأولى.
والجدير بالذكر أن الغالبية العظمى من المرضى الذين أجريت لهم زراعة القرنية كانوا سعداء لتحسن قدرتهم على الرؤية بشكل واضح.
2- انحلال بعض الخيوط وتظهر أعراضها بإحساس جسم غريب في العين وتدميع.
3- حدوث التهابات في حالات قليلة.
4- 50% من المرضى الذين يجرون زرع قرنية يحتاجون إلى نظارات بعد الزراعة للحصول على رؤية ممتازة.
* ما هي درجة أمان زراعة القرنية؟
- نسب نجاح إجراء جراحة زراعة القرنية صارت عالية مقارنة بالماضي، فالتقدم التكنولوجي في صناعة الخيوط والتي أصبحت أقل سمكاً من شعر الإنسان، بالإضافة إلى استخدام المجهر الجراحي الذي يضمن الرؤية الواضحة للجراح ساعدت في نجاح زراعة القرنية.
وأخيراً.. تختلف نسبة نجاح عملية زراعة القرنية بحسب الحالة المراد زراعة القرنية لها، فمثلاً في حالات القرنية المخروطية تصل نسبة النجاح إلى أكثر من 90%.